ملتقى البيادر الثقافي .. انموذج للعمل الأهلي المثمر
شهد النور والانطلاقة الأولى لنشاطه في محافظة طرطوس لكن طموح مؤسسيه بأن يكون لهم دور بارز في الوقوف إلى جانب الوطن جعل نشاطه يمتد إلى باقي المحافظات، سنوات عدة مرت على انطلاق ملتقى البيادر الثقافي وفي كل عام يحمل هماً جديداً يضاف إلى المسؤوليات التي أنشىء الملتقى للتصدي لها، وللوقوف على الفكرة التي قام عليها الملتقى وأهمية العمل الأهلي وآفاقه المستقبلية كان لنا هذا اللقاء مع أمين الملتقى حسن جميل بزاقي الذي قال:
عندما بدأت الحرب الظالمة على سورية فكرت كيف يمكنني أن أقوم بدوري في الدفاع عن وطني ولو بالكلمة كما أولادي يقاتلون بالبندقية، ومنذ اللحظة اﻷولى بعد مراقبتي وتحليلي لما جرى في تونس ومصر وليبيا قلت في نفسي إن هذه الحرب ستطول وسنقدم الكثير من الضحايا، ولما كانت وجهة نظري أن الحرب بتركيبتها الجديدة سيكون لها أوجه عديدة ومنها الوجه الثقافي، خطر ببالي أن أبدأ بنشاطات ثقافيه توعوية لشرح أهداف هذه الحرب وقلت إن المخطط كبير وله هدفان أساسيان وأهداف فرعية كثيرة، الهدف الأول منها ضرب الدولة السورية المقاومة للسياسة الأمريكية والممانعة للتطبيع مع الكيان الصهيوني، وبتقديري كان ﻻبد للمثقفين من دور لشرح اﻷمر بتفاصيله للناس من خلال المحاضرات والندوات الحوارية، وقد نشطنا في ذلك، والأمر الثاني كان يراد تقسيم سورية إلى دويلات مذهبية دينية وإثنية لتبرير ديمومة الكيان الصهيوني الذي يريد دولة يهودية صرفة، وإن لم يستطع العدو إسقاط الدولة أو تقسيمها يكتفي بتدمير البنى التحتية واقتصاد البلاد لتصبح رهينة لصندوق النقد والبنك الدوليين اللذين لم يرق لهما أن سوريه ليست مديونة ﻷحد، وكان هاجسي أن أحمل رسالتي لكل الشباب كي ﻻينخدعوا بالشعارات البراقة والمضللة.
وعن الصعوبات التي رافقت ظهور الملتقى تابع بزاقي: طبعاً تعرضنا للكثير من المعوقات وكان ﻻبد من توفير مكان لنلتقي بالشباب ﻹقامة الندوات والحوارات فعملنا في كلية الآداب بطرطوس وشاركنا بالحوارات في المراكز الثقافية لكن ذلك لم يف بالغرض فقررت مع بعض المثقفين المقتنعين بهدفنا الثقافي التوعوي أن نشكل ملتقى ثقافيا تطوعيا وكان أن شكلنا ملتقانا الذي حمل اسم ملتقى البيادر الثقافي وهي تسمية موفقة، لأن البيادر تحمل كل الغلال وعندنا في بلدنا كل صنوف اﻷدب من شعر وقصه ورواية والفن التشكيلي ومدارسه ومجالاته كالنحت والحفر على النحاس والخشب والخط وعندنا العازفون والمغنون، وأيضاً محاضرون وكتاب ومحللون سياسيون لكن ﻻيحق ﻷي عضو في الملتقى أن ينشط لصالح حزب سياسي أو دين أو مذهب، ولدينا خطوط حمر ﻻنسمح بالمساس بها هي وحدة الجغرافية ووحدة الشعب ومقام الرئاسة والجيش العربي السوري، كما نقدم العون على قدر المستطاع للجرحى من خلال تشجيعهم لاكتساب مهارات وإنجاز أعمال يدوية ومنتجات مثل العسل والفطر والعصير والصابون.. الخ، وكذلك أسر الشهداء بدل أن ينتظروا المساعدات نساعدهم باكتساب مهارة عمليه تمكنهم من العيش بكرامة وليس هناك جهة اقتصادية تقدم لنا معونة ﻻمادية وﻻعينية وﻻنقبل أن يتاجر أحد بنا، والجميع يعلم أنه في كل أسرة سورية شهيد أو أكثر أنا مثلاً والد شهيد وأخ شهيد وعم شهيد وخال العديد ممن ضحوا لنبقى.
وعن الشرائح التي يضمها الملتقى ونشاطه يقول بزاقي: ملتقانا يضم أطياف المجتمع كافة ومن كل المشارب السياسية، لكن نشاطنا ينصب لخدمة وتوعية الشباب والدعم النفسي لذوي الشهداء والجرحى، كما نعنى بالمواهب الشابة ونرعاهم للوصول بهم إلى مكان يحققون فيه ذاتهم، وهدفنا وطنيا تطوعيا لا ننتظر أجراً عليه وبتقديري إن العمل اﻷهلي كان له دور مهم إلى جانب الأحزاب والقوى الوطنية التي تحمل هم الوطن في رفع سوية الوعي الثقافي والسياسي لما يتعرض له ومن خلال العمل اﻷهلي الوطني قطعنا الطريق على المنظمات الدولية المسيسة أصلاً لتنفيذ أجندات خارجية، وكان لنا دور بارز في الحوارات الوطنية من أجل سحب أوراق كان يراد استخدامها ضد بلدنا، وأنا على قناعة تامة أن منظمات المجتمع اﻷهلي تشكل أهم الروافع في إعادة اﻹعمار وأعني المنظمات الأهلية الوطنية غير المرتبطة بالخارج، وقد استطاع ملتقانا بنشاطاته المتعددة نشر الثقافة الوطنية لمواجهة الغزو الثقافي الذي أراد طمس هويتنا الثقافية واستبدالها بثقافته اللامنتمية، كما ساهمنا في فضح اﻷضاليل والأكاذيب عبر الانترنت والفيس بوك وغير ذلك، وكشفنا حقيقة الفكر الوهابي وكنت أنا شخصياً أول من أوضح حقيقة داعش بأنها أداة التلمود الجديدة، وقد هددت بالقتل ومازلت مهددا حتى اللحظة، كما حققنا انتشارا مهماً للفنانين الذين اكتشفناهم ليس فقط في سورية بل في الوطن العربي والعالم، وكل ذلك بفضل نشاطنا المتواصل دون كلل عبر المهرجانات والمعارض والمحاضرات والندوات الفكرية والثقافية، ومن خلال التلفزيون والإذاعة وهناك كتاب وفنانون لم يكن لهم حضور لأسباب مختلفة تبنيناهم واعتلوا المنابر ونجحوا، طبعاً كل هذا النجاح تحقق بفضل جهود فريق العمل في إدارة الملتقى.
وعن نشاطات الملتقى الحالية بيّن بزاقي: هذه الحرب في نهاياتها، وتحقيق الانتصارات التي ماكان لها أن تتحقق لوﻻ صلابة وحكمة قائدنا وبسالة جيشنا وصبر الشعب السوري الجبار الذي يستحيل إركاعه، فهو عصي على الهزيمة والانكسار، والأهم صبر واحتساب من قدموا فلذات أكبادهم لتبقى سورية كما هي مركز العالم وأم الحضارات، فنحن شعب جبار آمنا بأحقية قضيتنا وانتصرنا ونحن في ملتقى البيادر الثقافي اعتبرنا هذا العام عام الجيش العربي السوري وكل مهرجانات هذا العام أقيمت تحت عنوان التحية لجيشنا وانتصاراته، ومنذ أسبوع استضفنا في ذكرى حرب تشرين التحريرية ملتقى أسرة البيت العتيق في السلمية وسنرد لهم الزيارة قريبا، والسبت القادم سنفتتح معرضاً للكتاب في مقر الملتقى بطرطوس يليه معرض فن تشكيلي، وأكد بزاقي أن الملتقى يطمح للتشبيك مع الملتقيات الثقافية كافة لخلق مشروع نهضوي ثقافي وطني وقومي لنرقى بثقافتنا إلى مستوى الفعل العسكري والسياسي لقيادتنا وجيشنا.
جلال نديم صالح