جونسون يواجه تمرّداً جديداً في حكومته
يبدو موقف رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اليوم عارياً أمام الحقائق والتطورات على الساحة البريطانية، فبعد أن وقع في شرّ أعماله بمحاولة كتم صوت البرلمان وإيقاف عمله في الفترة التي تسبق موعد بريكست المقرر في 31 تشرين الأول، كانت المحكمة العليا في المرصاد وأفشلت مخططاته، ليصعد إلى المشهد الأخير تمرّد جديد في حكومة جونسون، ولا سيّما مع اتجاه مجموعة من الوزراء للاستقالة لمخاوف من أنه يقود البلاد في اتجاه الخروج من الاتحاد الأوروبي دون اتفاق. ويدرس موضوع الاستقالة في حالة “بريكست بلا اتفاق” كلّ من وزيرة الثقافة نيكي مورجان ووزير شؤون أيرلندا الشمالية جوليان سميث ووزير العدل روبرت بوكلاند ووزير الصحة مات هانكوك والمدعي العام جيفري كوكس. وقال وزير في الحكومة: “إنّ عدداً كبيراً جداً من أعضاء البرلمان من حزب المحافظين سينسحبون إذا وصل الأمر إلى الخروج بدون اتفاق”.
وكان الوزراء قد حذّروا جونسون في اجتماع للحكومة من الخطر “الداهم” لإعادة الحكم المباشر لإقليم أيرلندا الشمالية وأثاروا مخاوف بشأن دومينيك كامينجز، كبير مستشاري جونسون.
في حين قال وزير آخر: “الحكومة هي من سيضع الاستراتيجية ولن يضعها مسؤولون غير منتخبين، وإذا كانت هذه محاولة لعمل ذلك فإنها ستفشل”.
جاء ذلك في وقت اتّهم فيه الاتحاد الأوروبي بريطانيا بممارسة لعبة إلقاء اللوم الغبية بخصوص اتفاق الخروج، بعد أن قال مصدر في مكتب رئيس الوزراء: “إنّ الاتفاق مستحيل أساساً لأن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل قدمت مطالب لا يمكن قبولها”.
رئيس المجلس الأوروبي دونالد توسك اتّهم جونسون بالتلاعب بمستقبل أوروبا، وكتب في تغريدة وجهها له: “الرهان ليس على الفوز في لعبة سخيفة لتبادل الاتهامات”، وأضاف: “إنّ مستقبل أوروبا والمملكة المتحدة وأمن شعوبنا ومصالحها على المحك. لا تريدون اتفاقاً، لا تريدون تأجيلاً، لا تريدون إلغاء بريكست، إلى أين أنتم ذاهبون؟”.
وبينما لم يتبقَّ سوى ثلاثة أسابيع على خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، لا يزال مستقبل الخروج غامضاً إلى حدّ بعيد مع سعي كل من لندن وبروكسل إلى تجنب المسؤولية عن تأخير الخروج أو الانسحاب دون اتفاق.
ومن المقرر أن يضع كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه أعضاء المفوضية الأوروبية في صورة المباحثات مع لندن، وسيلتقي، الثلاثاء، وزير الخارجية الأيرلندي سايمن كوفيني، ورفضت المفوضية الأوروبية الحديث عن فشل المباحثات، فيما قالت المتحدثة باسمها مينا اندريفا: “إنّ المباحثات التقنية مستمرة اليوم أيضاً ولا أرى كيف تكون فاشلة إذا كانت مستمرة اليوم وعلى مدى الأيام القادمة”.
وأفادت وسائل إعلام بريطانية بأن جونسون يخطّط لعقد جلسة استثنائية للبرلمان، على خلفية تصعيد التوتر السياسي مع اقتراب موعد انسحاب البلاد من الاتحاد الأوروبي، إذ سيجتمع المشرعون في 19 تشرين الأول بدعوة من جونسون، في أول جلسة يعقدها البرلمان البريطاني يوم سبت منذ عام 1982، وللمرة الرابعة فقط خلال العقود الثمانية الماضية.
يشار إلى أن 19 تشرين الأول هو أقصى موعد يمكن لجونسون أن يطلب فيه من الاتحاد الأوروبي تمديد موعد “بريكست”- 31 تشرين الأول- مجدّداً، غير أن مصادر حكومية قالت: “إنّ الجلسة ستعقد بغضّ النظر عمّا إذا كان سيتمكن رئيس الحكومة في القمة الأوروبية المقرر انعقادها في بروكسل، 17 و18 تشرين الأول، من التوصل إلى اتفاق بشأن شروط انسحاب بريطانيا من التكتل”.
في غضون ذلك، قالت مصادر من الطرفين: “إنّ المفاوضات بين لندن وبروكسل تم تعليقها بعد أيام من طلب بريطانيا تكثيف التشاور بشأن المقترحات الأخيرة المقدمة من قبل جونسون”، مشيرةً إلى غياب خطط لعقد اجتماعات جديدة، وذلك قبل 22 يوماً فقط من موعد “بريكست”، وذكر مسؤول في مكتب جونسون للصحفيين أن المفاوضات بشأن “بريكست” تبدو “مستحيلة تقريباً”.