أخطاء سياسة أردوغان تجاه سورية
ترجمة: هيفاء علي
عن موقع: أوي فرانسيه 2/10/2019
منذ بداية الحرب على سورية، تبنّى النظام التركي سياسة عدائية تجاه الدولة السورية، ففتح حدوده لتدفق المرتزقة من كافة أنحاء العالم للتسلّل إلى الأراضي السورية، وقدّم أشكال الدعم كلها للتنظيمات الإرهابية في محاولة يائسة لاحتلال جزء من الشمال السوري. ولهذا الغرض شنّ النظام التركي وعلى رأسه أردوغان عدواناً سافراً على سورية بمباركة أمريكية وبذريعة محاربة الإرهاب في شمال سورية.
من بين الأخطاء الرئيسية في سياسة تركيا تجاه سورية أنها تتجاهل حقيقة أن الأمن عملية ثنائية الاتجاه، إذ لا يمكن لتركيا أن تغذي انعدام الأمن داخل سورية مع توقع قدر أكبر من الأمن داخل حدودها. وإذا كانت تركيا تعتبر ما تسميه “المنطقة الآمنة” أنها ستكون ملاذاً للسلام للفصائل الإرهابية التي يدعمها النظام التركي، فهو تفكير خاطئ لأن هذه الجموع الإرهابية ليس لها ولاء يُذكر نحو تركيا، وهي أقامت تحالفاً تكتيكياً مع أنقرة كي تغذي طموحاتها الخاصة.
والدليل أن مقاتلي “داعش” الذين لا يخضعون لحراسة كافية في السجون الذين يتراوح عددهم ما بين 8000 إلى 11000 سجين، وفقاً لتقرير حديث للأمم المتحدة، أصبحوا جاهزين الآن للفرار، وعليه، ستتحمّل تركيا كامل المسؤولية عن أسرى “داعش” في أعقاب العملية التركية.
السيناريو الأكثر ترجيحاً في حال حدوث غزو تركي واسع النطاق هو أن الجنود الأتراك الذين سيصلون إلى مراكز الاحتجاز الثلاثين (مثل معسكر الهول المزدحم) سيجدون فقط أشباح مقاتلي “داعش” التي سوف تطاردهم لفترة من الوقت، وبالتالي سيكون الغزو التركي المضلّل بمثابة مساعدة لعودة “داعش”.
أخيراً، هناك ثغرة كبيرة أخرى في العدوان التركي على سورية، وهو أن النظام التركي يقلّل من قدرة “قسد” التي تعمل بجد على الانتقام، وجلب الحرب إلى الأراضي التركية، وهو ما قد ينشر الفوضى في كامل المنطقة وخاصة في سورية والعراق وحتى إيران، وهي جميعها أعربت عن غضبها من العدوان التركي على سورية.
فمن وجهة نظر طهران، وبغضّ النظر عن العلاقات بين إيران وتركيا، فإن تركيا دولة من دول الناتو تعتدي على السيادة الإقليمية لحليفتها الإستراتيجية سورية وهذا خط أحمر مطلق. ونتيجة لذلك، فإن أردوغان، الذي يحمّله الإعلام الإيراني المسؤولية لفشله في تنفيذ اتفاقية سوتشي بشأن إدلب، في أعقاب عملية أستانا لرسم مسار دبلوماسي لمستقبل سورية بعد الحرب، يجازف بعرقلة الدبلوماسية الثلاثية مع روسيا وإيران، التي كانت تبلي بلاءً حسناً حتى الآن.
وبعبارة أخرى، فإن الافتراض التركي بأن أنقرة يمكنها انتهاك السيادة السورية بشكل صارخ دون الإضرار بعملية أستانا، هو مجرد وهم أناني سيولّد تداعيات سلبية على الشؤون الإقليمية التي تواجه “إصلاحاً إقليمياً” للتحالفات مع المصالحة التي تمّت في أعقاب “الخيانة” الأمريكية وتدهور العلاقات التركية مع العراق وإيران.
ومع ذلك، هناك دائماً بدائل للحرب والغزو، وكما ألمح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين في اجتماعه مع أردوغان في كانون الثاني 2019، هناك بديل يتمثّل في إحياء “اتفاقية أضنة” لعام 1998، والتي يمكن تنقيحها من خلال السماح بمنطقة منزوعة السلاح من 5 إلى 8 كم على طول الحدود بين تركيا وسورية. ولكن، طالما استمرت تركيا في لعب ورقة العداء ضد دمشق، فمن غير المرجح أن تعود سورية إلى “اتفاقية أضنة”. وعليه يشكّل العدوان التركي انتهاكاً للسلم والأمن الدوليين، ويجب أن تُعاقب عليه تركيا من قبل الأمم المتحدة.