غارات عنيفة وقصف عشوائي تركي على منطقة الجزيرة.. والاعتداءات تتركّز على البنى التحتية سورية تحمّل بعض التنظيمات الكردية مسؤولية ما يحصل: مصممون على التصدّي للعدوان فرنسا وبريطانيا وألمانيا تدعو لعقد جلسة لمجلس الأمن.. إيطاليا: العدوان يزعزع استقرار المنطقة
في خرق فاضح وواضح لكل المواثيق والأعراف الدولية، وانتهاك لقرارات مجلس الأمن الدولي، التي تؤكّد جميعها على احترام وحدة وسلامة وسيادة سورية، بدأ النظام التركي عدواناً على منطقة الجزيرة، وشن غارات مكثّفة وقصف مدفعي عنيف وعشوائي على مدينة رأس العين بريف الحسكة الشمالي الغربي، وتركّزت الاعتداءات على قرية علوك ونستل والعزيزية ومدرسة العزيزية وبئر نوح والأسدية ومشرافة والصوامع، وامتد العدوان إلى بلدتي عين عيسى وتل أبيض بريف الرقة، فيما أضرمت ميليشيا “قسد” النيران في بعض آبار النفط بريف الحسكة الشمالي، في ظل حركة نزوح كبيرة للأهالي، فيما أشارت مصادر إلى أن خمسين إرهابياً من “داعش” شنّوا هجوماً منسّقاً للسيطرة على قاعدة الباسل وسط مدينة الرقة.
يأتي ذلك فيما أدانت سورية بأشد العبارات النوايا العدوانية للنظام التركي والحشود العسكرية على الحدود السورية، مؤكّدة أنها تشكل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي، ومجددة تصميمها على التصدّي للعدوان التركي بكافة الوسائل المشروعة، فيما أجمع أهالي الحسكة على ضرورة فك ارتباط التنظيمات الكردية مع أمريكا، والعودة إلى العقل والمنطق والمكان الصحيح الذي هو الوطن، والتعاون مع الجيش العربي السوري في التصدي للعدوان.
وفي التفاصيل، لفتت مصادر إلى إقدام قوات النظام التركي على قصف جوي ومدفعي عشوائي ومكثّف على الصوامع والبنى التحتية في مدينة رأس العين، وشمل مواقع لميليشيا “قسد” الانفصالية في قرى المشرافة وخربة البنات والأسدية وبير نوح وعلوك ونستل والعزيزية ومدرسة العزيزية في محيط المدينة، بالتوازي مع قصف بسلاح المدفعية طال بلدة عين عيسى بمنطقة تل أبيض في ريف الرقة الشمالي.
وركّزت قوات النظام التركي قصفها على البنى التحتية، مستهدفة خط كهرباء محطة مياه علوك بريف رأس العين، والذي يغذي مدينة الحسكة، وسد المنصورة في محيط مدينة المالكية شمال شرق المدينة، والذي يوفّر مياه الشرب لمليوني شخص.
وبدأ العدوان التركي بالاتساع، حيث استهدف بسلاحي المدفعية والطيران تل جهان وقرية زورافة بالقحطانية والاسماعيلية وخراب رشك والمالكية والصالحية والجارودية والدرباسية بريف محافظة الحسكة، فيما أفادت مصادر محلية باستشهاد مدنيين اثنين من أهالي قرية تل ذياب وإصابة 4 أطفال في محيط بلدة الدرباسية بريف رأس العين شمال غرب الحسكة جراء العدوان التركي.
كما استهدف العدوان التركي بالمدفعية قرية الجارودية بمنطقة المالكية، فيما أضرمت ميليشيا “قسد” الانفصالية النيران في بعض آبار النفط بريف الحسكة الشمالي، بالتوازي مع قيامها بإشعال الإطارات في معظم أحياء مدينة رأس العين وإحراق الوثائق في مقراتها بالمدينة.
ولاحقاً أوقف جيش النظام التركي القصف المدفعي والجوي على كامل الشريط الحدودي، وبدأ بإزالة عدد من الكتل الاسمنتية من الجدار الفاصل على الحدود، فيما يشير إلى احتمال عدوان بري.
وأفاد مراسل سانا باستشهاد ثلاثة أطفال وامرأة جراء سقوط قذيفة للعدوان التركي على أحد المنازل في حي البشيرية بمدينة القامشلي، مشيراً إلى أنه لا صحة عن توغّل قوات النظام التركي داخل مدينة تل أبيض بريف الرقة الشمالي.
سياسياً، قال مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين: “تدين الجمهورية العربية السورية بأشد العبارات التصريحات الهوجاء والنوايا العدوانية للنظام التركي والحشود العسكرية على الحدود السورية، التي تشكّل انتهاكاً فاضحاً للقانون الدولي وخرقاً سافراً لقرارات مجلس الأمن الدولي، التي تؤكّد جميعها على احترام وحدة وسلامة وسيادة سورية”، وأضاف: “إن السلوك العدواني لنظام أردوغان يُظهر بجلاء الأطماع التوسعية التركية في أراضي الجمهورية العربية السورية، ولا يمكن تبريره تحت أي ذريعة، وما يدعيه النظام التركي بخصوص أمن الحدود يكذبه إنكار هذا النظام وتجاهله لاتفاق أضنة، الذي يمكن في حال احترام والتزام حكومة أردوغان به من تحقيق هذا الشيء”.
وتابع المصدر: إن الجمهورية العربية السورية تحمّل بعض التنظيمات الكردية مسؤولية ما يحصل نتيجة ارتهانها للمشروع الأميركي، وقد سبق تنبيهها مراراً خلال اللقاءات التي عقدت معها إلى مخاطر هذا المشروع، وألا يكونوا أدوات في خدمة السياسة الأميركية ضد وطنهم، إلا أن هذه التنظيمات أبت إلا أن تكون أدوات بيد الغرباء، وشدّد على أن الجمهورية العربية السورية إذ تعيد التأكيد على حرمة وسيادة وسلامة أراضيها فإنها تجدّد التصميم والإرادة على التصدي للعدوان التركي بكافة الوسائل المشروعة، وتشدّد على أنها على استعداد لاحتضان أبنائها الضالين إذا عادوا إلى جادة العقل والصواب، بما يضمن الحفاظ على سلامة ووحدة سورية، أرضاً وشعباً.
وختم المصدر تصريحه بالقول: إن سورية تُذكر أنه في حال أصر نظام أردوغان على الشروع بعدوانه فإنه يضع نفسه بمصاف المجموعات الإرهابية والعصابات المسلحة، ويفقده بشكل قاطع موقع الضامن في عملية أستانا، ويوجّه ضربة قاصمة للعملية السياسية برمتها.
وفي السياق نفسه، أكد عدد من الأدباء والمفكرين والأكاديميين أن عدوان النظام التركي على الأراضي السورية خرق فاضح وواضح لكل المواثيق الدولية، ويكشف حجم أطماع المستبد العثماني وحزبه وحكومته، مشدّدين على أن الشعب السوري سيقف في مواجهة هذا العدوان، وأشاروا إلى أن الأعمال التي يقوم بها النظام التركي تندرج تحت بند العدوان العسكري، الذي يترافق مع صمت دولي يوضّح تواطؤ عدد من الدول الكبرى مع هذا العدوان، غير الشرعي وغير القانوني، والذي يصب في خدمة الأجندة الصهيونية، وشدّدوا على أن الشعب السوري لم ولن يتوانى لحظة واحدة في الدفاع عن كل شبر من أراضيه.
بوتين: ضرورة احترام
سيادة سورية ووحدة أراضيها
دولياً، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ضرورة احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها.
وأعلن الكرملين أن بوتين شدّد، خلال اتصال هاتفي مع رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان، على ضرورة احترام سيادة سورية ووحدة أراضيها وسلامتها الإقليمية، وعدم تعريض الجهود الرامية إلى حل الأزمة في سورية للضرّر.
دول أوروبية تدعو
النظام التركي إلى وقف عدوانه
إلى ذلك، دعا رئيس المفوضية الأوروبية جان كلود يونكر النظام التركي إلى وقف عدوانه على سورية، وقال أمام البرلمان الاوروبي: “أدعو تركيا وغيرها من الأطراف الفاعلة لضبط النفس”، مندداً بمخططات النظام التركي لإقامة ما يسمى “منطقة آمنة” في شمال سورية، بقوله: “إذا كانت خطط تركيا تتضمن إقامة ما يسمى منطقة آمنة فعليها ألا تتوقّع أن يدفع الاتحاد الأوروبي أي أموال في هذا الشأن”.
كما أدان وزير الخارجية الألماني هايكو ماس بقوة العدوان التركي، مؤكداً أنه يزيد من زعزعة استقرار المنطقة ويقوي تنظيم “داعش” الإرهابي، وقال في بيان: “إن تركيا تخاطر بمزيد من زعزعة الاستقرار في المنطقة وعودة نشاط تنظيم “داعش”.. والهجوم التركي قد يؤدي إلى كارثة إنسانية جديدة وأيضاً تدفقات جديدة للاجئين”، وأضاف: “ندعو تركيا لوقف عمليتها والسعي لتحقيق مصالحها الأمنية بطريقة سلمية”.
من جهته، أكد رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي أن العدوان التركي يزعزع استقرار المنطقة ويلحق الضرر بالمدنيين، فيما صرّحت، إميلي دو مونشالان، وزيرة شؤون الاتحاد الأوروبي، إن فرنسا وبريطانيا وألمانيا دعت لعقد جلسة بمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
وفي وقت سابق، أكد المفوض الأوروبي لشؤون الهجرة ديميتريس أفراموبولوس أن الاتحاد الأوروبي ملتزم بوحدة وسيادة وسلامة الأراضي السورية، وقال، تعليقاً على شن نظام أردوغان عدواناً على الأراضي السورية، “إن الاتحاد الأوروبي يدعو إلى وقف جميع الأعمال العدوانية.. وحماية المدنيين في سورية”.
وأشار وزير خارجية لوكسمبورغ، المكلف ملف الهجرة جان أسيلبورن، أن نتائج العدوان ستطال أوروبا عبر موجة جديدة من اللاجئين والمهجّرين، فيما حذّر رئيس الحكومة التشيكية، اندريه بابيش، أن تداعيات العدوان الخطيرة ستطال الدول الأوروبية أيضاً، معتبراً أن الأولوية يجب أن تُعطى للمحادثات ولحل الأزمة في سورية بالطريقة السلمية.
من جهته، دعا وزير الخارجية التشيكي توماش بيترجيتشيك النظام التركي إلى احترام التزاماته المتأتية من القانونين الدولي والإنساني، وأعرب عن خشيته من أن يؤدي إنشاء ما يسمى بالمنطقة الآمنة إلى تدهور الأوضاع، مجدّداً دعم بلاده للحل السياسي للأزمة في سورية، ورأى أن تشكيل لجنة مناقشة الدستور يعطي الأمل بدفع المسار السياسي لحل الأزمة في سورية سياسياً ودبلوماسياً، بالتوافق مع قرارات مجلس الأمن الدولي، الأمر الذي سيسمح بالبدء بإعادة الإعمار والعودة الجماعية للمهجرين السوريين إلى بلادهم.
إلى ذلك، أكدت رئيسة لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان السلوفاكي كاتارينا سيفالفايوفا أن قيام النظام التركي بشن عدوان على الأراضي السورية سيمثّل ليس فقط خرقاً فاضحاً للسيادة الوطنية السورية وإنما يمثّل أيضاً خطراً وجودياً على مئات الآلاف من المواطنين السوريين الذين يقيمون في هذه المناطق، ودعت القوى الكبرى للضغط على النظام التركي لمنعه من مواصلة عدوانه، مشيرة إلى أن عدم ردع هذا النظام “سيقوي رغبة رئيسه رجب طيب أردوغان للتوسع في المنطقة”، وشدّدت على ضرورة بذل كل الجهود من أجل تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة، محذّرة من تداعيات خطيرة للتصرفات غير العقلانية والاستفزازية التي ينتهجها النظام التركي.
واستدعت وزارة الخارجية الهولندية سفير النظام التركي في أمستردام احتجاجاً على هذا العدوان، ودعت تركيا إلى عدم مواصلة السير في الطريق الذي تسلكه، فيما أكدت رئيسة الوزراء الدانماركية ميت فريدريكسون “أشعر بقلق شديد إزاء الهجوم التركي على الأراضي السورية”، مضيفة: “هذا القرار مؤسف وخاطئ وقد تكون له تداعيات خطيرة على المدنيين وجهود محاربة تنظيم “داعش” الإرهابي”.
من جهته أعرب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيرس عن قلقه إزاء العدوان التركي على الأراضي السورية، داعياً النظام التركي إلى احترام ميثاق الأمم المتحدة والقانون الإنساني الدولي وحماية المدنيين والمناطق السكنية بما يتوافق مع القانون الدولي، فيما طالب زعيم الكتلة البرلمانية النمساوية عن الحزب الاشتراكي أندرياس شيدر الحكومة النمساوية بالعمل على اتخاذ إجراءات حاسمة جراء العدوان التركي على الأراضي السورية في إطار العمل مع الاتحاد الأوروبي، “بدءاً من العقوبات حتى الوقف النهائي لمفاوضات انضمام تركيا إلى الاتحاد الأوروبي”.
إلى ذلك دعت جورجا ميلوني زعيمة حزب التحالف الوطني “أخوة إيطاليا” إلى فرض عقوبات من قبل الاتحاد الأوروبي على النظام التركي، فيما أكد مارتن شردفوان، المسؤول في حزب اليسار، وهانا نيومان، المسؤول في حزب الخض، أن “الهجوم التركي على سورية انتهاك للقانون الدولي، وما نحتاجه الآن هو إدانة واضحة له ووقف تصدير الأسلحة إلى تركيا”، في وقت هدّد سياسي في حزب الاتحاد الاجتماعي المسيحي بالبرلمان الأوروبي النظام التركي بعقوبات اقتصادية على خلفية عدوانه على الأراضي السورية وانتهاك معاهدة اللاجئين مع الاتحاد الأوروبي.
إيران: يعقّد الوضع في المنطقة
كما جدّد المساعد الخاص لرئيس مجلس الشورى الإسلامي الإيراني للشؤون الدولية حسين أمير عبداللهيان رفض بلاده للعدوان العسكري الذي يقوم به النظام التركي على سورية، مؤكداً أنه يعقد الوضع في المنطقة ويقوض الأمن فيها، وقال، في تغريدة على موقع تويتر، إن سبيل تأمين الحدود هو احترام السيادة الوطنية والتفاوض والاتفاق، مشيراً إلى أن النتيجة المباشرة للعدوان في المنطقة هي تصعيد الأزمة وخلق موجة جديدة من اللاجئين وتزايد الإرهاب.
مصر: يُهدّد الأمن والسلم الدوليين
عربياً، أدانت مصر بأشد العبارات العدوان التركي، داعية إلى الحفاظ على سيادة سورية ووحدة شعبها وسلامة أراضيها، وقالت الخارجية المصرية في بيان: “إن تلك الخطوة تمثل اعتداء صارخاً غير مقبول على سيادة دولة عربية شقيقة استغلالاً للظروف التي تمر بها والتطورات الجارية، وبما يتنافى مع قواعد القانون الدولي”، وأكد البيان مسؤولية المجتمع الدولي، ممثّلا بمجلس الأمن، في “التصدي لهذا الوضع بالغ الخطورة الذي يهدد الأمن والسلم الدوليين ووقف أي مساع تهدف إلى احتلال أراض سورية أو إجراء هندسة ديموغرافية لتعديل التركيبة السكانية في شمال سورية، وحذّر من تبعات العدوان التركي على وحدة سورية وسلامتها الإقليمية أو مسار العملية السياسية فيها وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254.
في هذه الأثناء أعلن دبلوماسيون أن مجلس الأمن الدولي سيعقد جلسة مغلقة اليوم بشأن العدوان التركي على الأراضي السورية، ونقلت رويترز عن الدبلوماسيين قولهم: إن جلسة المجلس الذي يضم في عضويته 15 دولة تأتي بطلب من أعضاء أوروبيين هم بريطانيا وفرنسا وألمانيا وبلجيكا وبولندا.
لبنان: عدوان على دولة عربية شقيقة
من جانبها أدانت وزارة الخارجية والمغتربين اللبنانية العدوان التركي على الأراضي السورية، مشددة على وحدة وسلامة الأراضي السورية، وأكدت في بيان أن العدوان التركي هو “عدوان على دولة عربية شقيقة واحتلال لأرضها وتعريض أهلها للقتل والتهجير”، ودعت سلطات النظام التركي إلى إعادة النظر بعدوانها، وحثتها على العمل مع الدول المعنية لإعادة الاستقرار إلى سورية وتطبيق القرارات الدولية ذات الصلة.