موسكو وطهران يؤكّدان ضرورة فرض سورية سيادتها على كامل أراضيها الخارجية: العدوان التركي وليد أوهام نظام أردوغان الفاشي
أكدت سورية أن العدوان التركي على الأراضي السورية وليد الأطماع التوسعية والأوهام البائدة لنظام أردوغان، ويفقده موقع الضامن في إطار أستانا، مؤكدة تلاحم كل السوريين في التصدي لهذا العدوان، فيما شدّدت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا أن الأمن والاستقرار المستدامين في سورية لا يمكن تحقيقهما إلا على أساس فرض سيادتها على كامل أراضيها، في وقت تواصلت المطالبات الدولية بإيقاف العدوان التركي فوراً، وتدارك الكارثة الإنسانية الناجمة عنه بصورة عاجلة.
وقال مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين: رغم سيل الإدانات الدولية لا يزال نظام أردوغان متعنّتاً في عدوانه السافر على سورية، ويزرع الموت والدمار، في انتهاك فاضح لكل القوانين والأعراف الدولية، الأمر الذي يظهر إلى العلن الوجه الحقيقي لنظام أردوغان الفاشي، وأضاف: إن هذا العدوان التركي الغادر وليد الأطماع التوسعية والأوهام البائدة لنظام أردوغان، ويؤكّد أنه في مصاف المجموعات الإرهابية، التي قدّم لها مختلف أشكال الدعم، ويوجّه ضربة شديدة للجهود الرامية لإيجاد مخرج للأزمة في سورية، وبالتالي يفقد النظام التركي موقع الضامن في إطار أستانا، ولا سيما أن عدوانه يتناقض تماماً مع مبادئ ومقررات أستانا.
وتابع المصدر: إن الجمهورية العربية السورية، إذ تجدّد رفضها المطلق وإدانتها الشديدة للعدوان التركي السافر والتدخل في الشؤون الداخلية السورية، فإنها تؤكّد تلاحم السوريين.. كل السوريين، ووحّدتهم أكثر من أي وقت مضى تحت راية العلم الوطني في التصدي للعدوان التركي الغادر، والحفاظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً، وحماية سيادتها وقرارها الوطني المستقل، وعدم السماح لأي كان بالتدخل في الشأن الوطني السوري.
وختم المصدر تصريحه بالقول: إن المجتمع الدولي برمته مطالب بالاضطلاع بمسؤولياته في الضغط على نظام أردوغان لوضع حد لعدوانه على سورية، وتحميله كامل المسؤولية عن الآثار المترتّبة عليه، وإرغامه على الإقلاع عن سياساته التخريبية، التي تشكّل تهديداً للأمن والسلم والاستقرار في المنطقة والعالم.
يأتي ذلك فيما أعلنت وزارة الخارجية الروسية أن الدبلوماسيين الروس والإيرانيين بحثوا في موسكو أمس تطوّرات الأوضاع في شمال شرق سورية.
وجاء في بيان صدر عن الوزارة على موقعها الرسمي: “تمّ التأكيد على القناعة المشتركة بأن تحقيق الاستقرار الدائم وطويل الأمد في شمال شرق سورية والمنطقة ككل أمر ممكن فقط على أساس استعادة سيادة ووحدة وسلامة الأراضي السورية”، وأضاف: “تناولت المشاورات أيضاً موضوع التسوية السورية، وخاصة الاستعدادات لإطلاق عمل لجنة مناقشة الدستور في جنيف والوضع في اليمن”.
حضر المشاورات من الجانب الروسي المبعوث الخاص للرئيس الروسي إلى سورية رئيس الوفد الروسي إلى محادثات أستانا ألكسندر لافرنتييف، ونائب وزير الخارجية سيرغي فيرشينين، إضافة إلى ممثلين عن وزارة الدفاع الروسية، وعن الجانب الإيراني أمين المجلس الأعلى للأمن القومي علي شمخاني وكبير مساعدي وزير خارجية إيران لشؤون القضايا السياسية الخاصة علي حاجي.
وفي هذا السياق، أكدت المتحدّثة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، أن الأمن والاستقرار المستدامين في سورية لا يمكن تحقيقهما إلا على أساس فرض سيادتها على كامل أراضيها، وقالت في مؤتمر صحفي: “إننا مقتنعون بأن الأمن والاستقرار المستدامين على المدى الطويل في شمال شرق سورية، وفي كامل البلاد، لا يمكن تحقيقهما إلا على أساس فرض سيادة الدولة السورية وسلامتها الإقليمية أولاً وقبل كل شيء.. وهذا يعني نقل السيطرة إلى أحكام قوانين الحكومة السورية على جميع الأراضي السورية، بما في ذلك على الحدود مع تركيا”، وأشارت إلى أن العدوان التركي على الأراضي السورية يجب ألا يعوق جهود الحل السياسي للأزمة في سورية وفقاً لقرار مجلس الأمن رقم 2254، موضحة أن بلادها تواصل بذل الجهود مع شركائها في عملية أستانا وبالتنسيق مع المبعوث الأممي الخاص إلى سورية للتحضير لعقد لجنة مناقشة الدستور أواخر تشرين الأول الجاري.
إلى ذلك جدّدت روسيا وإيران التأكيد على ضرورة إرساء الاستقرار في سورية على أساس احترام سيادتها ووحدة أراضيها، وقالت الخارجية الروسية في بيان: إن وزيري الخارجية الروسي سيرغي لافروف والإيراني محمد جواد ظريف أكدا في اتصال هاتفي ضرورة تحقيق استقرار صارم وطويل الأمد للأوضاع شمال شرق سورية على أساس احترام سيادة الجمهورية العربية السورية ووحدة أراضيها، واتفقا على “مواصلة تبادل الآراء والتنسيق بين الدول الثلاث الضامنة لعملية أستانا حول حل الأزمة في سورية، بما في ذلك التمهيد لإطلاق عمل لجنة مناقشة الدستور في جنيف”.
العراق: العدوان التركي يقوّض جهود مكافحة الإرهاب
عربياً، جدّد الرئيس العراقي برهم صالح الدعوة إلى إيقاف العدوان التركي على الأراضي السورية، وتدارك الكارثة الإنسانية الناجمة عنه بصورة عاجلة، وقال بيان للمكتب الإعلامي للرئاسة العراقية: إن صالح، وخلال استقباله وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان في بغداد، شدّد على أن العدوان التركي على الأراضي السورية “سيقوّض جهود المجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب”، وأشار إلى ضرورة تكثيف الجهود لدعم العراق في الحفاظ على أمنه واستقراره، وعدم منح الفرصة للعصابات الإرهابية لإعادة تجديد نشاطاتها وتهديد أمن المنطقة والعالم.
إلى ذلك حذّر وزير الخارجية العراقي محمد علي الحكيم ونظيره الفرنسي من تداعيات العدوان التركي، مؤكدين أهمية حل أزمات المنطقة بالسبل السياسية. وشدّد الحكيم خلال مؤتمر صحفي عقده مع لودريان في بغداد على “حرص بغداد على وحدة وسلامة الأراضي السورية”، داعياً إلى “اتخاذ جميع الإجراءات الأمنية اللازمة لمنع تسلل الإرهابيين عبر الحدود مع العراق”.
من جانبه اعتبر وزير الخارجية الفرنسي أن “المكاسب المحققة ضد تنظيم داعش الإرهابي باتت مهددة” بسبب العدوان التركي، لافتاً إلى أن فرنسا تعمل على عقد اجتماع دولي لبحث تداعيات هذا العدوان.
في السياق ذاته، قالت وزارة الخارجية المصرية في بيان: إنها “تتابع ببالغ الاستياء والقلق العدوان التركي المستمر على الأراضي السورية، وما يرتبط بذلك من انتهاكات لقواعد القانون الدولي، وما تمخّض عن ذلك العدوان من تداعيات خطيرة على الوضع الإنساني بفقدان الأرواح ونزوح عشرات الآلاف، فضلاً عن التأثيرات بالغة السلبية لهذا العدوان على مسار عملية التسوية السياسية في سورية”.
من جانبه، أكد الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، بعد لقائه رئيس جمهورية إيرلندا مايكل هيغنز في قصر بعبدا، “ركّزنا مع رئيس إيرلندا على أهمية التوصل إلى حلول سياسية للأزمة في سورية وضرورة الإسراع في إيجاد حل لأزمة المهجرين بما يساهم في عودتهم إلى وطنهم”.
الصين: تهديد للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم
دولياً، أكد مندوب الصين الدائم لدى الأمم المتحدة تشانغ جون أن العدوان التركي على الأراضي السورية يشكّل تهديداً للأمن والاستقرار في المنطقة والعالم بأسره، مشدّداً على ضرورة وقف هذا العدوان واحترام سيادة سورية ووحدة أراضيها، وحذّر، في تصريحات صحفية بعد جلسة لمجلس الأمن الدولي أمس الأول، من أن العدوان التركي على الأراضي السورية قد يؤدّي إلى عودة انتشار تنظيم “داعش”، ما يشكّل تهديداً للأمن والاستقرار في سورية والمنطقة والعالم أجمع، مجدّداً التأكيد على ضرورة وقف العدوان والالتزام بمبادئ ميثاق الأمم المتحدة والقوانين والأعراف الدولية ورفض بلاده استخدام القوة في العلاقات الدولية.
وكان مجلس الأمن الدولي أكد في بيان مقتضب عقب اجتماعه المغلق أن العدوان التركي على الأراضي السورية يقوّض أمن واستقرار المنطقة، ويؤدي إلى زيادة معاناة المدنيين، ونزوح أعداد كبيرة منهم، وعرقلة وصول المساعدات الإنسانية إليهم.
ألمانيا توقف تسليح النظام التركي
من جهتها، قالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، في كلمة أمام البرلمان: “طالبت تركيا بقوة في الأيام القليلة الماضية بإنهاء عمليتها العسكرية، وأشدّد على هذا من جديد الآن”، وأشارت إلى أن عدوان النظام التركي يهدّد بحدوث مأساة إنسانية وزعزعة الاستقرار في المنطقة، “لذا فإن ألمانيا لن تسلّم أي أسلحة لتركيا في ظل الأوضاع الحالية”.
وفي روما، أكد رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي، خلال مكالمة هاتفية أجراها مع أردوغان، استمرت أكثر من ساعة، “رفض بلاده للعملية العسكرية التركية في سورية”، وكشفت مصادر عن أن المكالمة “شهدت لحظات توتر شديد في إطار الدعوات الحازمة والمتكرّرة من قبل كونتي لوقف هذه العملية العسكرية ذات الآثار السلبية على السكان المدنيين”.
التشيك تدعو أوروبا لتبني إجراءات مشتركة ضد أردوغان
وفي براغ، أكد رئيس الحكومة التشيكية أندريه بابيش ضرورة تبني الاتحاد الأوروبي إجراءات مشتركة ضد النظام التركي من أجل وقف عدوانه على الأراضي السورية، وقال: إنه سيقترح خلال القمة الأوروبية التي ستعقد في بروكسل تبني مثل هذه الإجراءات استجابة لطلب مجلس النواب التشيكي بهذا الخصوص.
وكان مجلس النواب التشيكي دعا بابيش إلى العمل من خلال الاتحاد الأوروبي على إقرار إجراءات اقتصادية وسياسية تجبر النظام التركي على وقف عدوانه.
من جهته جدّد رئيس المجموعة البرلمانية التشيكية للصداقة مع سورية ستانيسلاف غروسبيتش إدانته العدوان “الذي يمثّل جريمة ضد الإنسانية وخرقاً فظاً للقانون الدولي”، وأوضح أن العدوان التركي يأتي في وقت يحقق فيه الجيش العربي السوري الانتصار على الإرهاب في محاولة لإطالة أمد الأزمة، والعمل على تأخير إلحاق الهزيمة النهائية بالتنظيمات الإرهابية وداعميها، فيما أدان عضو مجلس النواب التشيكي رادوفان فيخ بحزم العدوان، مشدّداً على أنه لا يمكن القبول بأي تبرير له، وأكد أن مطالبة الحكومة السورية بخروج كل القوات الأجنبية الموجودة بشكل غير مشروع في أراضيها هي مطالبة شرعية، وأضاف: “إذا كان هناك أي إشكالات حدودية، فمن واجب تركيا أن تحلها مع الحكومة السورية”.
من جهته أكد عضو البرلمان الأوروبي عن سلوفاكيا فلاديمير بيلتشيك أن العدوان التركي على الأراضي السورية تهديد للاستقرار في المنطقة كلها، مشدّداً على ضرورة الحفاظ على وحدة وسيادة هذه الأراضي.
البرلمان الأوروبي: لتوسيع العقوبات ضد تركيا
وقال رئيس البرلمان الأوروبي، ديفيد ساسولي، خلال اجتماع المجلس الأوروبي في بروكسل: “إننا ندين بشدة ومن دون تحفظ العمل العسكري التركي في شمال شرق سورية، والذي يشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، عدا عن أنه يقوّض استقرار وأمن المنطقة ككل، ما يزيد من معاناة الأشخاص المتأثرين بالفعل بالحرب، فضلاً عن عرقلة وصول المساعدات الإنسانية”، وأشار إلى أن الجميع في أنحاء أوروبا تابعوا بفزع وغضب الأحداث الجارية في جوارهم، معرباً عن ترحيبه بقرار التنسيق بين دول أوروبا للحظر الوطني على مبيعات الأسلحة المستقبلية إلى تركيا، معتبراً أن حظر كل دولة على حدة هذه المبيعات مجرد خطوة أولى، فمن واجبنا أن نرسل رسالة لا لبس فيها من خلال الدعوة لفرض حظر مشترك من الاتحاد الأوروبي ليس فقط على شحنات الأسلحة في المستقبل، ولكن أيضاً على الشحنات الموجودة بالفعل.
وأعرب المسؤول الأوروبي عن استغرابه لمبادرة الاتحاد الأوروبي لاتخاذ قرار بفرض عقوبات على تركيا بسبب تصرفها غير المقبول بالحفر في المياه القريبة من قبرص، بينما لم يثر العدوان العسكري في شمال شرق سورية رداً مماثلاً، وطالب ببذل أقصى الجهود لوقف هذا العمل العدواني، وإطلاق مبادرة يمكن مناقشتها داخل الناتو وتقديمها إلى مجلس الأمن الدولي يظهر من خلالها الاتحاد الأوروبي، وهو يتحدّث بصوت واحد عند العمل من أجل السلام في المحافل متعددة الأطراف، مضيفاً: على هذه الخلفية يكرر البرلمان الأوروبي دعوته إلى تعليق مفاوضات انضمام تركيا إلى عضوية الاتحاد. وأعرب عن رفضه الشديد أي محاولة من جانب النظام التركي لربط عدوانها على سورية بمصير المهجّرين على الأراضي التركية، مؤكداً أنه لا ينبغي أبداً استخدام البشر المحتاجين كورقة مساومة لتبرير انتهاكات القانون الدولي.
بدوره طالب الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون دول الاتحاد الأوروبي بـ “أن نتحدث مجدداً بصوت موحّد وواضح وحازم لإدانة هذا الهجوم”، داعياً الاتحاد الأوروبي إلى الاتفاق جميعاً على وقف تصدير الأسلحة إلى تركيا.