1.3 مليون نازح و600 ألف مهجّر عادوا إلى مناطقهم
جدّدت سورية إدانتها الشديدة لاستخدام الأسلحة الكيميائية وأعربت عن قلقها البالغ إزاء محاولات بعض الدول، وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية الاستمرار في توجيه الاتهامات التي لا أساس لها وتسويق الادعاءات الكاذبة والف بركات ضد سورية، فيما أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف أنه لا مبرر لتصرفات واشنطن في سورية، ويجب إنهاء وجودها غير الشرعي فيها، لافتاً إلى أنها لم تنفذ التزاماتها ولا تزال قواتها موجودة بشكل غير شرعي في منطقة التنف إلى جانب التنظيمات الإرهابية التي تعتدي على المهجرين السوريين في مخيم الركبان. يأتي ذلك فيما عادت دفعة جديدة من المهجرين قادمين من مخيمات اللجوء في الأردن عبر معبر نصيب جابر الحدودي إلى مدنهم وبلداتهم وقراهم التي حرّرها الجيش العربي السوري من الإرهاب، في وقت أكد السفير حسام الدين آلا، مندوب سورية الدائم لدى مكتب الامم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، أن الدولة السورية تركز على إعادة المهجرين إلى مناطقهم وتأمين احتياجاتهم الأساسية وإعادة بناء ما دمّره الإرهاب، مشدّداً على أن مليون وثلاثمئة ألف نازح داخل سورية وستمئة ألف مهجّر تمكّنوا من العودة الطوعية إلى وطنهم ومناطقهم التي هجّروا منها.
وفي التفاصيل، أشار رئيس مركز الهجرة والجوازات في معبر نصيب الحدودي العقيد مازن غندور إلى أن الجهات المعنية أمنت الخدمات اللازمة لنقل العائدين مع أطفالهم إلى أقرب نقطة يمكن من خلالها الوصول إلى مكان سكنهم حيث يتم بشكل دائم تقديم التسهيلات للعائدين من قبل العاملين في المركز، مبيناً أن عدد العائدين منذ افتتاح المعبر حتى تاريخه بلغ 29148 شخصاً.
وقال زهير الكيلاني العائد إلى بلدة العتيبة بالغوطة الشرقية: “شعوري لا يوصف وأشعر براحة نفسية بعد العودة إلى الوطن”، مؤكداً أن الجهات المعنية “قدّمت للعائدين كل التسهيلات لضمان العودة الآمنة إلى بلداتهم”، فيما أشار جمال رمضان، العائد إلى حي القدم بريف دمشق، إلى المعاناة في مخيمات اللجوء بالأردن، داعياً المهجرين للعودة إلى الوطن، وهو ما أكدته زوجته ميساء واصفة عودتها بـ “الكرامة بعد إذلال في مخيمات اللجوء”.
ووصفت اعتدال الفروان، العائدة إلى بلدة انخل بريف درعا، عودتها إلى الوطن بـ “عودة الروح إلى الجسد”.
ويشهد معبر نصيب جابر الحدودي حركة كثيفة لعودة السوريين المهجرين بفعل الإرهاب قادمين من مخيمات اللجوء في الأردن إلى مدنهم وبلداتهم التي حررها الجيش، وذلك بالتوازي مع التسهيلات الحكومية التي تقدّم لهم.
إلى ذلك، حذّر السفير حسام الدين آلا مندوب سورية الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الأخرى في جنيف، خلال الدورة السبعين للجنة التنفيذية لمفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، من المناورات السياسية للنظام التركي التي تتاجر بمعاناة المهجرين ومن استخدامهم كورقة ضغط تارة لمقايضتهم بمكاسب سياسية واقتصادية أو للتذرع بعودتهم تارة أخرى لتبرير إقامة ما يسمى “مناطق آمنة” داخل الأراضي السورية.
وأشار إلى أن مواجهة الأسباب الجذرية للنزوح القسري هي السبيل الأمثل لوقف المعاناة وإتاحة الظروف المناسبة لعودة الناس إلى بلدانهم ومناطق سكنهم الأصلية، وأضاف: مع اختلاف الظروف المؤدية للنزوح من منطقة إلى أخرى فإن محاولات العبث باستقرار الدول واستهداف مؤسساتها الوطنية وحكوماتها الشرعية تظل سمة مشتركة وسبباً للعديد من الأزمات الإنسانية ولحركة النزوح القسري التي شهدها العالم خلال السنوات القليلة الماضية، معرباً عن الأسف جراء بقاء الاستجابة الدولية لتلك الأوضاع الإنسانية أسيرة مقاربات سياسية ومعايير مزدوجة.
وأشار السفير آلا إلى أن أسباب المعاناة الانسانية في سورية ونزوح السوريين هي الإرهاب التكفيري الذي ترعاه دول لخدمة مآربها وحرب الإرهاب الاقتصادي المتمثّل بالحصار الاقتصادي والإجراءات القسرية الأحادية التي تطال الدواء والمعدات الطبية ووقود التدفئة وحليب الأطفال، وأكد أن الدولة السورية بذلت جهوداً جبارة لتحسين الوضع الإنساني، وهي تركّز اليوم على إعادة المهجرين وتأمين احتياجاتهم الأساسية وإعادة بناء ما دمره الإرهاب، وقطعت خطوات في هذا الاتجاه رغم الحصار الاقتصادي المفروض عليها، داعياً إلى دعم جهود الدولة السورية في تأهيل البنى التحتية والمؤسسات الخدمية في المناطق المحررة من الإرهاب، ومطالباً برفع الاجراءات القسرية الأحادية، وهو ما يشكل المدخل الصحيح لتأمين الظروف الملائمة لتسهيل عودة المهجرين قسراً إلى مناطقهم، وأضاف: إن إعادة الاستقرار والحياة الطبيعية إلى الكثير من المناطق السورية بعد نجاح القوات المسلحة السورية في القضاء على الإرهاب مكّنت مليونا وتسعمئة ألف مواطن سوري من العودة الطوعية إلى وطنهم ومناطقهم التي هجّروا منها بينهم مليون وثلاثمئة ألف نازح داخل سورية وستمئة ألف مهجّر خارجها، مضيفاً: إنه عاد خلال شهر آب الماضي وحده 28 ألف من المهجرين خارج سورية إلى مناطقهم الأصلية.
وأكد السفير آلا أن الدولة السورية سهلت عودة نحو ثلاثين ألفاً من قاطني مخيم الركبان إلى مدنهم وقراهم، والعمل جار بالتعاون مع الأمم المتحدة لاستكمال خروج من تبقى منهم، وبالتوازي مع هذه الجهود أكدت الحكومة السورية تكراراً أن الأبواب مفتوحة أمام عودة جميع السوريين المهجرين خارج سورية بطريقة طوعية تحفظ كرامتهم وأمانهم، وأصدرت وعدلت القوانين والمراسيم ذات الصلة لهذا الهدف، وأعفت المتأخرين من المهجرين لأسباب مختلفة داخل أو خارج سورية في تسجيل واقعات الأحوال المدنية من أي رسم أو غرامة وسهّلت إصدار وثائقهم الرسمية في السفارات، وتابع: “إن جهود الحكومة السورية ونداءاتها المتكررة لعودة مواطنيها لا تزال تواجه بعرقلة من دول وأطراف دولية تضع شروطاً وذرائع واهية لمنع عودتهم وتستخدم موضوع اللاجئين لتنفيذ أجندات مبيتة معروفة تتلاعب بمعاناتهم الإنسانية.. وفي هذا الإطار تجدد سورية دعوتها لمفوضية اللاجئين لتبني مبادرات ومواقف تبني على الحقائق وتسهم في التشجيع على عودة اللاجئين إلى بلادهم باعتبارها الخيار الأمثل لوضع حد لمعاناتهم الإنسانية”.
يأتي ذلك فيما قال السفير بسام صباغ المندوب الدائم للجمهورية العربية السورية لدى منظمة حظر الأسلحة الكيميائية في بيان ألقاه أمام الدورة الـ 92 للمجلس التنفيذي المنعقد حالياً في مقر المنظمة في لاهاي: “في الوقت الذي تستمر فيه سورية بالتعاون مع بعثة تقصي الحقائق وتقديم كل التسهيلات اللازمة لها للقيام بعملها فإنها تأسف لعدم تقيد البعثة بأحكام اتفاقية حظر الأسلحة الكيميائية، وعدم التزامها بالشروط المرجعية لعملها، واكتفائها بإجراء تحقيقاتها عن بعد، ورفضها القيام بزيارات إلى مواقع الهجمات تحت ذرائع شتى، واعتمادها على تحليل الصور والفيديوهات المنشورة في المصادر المفتوحة، التي فبركتها جماعة “الخوذ البيضاء”، ذراع جبهة النصرة الإرهابية، إلى جانب استماعها إلى شهود عيان تمّ جلبهم من البيئة الحاضنة للمجموعات الإرهابية”، وأشار إلى أن سورية أعادت مجدداً تأكيد طلبها الرسمي الذي سبق أن وجهته للمنظمة لإرسال فريق بعثة تقصي الحقائق إلى مدينة خان شيخون وبلدة اللطامنة، اللتين تمّ تحريرهما مؤخراً من أيدي المجموعات الإرهابية، وذلك لإجراء التحقيقات في الحوادث التي وقعت فيهما سابقاً بهدف الوصول لاستنتاجات حقيقية وليس تحقيقات وهمية جرت على الأراضي التركية وبعيداً عن موقع الحدث.
واستهجن صباغ استباق الإدارة الأمريكية لتحقيقات بعثة تقصي الحقائق بشأن ادعاءات استخدام الأسلحة الكيميائية في سورية، وأن تصدر لوحدها النتائج والأحكام، مبيناً أنه ليس مستغرباً أن يتزامن هذا السلوك مع حدوث تغييرات إيجابية مهمة في سورية، سواء من خلال التقدّم على الصعيد الميداني في دحر الإرهابيين أو ما يتصل بالتقدّم في العملية السياسية، وتابع: وفي هذا المجال تستنكر سورية تصريحات وزير الخارجية الأمريكي مايك بومبيو حول الحادثة المزعومة في الـ 19 من أيار الماضي واتهامه للجيش العربي السوري، والتي أقل ما يقال فيها أنها أكاذيب وتجاوز لصلاحيات المنظمة، مشيراً إلى أن سورية ترى بأن ذلك يندرج في إطار المحاولات الأمريكية لعرقلة جهود الحكومة السورية لإعادة الأمن والاستقرار إلى ربوع البلاد وتضليل الرأي العام وايجاد المبررات والذرائع لشن عدوان جديد على الأراضي السورية.
دولياً، أكد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف ضرورة استمرار الجهود لتسوية الأزمة في سورية وفق صيغة أستانا، مشدداً على الالتزام بوحدتها وسلامة أراضيها، وأوضح، خلال مؤتمر صحفي مع نظيره الكازاخستاني مختار تلاوبردي في نور سلطان، أنه جرى بحث عملية تسوية الأزمة في سورية ودفعها إلى الأمام في إطار صيغة أستانا عبر الحوار، مشيراً إلى أن روسيا ستبذل كل ما في وسعها لدعم عمل لجنة مناقشة الدستور، وجدّد تأكيد بلاده ضرورة تفادي أي أعمال تعرقل تسوية الأزمة في سورية والالتزام بوحدة وسلامة أراضيها.