أخبارزواياصحيفة البعث

فوضى في حلف أعداء سورية

 

د. مهدي دخل الله

الفوضى التي ظهرت مؤخراً في جزيرتنا السورية وجه من أوجه عبث السياسة. هذا الوجه يستند إلى قاعدة تقول: إن المتحالفين في العدوان غالباً ما ينتهي بهم الأمر إلى اختلاف، فخلاف، فنزاع… وربما في النهاية يصلون إلى مرحلة الصراع !..
في المقابل نرى أن هناك تعزيزاً مستمراً للتنسيق والتفاهم بين الحلفاء المدافعين عن الاستقلال وعن مبادئ القانون الدولي ومقاصده.
هذا ليس تصوراً منحازاً… هو أمر تثبته الوقائع في التاريخ السياسي العالمي، وآخرها ما يحدث في جزيرتنا اليوم ..
الخلاف بين أعداء سورية، من الجناح الأوروبي للناتو ومن أمريكا وتركيا والسعودية وقطر والانفصاليين والمرتزقة الإرهابيين، يقابله رفع في مستوى التخطيط والتنفيذ في محوري المقاومة والاستقلال… الأول يضم سورية وحزب الله وإيران، والثاني يضم الثلاثة مضافاً إليهم روسيا، مدعومين من أقطاب استقلال كبرى أخرى كالصين وكوريا الديمقراطية وفنزويلا…
كيف يمكن تفسير هذا؟..
هو أمر متداخل ومعقد. لكن يمكن إيجاد بعض المداخل للتفسير.
1- حلف العدوان يقوم على أساس مطامع وسياسات ليس لها قواعد أومعايير ترتكز إليها، لذلك فهي معرّضة دائماً للخلاف والنزاع. في المقابل حلف الدفاع عن الاستقلال يرتكز إلى مبادئ واضحة تمد الحلف بمرجعية معيارية. فعلى سبيل المثال لا يمكن لحلف الاستقلال أن ينتهك سيادة عضو فيه، لأن المبدأ الذي يقوم عليه هذا الحلف هو الدفاع عن السيادة…
2- من طبيعة المطامع أنها غير قابلة للتنسيق إلا في دائرة صغيرة منها، ذلك لأن لكل من الدول المعتدية أهدافاً مختلفة، والتقاؤها في بعض الأهداف لا يمنع الاختلاف في الأهداف الأخرى. في الجزيرة السورية يتفق الأمريكيون والأتراك والانفصاليون والإرهابيون على معاداة سورية. لكن هناك اختلافات واضحة بينهم في بعض الأهداف. الولايات المتحدة تدعم الانفصاليين، أما تركيا فتدعم الإرهابيين، وتعارض الانفصاليين..
3- بسبب وضوح معايير الحلف المدافع عن الاستقلال، وتماسك هذا الحلف في دفاعه عن مفهوم السيادة يصبح كل صراع بين المختلفين في حلف العدوان نصراً كبيراً حتى لو لم يضطر حلف الاستقلال إلى إطلاق رصاصة واحدة.
4- هذا ما نراه حالياً على أرض الواقع.. الخلاف بين المتحدين الأربعة: أمريكا وتركيا والانفصاليون والإرهابيون هو نصر تلقائي لسورية ولحلفائها بمجرد وقوع هذا الخلاف ..
5- إذا أضفنا إلى هذه الحالة الاختلاف والصراع بين محور السعودية – الإمارات ومحور تركيا – قطر، تبدو ظاهرة «الفوضى» أكثر وضوحاً ودلالة.. وهي في حد ذاتها تضيف إنجازاً تلقائياً لمحور المقاومة والاستقلال..
6- هذه الفوضى، التي هي نتاج طبيعي لحلف قائم على المطامع والعدوان، تفرض على الجميع حقيقة طالما رفضوها، وهي أن الحل الأمثل يكون في عودة السيادة إلى صاحب السيادة.. الدولة السورية، وهكذا يبدو أن مبدأ السيادة يفرض نفسه بحكم المنطق وبحكم التطورات، ناهيك عن الدفاع المستميت لسورية عن هذه السيادة.
7- كل هذه الوقائع والأحداث تؤكد عبثية حلف العدوان .. وعقلانية حلف المقاومة والاستقلال وتوافقه .. وهو في الوقت نفسه إثبات لطبيعة الأشياء وطبائع البشر..

mahdidakhlala@gmail.com