مأزق اللص التركي
قد تُغني المقارنة بين صورة لقاء السيد الرئيس بشار الأسد رجال الجيش العربي السوري على خط النار في إدلب، وبين صورة أردوغان خلال لقائه الرئيس بوتين أمس في سوتشي عن الكثير من الكلام، فالرئيس الأسد بدا في قمة الارتياح والشعور بالثقة، بينما بدا الرئيس التركي واجماً وغير قادر على إخفاء القلق المسيطر عليه، ومن المؤكد أن زيارة الرئيس الأسد قد نالت مما تبقى لأردوغان من معنويات مهزوزة ذهب بها إلى لقاء الرئيس الروسي للبحث عن مخرج من مأزقه المتفاقم في سورية، ذلك أن الزيارة كانت في توقيتها رسالة مباشرة لأردوغان، وضعته في حجمه الحقيقي الذي اعتاد على إخفائه بالجعجعات الفارغة والكاذبة…
أردوغان كما قال الرئيس الأسد: “لص سرق المعامل والقمح والنفط .. وهو اليوم يسرق الأرض”.. واللصوصية فعل شائن غالباً ما يعكس دناءة فاعله وخلوه من الأخلاق، وهذا ديدن الرئيس التركي الذي يقوم بغزو الأرض السورية على طريقة اللص الانتهازي الذي ينفّذ أوامر سيده الأمريكي. وما محاولاته الظهور إعلامياً بمظهر الند للسيد إلا قناع يضعه لإخفاء هذه الحقيقة التي تعني أن صورة القائد الصنديد الذي يريد إعادة المجد العثماني، والذي يستطيع تحدي أمريكا وإسرائيل ليست أكثر من صورة مفبركة تثير السخرية والاشمئزاز…
ذهب اللص التركي إلى سوتشي أملاً في التوصل إلى مخرج يحفظ له ماء الوجه بعد أن أفقده انتشار الجيش العربي السوري في مناطق الجزيرة الأمل في استكمال تنفيذ المخطط الأمريكي وتحقيق حلمه السلطاني المريض، فإذا بزيارة الرئيس إلى إدلب، وتأكيد سيادته على أن معركتها هي الأساس لحسم الفوضى والإرهاب في كل مناطق سورية، توجّه له ضربة معنوية موجعة، وتذكّره بأن أطماعه في هذا الجزء الغالي الذي لا يتجزأ من التراب السوري محكومة بالفشل الذريع، وأن المسألة مسألة أولويات يحددها الوضع العسكري على الأرض كما أكد الرئيس الأسد…
صحيح أن أردوغان قد تمكّن بفضل سيده الأمريكي من سرقة جزء من الأرض السورية، وصحيح أيضاً أن إدلب مازالت تعاني من سيطرة إرهابييه. لكن الأصح هو ما أكدته زيارة الرئيس الأسد من أن سورية قادرة على التصدي للص التركي، وأن إدلب عائدة قريباً إلى حضن الوطن رغم أنفه.
محمد كنايسي