حمضياتُنا والمعابر..!
أن يكون مزارعو الحمضيّات على رأس قائمة المتفائلين بفتح معبر القائم مع العراق الشقيق؛ فهذا يعكس حجم الآمال العريضة المعقودة على السّوق العراقية، التي لطالما امتصّت فائض الإنتاج في سنوات خلت، قبل إغلاق الإرهاب للمعابر والحدود بين البلدين.
فائضُ الإنتاج، ومعاناة المزارعين في تصريف المحصول، والأسعار البخسة التي ما لبث يفرضها ميزان العرض والطلب؛ لطالما حدت بالمزارعين إلى العزوف عن قطافها وصولاً إلى إتلافها، مروراً باقتلاع أشجارها واستبدالها بأصناف أخرى ذات مردود اقتصاديّ أفضل، أو تحويل بساتينهم إلى الزّراعات الحوليّة السّريعة التي تؤمّن مصدر دخل لهم ولأسرهم، بينما لم تُولِ الحكومة هذا الملف العناية الكفيلة باجتراح الحلول لمشكلاته، التي حفظها مسؤولو زراعتنا ونقابيو فلاحتنا وروابطها؛ عن ظهر قلب، والمتجسّدة بتدني أسعار المحصول قياساً بتكلفة الإنتاج، وتحكّم تجّار الكومسيون بالأسعار في ظلّ غياب أسواق تصريف للمنتج، وضعف الأسواق الدّاخلية عن امتصاص فائض الإنتاج، ناهيك عن ارتفاع أسعار النقل المرتبطة عضوياً بأسعار المحروقات، وارتفاع تكاليف الإنتاج من سماد ومحروقات وأدوية كيمياوية وغيرها، وفحشُ هامش ربح السّماسرة؛ ما ألحق غبناً شديداً بالفلاح، ولم يحقّق للمواطن استهلاك هذه المنتجات بالسّعر المعقول.
في حين لا يزال التّسويف سيد الموقف في تشييد معامل عصائر تستقطب فائض حاجة السّوق من المنتج وتحويلها إلى مواد مصنّعة ذات قيمة مضافة، وتُحرّر في الآن ذاته المزارعين من سطوة صاحب المعمل الخاص الأوحد في الساحل الذي يتحكم منذ سنين بسوق الحمضيّات، إذ يشتريها بأبخس الأسعار في غياب أية منافسة.
وبما أنّ الزّراعة قاطرة نموّ اقتصادنا وأهمّ دعائمه؛ نتساءل: لماذا لا تتمّ الاستفادة من تجارب الدّول المتقدّمة في مضمار صناعة العصائر الطّبيعية، والحؤول دون استيراد مكثّفات العصير الصّناعية المؤذية للصّحة والتي تُستهلك بشدّة من قبل اليافعة والأطفال؛ الأمر الذي يقع في الدّرجة الأولى على عاتق وزارة الصحة المؤتمنة على سلامة غذائنا، وإذا ما جاءت التّبريرات بأنّ البرتقال السّوري غير اقتصادي ولا يحتوي على الكثافة النّوعيّة المطلوبة مقارنة ببرتقال دول أمريكا الجنوبيّة؛ يغدو لزاماً على وزارة الزّراعة وإرشادياتها مساعدة الفلاح بالعمل على وضع خطّة لتحسين الأنواع بالتّطعيم وسواه من التّهجين.
والحال أنّ واقع حمضيّاتنا المؤلم في السّنوات الأخيرة؛ يستلزم ومن دون إبطاء استنفار جهود وزارات: الزّراعة، والتّجارة الدّاخلية، والاقتصاد، واتحاد غرف الزّراعة والتّجارة، وتزخيمها، من خلال الإسراع في استثمار حيثيّة فتح المعابر، للحؤول دون خسارة الموسم العتيد..!
أيمن علي
Aymanali66@hotmail.com