يعقوب إبراهيم.. الأيقونة على اللوحة خدوش في وجه العالم
كما في كل الحروب في العالم، يتحطم الضعفاء والمساكين وتتحطم النفوس والأشياء ويتمزق التاريخ وتولد الصرخات لتشكل أيقونة على وجه اللوحة، وتنحت الحروب وجوها محروقة ووجوها غارقة متحولة إلى وجوه وأسماك مناجية وليدفن بعضها مع آثار البلاد”.
بهذا التقديم افتتح الفنان يعقوب ابراهيم معرضه منذ أيام في صالة المركز الوطني للفنون البصرية الذي اشتمل على مجموعة من الوجوه النحتية المنفذة من الحجر الصناعي، مرافقة لعدد كبير من اللوحات كبيرة الحجم والمنفذة بتقنية خاصة تحمل روحية هذا الفنان الشغوف بتقديم المختلف على مستوى التعبير والموضوع ، ربما فجيعة المبدع من هول الكارثة تجعل أدواته البسيطة تفعل فعلها على تلك السطوح المهيأة لاستيعاب ذلك الكم الكبير من العزلة والألم الذي يلوذ بصمت الفنان العميق، فهو يروي عبر مجموعة من الخطوط المتحركة مثل خدوش تحز على جسد هذا العالم راسمة الوجوه والمعاناة وما تبقى من آثار خجولة توحي لنا بالحياة، هذا الواقع المنهك من بياض التأمل، حيث لا حول ولا قوة من احتمالات خجولة لألوان أخرى على جدار أو ثوب تكفي لجعل الهواء مرئيا أمام الفنان، ربما يغني قلم الباستيل عن أثر الفرشاة لأن الحياة لا تحتمل تعبيرا أكثر من الصمت فهو أكثر جدارة بكرامة هؤلاء المعلقين على الجدار مثل الأسماك المقددة والمعلقة أمام بيوت الصيادين وفي دفاتر الأطفال. فنان انتقائي مفرط الحساسية تجاه السطوح الغرافيكية يمتلك تجربة بصرية تستمد قوتها من موقعها كتجربة غرافيكية وتصويرية بآن يغنيها بتقشفه الفيزيائي وابتعاده عن استجداء النظر على حساب الولوج في عالم البصيرة والتشوف العالي للنص البصري حيث القيمة المؤثرة والتي تبقى وتدوم.
“سورية بلا عنوان” عنوان أعمال المعرض تعزز الفن الرفيع كرؤيا وهي رسالة يمكن القول من خلالها أن المعاناة هي بطل هذه الحياة حيث تعكس قلة الكلمات التي تكاد تكون مستحيلة لإظهار الألم في شهادة دائمة لضمير لا يغفو أبدا.
أكسم طلاع