لليوم السادس.. الاحتجاجات تعمّ لبنان رفضاً لورقة الحريري
لم تفلح الورقة الإصلاحية التي أقرّتها الحكومة اللبنانية في امتصاص غضب الشارع، لأن التراكمات الموجودة نتيجة الفساد الحكومي تمنع حتى الآن الجماهير المحتشدة في الشوارع من الاطمئنان إلى الوعود التي أطلقها رئيس الحكومة بعد عقود طويلة من الفساد المستشري.
فقد تواصلت التحركات في لبنان أمس، لليوم السادس على التوالي، احتجاجاً على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية ورفضاً للورقة الإصلاحية التي أقرّتها الحكومة، ولا تزال الحركة مشلولة في معظم أرجاء البلاد، حيث قُطعت الطرقات، وأقفلت معظم المدارس والمؤسسات أبوابها، بينما قطع المحتجون الطريق أمام مصرف لبنان في العاصمة بيروت.
وقد افترش الشبان الأرض، في منطقة الحمرا وسط بيروت، أمام مصرف لبنان المركزي، في وقت استقدمت قوى الأمن تعزيزات إلى المكان.
وأفادت غرفة التحكم المروري، بأن معظم الطرقات الرئيسية في البلاد التي تربط الشمال ببيروت وجبل لبنان بالبقاع والجنوب، مقطوعة جزئياً، في وقت عملت فيه القوى الأمنية على فتح بعض الطرقات في بيروت والمتن بالتفاوض والتنسيق مع المحتجين.
وفي حين تقطعت أوصال لبنان، أقفلت معظم المدارس في جبل لبنان والبقاع والجنوب والشمال أبوابها، كذلك أقفلت الجامعة اللبنانية وبعض الجامعات الخاصة أبوابها، حيث إن الطلاب شكّلوا العدد الأكبر من المتظاهرين على مدى الأيام الماضية. ونفت مصادر أمنية بحث إعلان حالة الطوارئ، وقالت: “إن القوى الأمنية حريصة على سلمية المتظاهرين وسلامتهم وعدم تقطيع أوصال البلاد”.
من جهة أخرى، أفاد موقع “لبنان 24″، بأن سعر صرف الليرة اللبنانية بلغ في اليومين الماضيين في السوق السوداء 1800 ليرة، ما دفع الصيارفة إلى مقاطعة بيع الدولار، والاكتفاء بشرائه بسعر تراوح بين 1620 و1650 ليرة لبنانية.
وكان مجلس الوزراء اللبناني أقرّ أمس الأول مشروع موازنة 2020 والورقة الإصلاحية، وأكد رئيس الحكومة أن الموازنة خالية من الضرائب، وأنها تتضمن خفض رواتب الرؤساء والوزراء والنواب الحاليين والسابقين وإعداد مشروع قانون استعادة الأموال المنهوبة.
وفيما يبدو أنه محاولة يائسة للالتفاف على الاحتجاجات، أقرّ الحريري بأن تحرّك المتظاهرين أدّى إلى قرارات الحكومة، وادّعى أن قرارات المجلس ليس الهدف منها المقايضة، أي دفعهم إلى الكفّ عن التظاهر.
النائب عن حزب الله في البرلمان اللبناني حسن فضل الله، أكد أن اللبنانيين اليوم هم الضمانة الكبرى لتنفيذ الورقة الإصلاحية، متمنّياً ألّا يضيّع أحد هذا المكسب الذي نتج من الحراك الشعبي، ودعا المتظاهرين إلى عدم السماح لأيّ أحد بإضاعة ما حققوه من مكتسبات، مشيراً إلى أن ما يتداوله بعضهم عن أن حزب الله سيخرّب التظاهرات سيناريوهات متخيّلة.
بدوره، قال عضو كتلة التنمية والتحرير في البرلمان اللبناني هاني قبيسي: إن ما حصل في الأيام الماضية يمثّل بدايةً جيدةً للإصلاحات، وأكد ضرورة محاسبة الفاسدين من خلال قضاء مستقل.
من جهة ثانية، حذّر خبير اقتصادي من مغبّة الإجراءات التي أعلنت عنها الحكومة اللبنانية، معتبراً أن هذه الإصلاحات ستعمّق الأزمة الاقتصادية التي يعيشها لبنان، المثقل بالديون، وقال: إن “الإجراءات، التي أعلنت عنها الحكومة ستخفف الضغوط التمويلية لمدة عام واحد فقط، بالمقابل سيتعمّق الركود الاقتصادي، وسينكمش الناتج المحلي، وسيرتفع التضخم”، محذّراً من أن فئات الدخل المتدني والمتوسط ستعاني من آثار هذه الإجراءات، حيث سترتفع الأسعار، وتتراجع القدرات الشرائية، وترتفع البطالة، وتنخفض الأجور، وذلك بدلاً من أن تعاني من ارتفاع الضرائب والرسوم على الاستهلاك.
وفي إجراء أثار الكثير من إشارات الاستفهام حوله، أقال وزير الإعلام جمال الجراح، مديرة الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان لور سليمان، في خطوة ربطها المراقبون بتغطية الوكالة لأخبار الحراك الشعبي الأخير.
وأصدر الوزير قراراً بإقالة سليمان التي شغلت هذا المنصب منذ عام 2008، وعيّن زياد حرفوش بدلاً منها.
ومن اللافت أنه تم توقيع القرار، في 17 تشرين الأول الجاري، أي في اليوم الذي انطلقت فيه احتجاجات لبنان.
وقال الوزير السابق، بطرس حرب: إنه “من المعيب إقالة سليمان اليوم بعد إلغاء وزارة الإعلام، وأن يوضع على القرار تاريخ 17 تشرين الأول لكي يتم تمريره”.