الكرملين يدعو لتجنّب أي إجراءات تعرقل الحل السياسي للأزمة في سورية الاتحاد الأوروبي يخفق في الاتفاق على حظر تصدير السلاح لنظام أردوغان
أخفق الاتحاد الأوروبي في الاتفاق على حظر تصدير السلاح لنظام أردوغان، واكتفى بإدانة العدوان التركي على الأراضي السورية، وتعهّدت الدول الأعضاء في الاتحاد بتعليق صادرات الأسلحة إلى تركيا، لكنها لم تصل إلى حد فرض حظر شامل من التكتل على مبيعات السلاح، كما كانت تسعى ألمانيا وفرنسا، فيما جدّد الكرملين موقف موسكو الداعي إلى ضرورة تجنب أي إجراءات يمكن أن تتعارض أو تعرقل الحل السياسي للأزمة في سورية.
وخلال مؤتمر صحفي، قال المتحدّث باسم الرئاسة الروسية ديمتري بيسكوف، رداً على سؤال حول عدوان النظام التركي على الأراضي السورية: “أنتم تعلمون منذ البداية أنه أشار الجانب الروسي على مختلف المستويات إلى رفضه القاطع لأي أعمال من شأنها أن تعرقل وتعيق عملية الحل السياسي للأزمة في سورية، وتثير التوتر فيها”، مضيفاً: “أكرر هذا الموقف لم يتغيّر.. إنه أمر ثابت ومعروف”، لكنه لفت في الوقت نفسه إلى وجود اتصال مستمر مع النظام التركي على مختلف المستويات حول سورية.
وتشن قوات النظام التركي عدواناً على الأراضي السورية بريفي الحسكة والرقة، بالتوازي مع استهداف العديد من القرى والبلدات بريفي المحافظتين، مركّزة على البنى التحتية والمرافق الحيوية، كمحطات المياه والكهرباء والسدود والمنشآت النفطية والأحياء السكنية، ما تسبب باستشهاد وإصابة مئات المدنيين، ووقوع أضرار ودمار كبير في البنى التحتية.
إلى ذلك أكد المجلس الأوروبي، في بيان، أن العدوان التركي له “عواقب وخيمة”، وأشار إلى أن بعض دول الاتحاد أوقفت صادرات الأسلحة، وقال وزراء خارجية دول الاتحاد بعد اجتماع في لوكسمبورغ: إن “الدول الأعضاء تلتزم باتخاذ مواقف وطنية قوية فيما يتعلّق بسياساتها بشأن صادرات الأسلحة لتركيا”.
وكانت فرنسا أعلنت، في بيان مشترك أصدرته وزارتا الخارجية والدفاع في البلاد، تعليق بيع الأسلحة إلى النظام التركي، كما أعلن وزير الخارجية الألماني في اليوم نفسه أن حكومة بلاده أوقفت تصدير الأسلحة للنظام التركي على خلفية العدوان.
يذكر أن وزير الخارجية الفرنسي جان ايف لودريان كان قد دعا دول الاتحاد الأوروبي إلى تجديد إدانتها للعدوان التركي على الأراضي السورية والمطالبة بوقفه، وحذّر، لدى وصوله لحضور اجتماع مع نظرائه من دول التكتل الأوروبي في لوكسمبورغ، من التبعات والمأساة الإنسانية الخطيرة التي يتسبب بها العدوان، وأضاف: “فرنسا تتوقّع من هذا الاجتماع توجيه طلب محدد لإنهاء الهجوم، واتخاذ موقف صارم بشأن صادرات الأسلحة لتركيا”.
بدوره لوّح وزير الخارجية الألماني هايكو ماس باتخاذ “تدابير أخرى” ضد أنقرة، بالإضافة إلى وقف صادرات الأسلحة، على خلفية عدوانها على سورية، وأضاف: “نريد أن يناقش الاتحاد الأوروبي هذا الموضوع، وهو وقف تصدير الأسلحة إلى تركيا على المستوى الأوروبي، وبالإضافة إلى ذلك ستبقى الخيارات الأخرى مفتوحة اعتماداً على كيفية تصرف تركيا في المستقبل”.
وأكد أن العدوان التركي على الأراضي السورية يهدد بزعزعة استقرار المنطقة بأسرها، ويؤدي إلى عواقب إنسانية كبيرة، وليس بالإمكان النظر إلى هذا دون اتخاذ أي إجراء.
في سياق متصل جدّد المتحدث باسم الخارجية الألمانية رفض بلاده للعدوان التركي على الأراضي السورية وتأكيدها عدم وجود مبرر قانوني له، وقال: “إنه في ظل الظروف الحالية لا يمكننا أن نرى كيف يمكن للموقف الراهن في سورية تبرير هذا التدخل العسكري”.
وأكد الرئيس الإيراني حسن روحاني أن العدوان التركي على الأراضي السورية غير مقبول، ويزعزع الاستقرار في المنطقة، ودعا خلال مؤتمر صحفي في طهران تركيا إلى وقف اعتداءاتها، مشدداً أنه على الجميع احترام وحدة وسيادة الأراضي السورية، والمحافظة على مسار أستانا لأنه الأفضل لإيجاد حل سياسي للأزمة في سورية، فيما جدّدت مفوضة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، فيديريكا موغيريني، التأكيد على أن العدوان التركي على الأراضي السورية يزعزع الاستقرار في المنطقة، ويؤدي إلى مزيد من التعقيد فيها، وحذّرت من أن العدوان التركي على الأراضي السورية قد يفتح الباب أمام عودة انتشار إرهابيي تنظيم “داعش”، وأضافت: “الاتحاد الأوروبي يعمل على دعم الجهود الدبلوماسية للأمم المتحدة لحل الأزمة في سورية سياسياً”.
من جانبه طالب عمدة مدينة نابولي لويجي دي ماجيستريس، الذي ينتمي إلى “الحزب الديمقراطي” شريك حركة “خمس نجوم” في الائتلاف الحاكم، الحكومة الإيطالية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع أنقرة، وقال: “إن أردوغان ينفّذ عملية إبادة جماعية حقيقية، وينبغي على الحكومة الإيطالية قطع العلاقات السياسية والدبلوماسية والتجارية مع أردوغان فوراً”، ولفت إلى أن الحكومات الغربية التي تعاني من الجمود الذي لا يغتفر تخاطر بـ “تلطيخ أيديها بالدماء”، مضيفاً: “إن كانت أوروبا موجودة، فعليها أن تثبت ذلك حقيقة لا بالتظاهر برد الفعل بينما هي لا تفعل شيئاً”.
في سياق متصل، قال وزير الخارجية المصري سامح شكري خلال محاضرة في رابطة السياسة الخارجية والأمم المتحدة في النمسا حول سياسة مصر الخارجية: “مصر تؤكد رفضها للعدوان، وما يمثّله من تأثيرات بالغة السلبية على صعيد الجهود السياسية لحل الأزمة في سورية”، مشدداً على “حق السوريين في الدفاع عن النفس إزاء العدوان التركي السافر”.
وحذّر اتحاد الجاليات العربية في أمريكا اللاتينية (فيآراب أمريكا) من أن هذه الاعتداءات تشكّل خطراً جسيماً على سلام وأمن المنطقة، مشيراً إلى تواطؤ سلطات النظام التركي مع واشنطن بهذه الاعتداءات، وأضاف: “العدوان التركي يجعل من المستحيل التوصل إلى حل سلمي للحرب العدوانية الإرهابية التي فرضت على سورية”، وشدد في بيانه على أن للحكومة السورية الحق الكامل في مواجهة العدوان التركي والدفاع عن سيادتها واستقلالها وسلامة أراضيها بكل الوسائل وفقاً لميثاق الأمم المتحدة وحقها غير القابل للتصرف في الدفاع عن وطنها.
خرق فظ لسيادة سورية وجريمة ضد الإنسانية
وفي تشيكيا، أدان الحزب الشيوعي التشيكي المورافي العدوان التركي، منبهاً من أنه يمثّل فعلاً خطيراً تجاه دولة ذات سيادة، وخرقاً لجميع مبادئ القانون الدولي، وطالب في بيان مجلس الأمن الدولي التصرّف بشكل سريع، واتخاذ كل الإجراءات الضرورية لوقف هذا العدوان ومعاناة السكان المدنيين، فيما شدّد رئيس حزب الحرية والديمقراطية المباشرة، نائب رئيس مجلس النواب، توميو اوكامورا، على ضرورة فعل كل شيء لإعادة الاستقرار إلى سورية.
من جهته دعا رئيس الحزب المدني الديمقراطي بيتر فيالا الخارجية التشيكية إلى التنسيق مع الدول الأخرى لممارسة الضغوط على النظام التركي لوقف عدوانه.
وفي استطلاع للرأي أجرته إذاعة بلوس التشيكية حول موقف المستمعين التشيك من العدوان التركي قال 95 من الذين شاركوا في الاستطلاع إنهم يعارضون هذا العدوان.
وفي سلوفاكيا أدان الحزب الشيوعي في بيان العدوان التركي، مؤكداً أنه يمثّل خرقاً فظاً لسيادة سورية وللقانون الدولي، كما أنه يشكّل جريمة ضد الإنسانية، فيما أكد النائب عن الحزب القومي، ياروسلاف باشكا، أن عدوان تركيا، العضو في حلف “الناتو”، على دولة أخرى ذات سيادة أمر مرفوض، منتقداً صمت الحلف إزاء هذا العدوان، في وقت شدّدت جبهة اليسار على أن العدوان عمل غير مشروع، كما أنه يمثّل خرقاً فظاً للقانون الدولي ولسيادة الدولة السورية.
تهديد خطير لوحدة التراب السوري
عربياً، أدان الاتحاد العام للصحفيين العرب العدوان التركي الغاشم على الأراضي السورية، مبيناً أنه اعتداء صارخ على السيادة السورية، وتهديد خطير لوحدة التراب السوري، ويتنافى مع قواعد القانون الدولي، وأكد في بيان تضامنه الكامل مع الشعب السوري، داعياً كل المنظمات الإعلامية الدولية وحقوق الإنسان إلى إدانة هذا العدوان الغاشم.
وفي العراق ندّد كتّاب وإعلاميون بالعدوان التركي السافر على الأراضي السورية، مؤكدين أنه انتهاك صارخ لسيادة دولة مستقلة، ويفضح توجهات النظام التركي التوسعية والداعمة للإرهاب، ويؤثّر سلباً على الأمن الإقليمي والدولي، ويصب في خانة دعم التنظيمات الإرهابية المسلحة بالمنطقة، وخاصة “داعش”، وأشاروا إلى أن هذا العدوان جاء بتفويض ودعم أمريكي، ويقع في سياق الاعتداء على سيادة دولة أخرى، كما يسعى إلى إعادة تدوير إرهابيي “داعش”.
يهدف إلى دعم تنظيم “داعش”
وفي اليمن، ندّد أحمد صالح النهمي، عضو مجلس الشورى، بأشد العبارات بالعدوان التركي على الأراضي السورية، مؤكداً أنه يمثّل خرقاً وانتهاكاً سافراً لكل القوانين والأعراف الدولية، التي تؤكد على سيادة الأرض السورية ووحدتها وعروبتها، فيما شدّدت حسيبة شنيف، عضو مجلس الشورى، على أنه ضرب من الجنون والتهور من قبل النظام التركي، وانتهاك كامل لحقوق الإنسان وقواعد القانون الدولي والإنساني ومبادئ ميثاق الأمم المتحدة، وتدخّل في شؤون دولة مستقلة ذات سيادة، مشيرة إلى أن الهدف منه صرف أنظار الشعب التركي عن مشاكله الداخلية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والإنسانية التي خلقها نظام أردوغان.
وأدان عبد الوارث صلاح، الأمين العام لحزب الوفاق الوطني، العدوان الهمجي الذي يهدف إلى دعم تنظيم “داعش” الإرهابي بالدرجة الأولى، داعياً إلى الوقوف الجاد والحازم في وجه العدوان، وعدم الاكتفاء بإطلاق البيانات والتنديدات، فيما أكد بسام إبراهيم صالح الجعدي، رئيس مجلس وزراء حكومة الشباب، أن العدوان التركي يمثّل تطوراً خطيراً واعتداءً صارخاً غير مقبول على سيادة دولة عربية شقيقة، بما يتنافى مع قواعد القانون الدولي وتهديداً مباشراً للأمن والاستقرار في المنطقة ككل، وأضاف: إن هذا العدوان يصنّف في قائمة الجرائم ضد الإنسانية وجرائم الحرب التي تستوجب الملاحقة والمحاسبة القضائية الدولية لمرتكبيها، ويشكّل تهديداً خطيراً لوحدة سورية واستقلال أراضيها، داعياً إلى اتخاذ كل الإجراءات القانونية الدولية اللازمة والكفيلة بوقف العدوان، وفرض التزام تركيا بقواعد القانون الدولي، وتحمّلها المسؤولية الكاملة عن أي تداعيات لعدوانها من تفشٍ للإرهاب.