قضية جوهرية..!؟
إعادة تشغيل المنشآت الصناعية كما كانت عليه قبل الأزمة قد لا يكون القرار الصحيح، بل من الواجب الاستفادة من هذه العملية بإعادة النظر باختصاص المنشأة الصناعية الحالي أو توسيعه وتكامله مع نشاط آخر، أو الانتقال لنشاط جديد ليس بالضرورة أن يكون النشاط القديم.
ما تقدم هو رأي لخبير صناعي له باع طويل بشؤون القطاع عامة، وذلك بحكم المنصب الذي كان يشغله كداعم لمتخذي قرارنا الصناعي.
الرأي أعلاه، كما ينطبق على منشآت القطاع الخاص، ينطبق أيضاً على منشآت القطاع العام، إذ من الممكن أن يكون هذا المدخل أحد الحلول لإصلاح صناعتنا الوطنية بجناحيها.
فإعادة التأهيل والتشغيل لا تعني أو يجب ألا تعني بالضرورة عودة المنشآت الصناعية إلى أوضاعها التي كانت عليها قبل الأزمة؛ لأن هناك – حالياً ومستقبلاً- واقعاً جديداً فرض نفسه على هذه المنشآت على مختلف الأصعدة الفنية والإنتاجية والتسويقية محلياً وخارجياً، وكذلك هناك فرص وتحديات جديدة من الضروري دراسة آثارها ومنعكساتها ومتطلباتها، إذا ما أردنا فعلاً الاستفادة منها أو مواجهتها بالشكل المناسب، لتكون عملية إعادة تأهيل وتشغيل المنشآت الصناعية المعنية، ملبية لمتطلبات المستجدات…
على سبيل المثال لا الحصر، فإن ما أطلق عليه “إحلال بدائل المستوردات” الذي تبنته الحكومة وحددت قائمة بالسلع والمنتجات التي يجب إحلالها محل المستورد، يندرج في خانة تلبية المستجدات المعروف منها وغير المعروف.
إن قسماً غير قليل من المنشآت الصناعية أصابه الدمار والتخريب والسرقة والنهب.. وعليه فإن إعادة تشغيل مثل هذه المنشآت وبشكل خاص تأمين الآلات والمعدات، عملية صعبة ومكلفة لا تزال تعتمد على جهد الصناعي الخاص في تدبير تمويلها وسط غياب واضح للجهات الحكومية في هذا الشأن، وفقاً لرأي الخبير..!
في ضوء هذا الطرح الواقعي.. يتحتم العمل على غير الموجود حالياً، وفق سلسلة حلقات لا مجال لإسقاط إحداها، ومنها القيمة المضافة والتنافسية والتسويق، وقبل ذلك معرفة أي الصناعات التي يحتاجها الغير وبأي معايير واشتراطات في المواصفات والجودة…
إذ من غير المعقول أن ننتج بعقليات وأدوات وأساليب عفى عنها الزمن، ونركن لصناعة ومنتج لا يُسوق إلاَّ في سوقنا المحلي فقط، بل لكي تتطور صناعتنا، يتوجب أن تكون منتجاتها قادرة على الولوج للأسواق الخارجية والمنافسة، وهذه مسلمة صناعية عالمية، في الدول التي استطاعت تحقيق نهضتها الصناعية.
ولعل المفارقة التي تدمي القلب، أن الكل مدرك ومقتنع بذلك، لكن المستغرب أنه لا أحد يعمل لامتلاك التكنولوجيا والتقنيات والأساليب الإنتاجية الصناعية الحديثة، التي تتطلبها استحقاقات التقدم والتطوير الفعلي لسورية الجديدة، وللعلم أن السوري يطبق ما طرحنا حين يستثمر خارجياً، أما داخلياً فلا.. إن السر يكمن في “الحلقة” لتظل السلسلة مفتوحة من الجانبين..!!؟
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com