لغة الشارع في مصر قبل الفتح الإسلامي
كعادته يرفض د. محمد بهجت القبيسي التجهيز المسبق للمحاضرة أو الاعتماد على أي ملخص مكتوب مسبقاً، ويفضل الارتجال معتمداً في ذلك على ثقافته الموسوعية ومعرفته الثرية وهو ما عبرت عنه المحاضرة التي أقامها فرع دمشق لاتحاد الكتاب العرب بالتعاون مع جامعة الأمة العربية ومؤسسة دار شمال للدراسات اللغوية والتاريخية، كانت المحاضرة بمثابة إلقاء حجر في بركة ماء فقد حرضت بعد انتهائها الكثيرين وفتحت الباب على مصراعيه لتقديم المداخلات وطرح الأسئلة، بعد تمهيد موجز للمحاضرة من قبل د. إبراهيم زعرور تحدث فيه عن خطورة الهجمة التي تتعرض لها الأمة العربية بهدف جعلنا ننسى القضية الأساسية وهي الصراع العربي الصهيوني، ولفت زعرور إلى أن الشعب العربي هو من يحدد هوية الانتماء للأمة العربية وحضورها في الزمان والمكان، وأشار إلى خطورة العدوان التركي السافر على أراضي الدولة السورية.
بدأ القبيسي محاضرته بالحديث عن مناسبة عيد العرب والتي تمت للمرة الأولى في عام 2010، مؤكداً أن الاحتفال بهذه المناسبة ليس بسبب التعصب لكن كثرة التواضع فيها شيء من السفه على حد تعبيره، وتساءل لماذا لا نحتفل كعرب ونحن أقدم الشعوب التي لا تزال حية وهذا مذكور في الكتب والصورة التي يحاول البعض تسويقها عنا اليوم كعرب “أنتم غزاة عودوا لمكة وللمدينة”، ومعنى كلمة عرب التي يتداولها الفكر التوراتي والإغريقي تعني البداوة والصحراء وهذا ليس له مجال، فكلمة عرب في أساسها الأول في الأوغاريتية والأكادية تعني دخل ولما كانت الغيوم تدخل من الغرب سميت الغيمة عربة، وسمي الإله حدد المسؤول عن البرق والرعد والأمطار راكب عربة وهذا الكلام ليس ترجمة بل بالأوغاريتية وادي عربة- وادي الماء-
وبالحديث عن لغة الشارع في مصر قبل الفتح الإسلامي أكد القبيسي أننا من الناحية العلمية نجد اختلاطات فيها، فالبعض يقول اليونانية والبعض القبطية..الهيروغليفية، ويصرون على ذلك ويزول العجب عندما نعلم أن لغة التعمية أو السيم كانت موجودة في مصر في الكتابات القديمة بالحديث عن لغة مصر قبل الميلاد، إذ قالوا أن الخليفة المأمون أتى وأخذ معه ترجمان إلى اليونانية، إذاً كانوا يتحدثون اليونانية في العصر اليوناني الإغريقي، حيث أصبحت اللغة المسيطرة في مصر وأصبحت الدواوين والحسابات تكتب بها وفي العصر الروماني عندما دخل الرومان مصر في 30 قبل الميلاد بقيت اليونانية، لأنه لم يكن من السهل تغيير ذلك واستمر الموضوع إلى فترة الفتح الإسلامي، وقدم القبيسي أمثلة عن لغة السيم وهي مختلفة عندما نتحدث عن النجارين أو المنجدين أو بائعي القماش عند المنجدين كلمة إبرة مثلاً تعني امرأة وعند النجارين كلمة خابور تعني رغيف وأسفين تعني لحم وعند الإسكافية اخلع فردة حذاء تعني اسكت وهذا النمط والعادة في استخدام لغة السيم، وعلى هذا النطاق الواسع لانجده إلا في مصر مع وجوده في بعض الدول العربية وبحدود، في سورية تنتشر هذه اللغة بين الصاغة فقط، حزي تعني راقب ديفش تعني الشخص احمشوا تعني خمسة، ولفت المحاضر إلى أن لغة السيم تنتشر اليوم في مصر بشكل كبير بين الطلاب في الجامعات في كل عام لديهم لغة سيم لانستطيع أن نفهمها، والخلاصة التي وصل إليها القبيسي هي أن لغة الشارع في مصر قبل الفتح الإسلامي هي اللهجات العامة المصرية الموجودة في الدلتا والصعيد بلهجاتها كافة وأن لغة مصر هي لهجات عربية مصرية موجودة سابقاً.
جلال نديم صالح