د.إلهام سليمان ـ شدود.. تتحدى الحزن بألوان الحياة
يمثل التقاعد لدى البعض خريف العمر ونهاية العطاء، في حين أنه يعني للبعض فرصة لحياة جديدة واهتمامات لم يكن في الوقت متسع لها، هذا ما جسدته د. إلهام سليمان_ شدود عبر لوحاتها، إذ ترى في التقاعد بداية جديدة لمرحلة عطاء مختلفة في مضمار أحبته وعشقته، فمن يرى لوحات سليمان يلحظ فوراً اختيارها لألوان الحياة التي تضج بهجة تغلب عليها الطبيعة لكن للمرأة أيضاً حضورها الساحر في عدد من اللوحات تبرز صورة المرأة الشابة الجميلة والقوية في أبهى صورها، ولفتت نظري إحدى اللوحات التي تمثل العلم السوري وفي المنتصف ميزان رجحت فيه الكفة التي تحمل زهوراً حمراء في حين كانت الكفة الثانية مملوءة بالذهب قبل أن اسأل عما تعنيه تلك اللوحة بادرتني الفنانة بالجواب هي لوحة غالية على قلبي وعلى قلب رفيق دربي، تعني أن ذرة تراب هذا الوطن الغالي المضمخة بدماء الشهداء أغلى من كنوز الأرض مجتمعة.
ثمرة جهد سنوات ست نقلتها إلينا د. إلهام سليمان من خلال معرضها الذي حمل عنوان “تجربة ما بعد التقاعد” واحتضنه ثقافي كفرسوسة هي موهبة قديمة كما تقول سليمان اختمرت وأثمرت عن هذا العمل المادي الذي يتجسد عبر هذه اللوحات، وهي ليست وليدة اليوم، كانت في البداية مجرد محاكاة لبعض المناظر الطبيعية وكان الهدف منها إنجاز بعض اللوحات وإهدائها للحفيدات في أعياد ميلادهن، تتابع سليمان وهي تضحك كنت أوقع عليها باستحياء ولم يكن في مخيلتي يوماً أن أقيم معرضاً يضم هذه الأعمال، لكن تشجيع من حولي كان له دور في ذلك. وعن طبيعة الألوان التي تضج بالحياة وتغلب على اللوحات تقول سليمان: اخترت هذه الألوان الشفافة لأننا بحاجة للخروج من عالم الوجع الداخلي الضاغط على نفوسنا ففي فترة عملي عانينا من وضع صحي في المنزل إضافة للوجع المحيط بنا نتيجة ما تتعرض له بلدنا في كل منزل شهيد أو جريح فكان لابد لنا من تحدي هذا الوجع والألم .
قضت د. إلهام سليمان فترة من الزمن في عدة دول كصربيا ويوغسلافيا برفقة زوجها ورفيق دربها كنتيجة للعمل في السلك الدبلوماسي وحاولت في بعض لوحاتها أن تمثل الطبيعة التي عايشتها هناك وغدت جزءاً مهماً من ذاكرتها، ليس فقط لجمال تلك الطبيعة بل لأن تلك المشاهد تعيدها لفترة كانت تحياها مع زوجها الراحل الذي رافقها خلال مسيرة تزيد عن الـ 40 عاماً وقبلها كان رفيق الدراسة في الخارج، وعن هذا تقول: حاولت أن أنقل للمشاهد في هذا المعرض الذي أقيمه كتحية لروح رفيق دربي د. ماجد شدود بعضاً مما عشناه في الخارج، وهناك الكثير من اللوحات من الريف الأوربي من سلوفينيا وصربيا والبوسنة والهرسك، وعن رأيها بردة فعل من شاهدوا اللوحات وهل كانت تتوقع هذا الاستحسان ترد بخجل: بصراحة توقعت هذا لأنني لاحظت أثناء تعليق اللوحات استحسان البعض لما شاهدوه ربما لأن اللوحات تحمل تلك البهجة وجميعنا نتمنى أن نخرج ونتخلص من ذلك الحزن الذي يخيم على نفوسنا .
جلال نديم صالح