أردوغان… مجرم حرب
ترجمة: هناء شروف
عن موقع الغارديان 12/10/2019
لا شك أن مسؤولية الحرب شمال شرق سورية تقع بشكل رئيسي على الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لكن في الوقت نفسه هناك شركاء تقع على عاتقهم مسؤولية ما حدث وما سيحدث في سورية، بما في ذلك دونالد ترامب الذي لا يقلّ عن أردوغان إجراماً، وإرهابيو “داعش” الذين زعزعوا أمن المنطقة واستقرارها، وأخيراً المجتمع الدولي الذي فشل على مدى ثماني سنوات دامية في وقف الحرب في سورية.
القصف المدفعي التركي العشوائي والغارات الجوية على البلدات والقرى على طول الحدود تدلّ على إجرام غير مسبوق من قبل منفذيه، وإن ادعاء أردوغان بأن قواته تستهدف الإرهابيين فقط هو ادعاء كاذب ومعيب، والدليل العدد المتزايد من القتلى والجرحى المدنيين. تقول الأمم المتحدة إن نحو مئة ألف شخص فرّوا بالتزامن مع رفض تركيا الدعوات لوقف الهجوم الذي سيسفر عن تزايد أعداد القتلى والجرحى والأبرياء الفارين من هول العمليات الحربية الذين لا ذنب لهم فيها.
منذ شهور وأردوغان يهدّد بالقيام بعمل عسكري شرق الفرات، ولكن إعلان ترامب انسحاب قواته من شمال شرقي سورية كان بمثابة إعطاء الضوء الأخضر لبدء عملياته الحربية الكارثية ليس فقط من تزايد التهديد الإرهابي على حدوده الذي بالغ في أمره في كثير من الأحيان، ولكن أيضاً بسبب حاجته إلى “فوز” سياسي بعد النكسات الانتخابية الأخيرة.
في الحقيقة كان هناك تقارب بجدول أعمال أردوغان وترامب بشنّ حروب أجنبية “لا نهاية لها”، وعندما اتصل أردوغان مطالباً الولايات المتحدة برفع حق النقض (الفيتو) ضد التدخل، رأى ترامب بهذه الهجمات فرصة لإعادة قواته إلى أمريكا وفي الوقت نفسه فرصة لتشتيت الانتباه عن المكيدة الأوكرانية.
التأكيدات الرسمية بأن ترامب لم يمنح أردوغان الضوء الأخضر هي كذبة كبيرة، إذ يوضح بيان البيت الأبيض الصادر بعد المحادثة الهاتفية أن هذا ما حدث بالضبط وهذه النتيجة ليست مفاجئة، لأن أردوغان وترامب من الطينة نفسها، فهم قادة استبداديون عديمو الضمير وغريزيون لا يمكن الوثوق بأي منهم.
يبدو أن ترامب قد فوجئ بالفعل بعاصفة النقد، بما في ذلك من جانب الجمهوريين، لقراره سحب القوات الأمريكية، فقد تمّ انتقاده لخيانة الحلفاء الأكراد، إلى جانب المخاوف من فرار إرهابيي “داعش” من تلك المنطقة. وبالفعل، إن مصير مقاتلي “داعش” المحتجزين، البالغ عددهم نحو 10 آلاف شخص في شمال سورية والعراق، قضية لم يفكر أردوغان فيها بوضوح بما فيه الكفاية ويقول إن تركيا ستضمن عدم فرارهم، ولكن لا يمكن الاعتماد على قواته البرية للوفاء بهذه التعهدات، وهناك بالفعل تقارير عن حدوث كسر لسجن “داعش” في بلدة تحت القصف التركي وتفجيرين انتحاريين من “داعش”، ما يدلّ على أنه بهذه الهجمات يكون ترامب وأردوغان قد ساعدا التنظيم على الفرار من أجل إعادة انتشاره من جديد. وهنا يبرز فشل المجتمع الدولي من جديد في تقديم إرهابيي “داعش” إلى العدالة، كيف لا وقد تهرّبت الدول الغربية، بما في ذلك بريطانيا، من مسؤولياتها في هذا الصدد، خشية أن يتمّ إطلاق سراح الإرهابيين الذين يحملون الجنسية البريطانية أو الأوروبية من قبل المحاكم المحلية لعدم وجود أدلة ضدهم.
لذلك يجب على المجتمع الدولي العمل على معالجة هذه المشكلة من خلال النظر في إنشاء محكمة جنائية دولية لمكافحة الإرهاب تحت رعاية الأمم المتحدة. حالياً من المؤسف أن يتعرّض الناس في شمال سورية للقصف والتفجير والتهجير من منازلهم من قبل شخص استبدادي لا يرحم، ولو كانت هناك أية عدالة، ينبغي أن يُعرض على محكمة جرائم الحرب.