إيقاف برلماني أوروبي عن العمل لتنديده بأردوغان!
في استلهام لممارسات رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان القمعية بحق معارضيه، وفي تناقض واضح مع المواقف الأوروبية المعلنة، قرّر رئيس البرلمان الأوروبي، ديفيد ساسولي، وقف عضو “حزب الرابطة” الإيطالي، أنجيلو تشوكا، لمدة خمسة أيام عن أنشطة البرلمان، بعد تنديده بالعدوان التركي على الأراضي السورية، في دليل على رضا داخلي عن ممارسات شيخ اللصوص أردوغان.
وكان تشوكا نهض من مقعده، وألقى علبة شوكولاتة تركية على الأرض، هاتفاً: “لا لتركيا هذه!”، أثناء نقاش برلماني في جلسة بمدينة ستراسبورغ، وقال: إنه سيطعن في قرار رئيس البرلمان، مضيفاً: “يدهشني بشكل خاص كيف يشعر الرئيس ساسولي بالإهانة، ويجد أنه من غير اللائق إلقاء علبة شوكولاتة تلقيناها من ممثلي الحكومة التركية، بينما لا يظهر السخط نفسه تجاه المدنيين والأطفال الذين ماتوا ويموتون هذه الأيام بأيد تركية”.
وأكد عضو الرابطة أنه لن يكون أبداً “مجرد ألعوبة تسيطر عليه الإملاءات الأوروبية أو الرئيس ساسولي”، كما “لن أكون مجرد قطعة أثاث في قاعة البرلمان، ولن أتراجع أبداً عن التعبير عن المعارضة تجاه مواقف غير لائقة كتلك التي كنت أتحدث عنها”.
ويشن النظام التركي منذ التاسع من الشهر الجاري عدواناً على عدد من مدن وقرى وبلدات ريفي الحسكة والرقة، ما أدى إلى استشهاد وإصابة المئات من المدنيين، بينهم أطفال ونساء وعمال في القطاعات الخدمية، ووقوع أضرار مادية كبيرة في المرافق الخدمية والبنى التحتية المهمة، كالسدود ومحطات الكهرباء والمياه.
من جهته أدان عضو البرلمان الأوروبي عن سلوفاكيا ميروسلاف راداتشوفسكي العدوان التركي على الأراضي السورية، مؤكداً أنه خرق واضح للقانون الدولي، وشدد على ضرورة أن يقابل العدوان التركي برد فعل قوي من قبل البرلمان الأوروبي، لأن تداعياته ستطال دول الاتحاد نفسها.
كما دعا راداتشوفسكي إلى رفع الإجراءات الاقتصادية القسرية أحادية الجانب التي يفرضها الاتحاد الأوروبي على سورية، مشيراً إلى قرب تحقيق الانتصار النهائي على الإرهاب فيها، ومشدّداً في الوقت ذاته على ضرورة انسحاب جميع القوات الأجنبية الموجودة على الأرض السورية بشكل غير شرعي.
كما أكد نائب رئيس البرلمان الأوروبي فابيو ماسيمو كاستالدو ضرورة التزام إيطاليا بتعهداتها لجهة وقف تصدير الأسلحة للنظام التركي، الذي يشن عدواناً سافراً على الأراضي السورية، وقال: “أكدنا بقوة على وجوب أن يكون هناك حظر من جانب جميع الدول الأعضاء فيما يتعلّق بتصدير الأسلحة إلى تركيا، وطلبنا إغلاق محادثات انضمامها للاتحاد، لأنها لا تحترم القانون، وأعمالها شديدة العدوانية”.
وكان عدد من الدول الأوروبية من بينها فرنسا وألمانيا وهولندا والنرويج وفنلندا وإسبانيا وبريطانيا والتشيك أعلنوا في وقت سابق تعليق بيع المعدات العسكرية إلى النظام التركي على خلفية عدوانه على الأراضي السورية.
وفي وقت لاحق، دعا أعضاء البرلمان الأوروبي المجلس الأوروبي إلى فرض عقوبات ضد النظام التركي، وجاء في بيان صحفي على موقع البرلمان الأوروبي (يوروبارل): “إن البرلمان أصدر قراراً يدين بشدة التدخل العسكري التركي أحادي الجانب شمال شرق سورية، ويحث تركيا على سحب جميع قواتها من الأراضي السورية”.
وحذّر القرار من أن هذا العدوان يشكّل انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي، ما يقوض الاستقرار والأمن في المنطقة ككل، معتبراً “أنه من غير المقبول أن يقوم رئيس النظام التركي رجب طيب أردوغان باستخدام اللاجئين لابتزاز الاتحاد الأوروبي”، في دليل على خشية أوروبا على نفسها فقط لا غير، وليس على القانون الدولي. وطالب البرلمانيون في قرارهم بتطبيق مجموعة من العقوبات المستهدفة، وحظر منح التأشيرات للمسؤولين الأتراك عن انتهاكات حقوق الإنسان، وكذلك النظر في اعتماد تدابير اقتصادية مستهدفة ضد تركيا، حيث اقترحوا أيضاً تعليق اتفاقيات التجارة مع تركيا كإجراء عقابي، واستهداف المنتجات الزراعية وغيرها، وأيضاً تعليق الاتحاد الجمركي التركي الأوروبي.
بالتوازي، لوّح أردوغان بفتح الحدود التركية للمهاجرين ليتوجّهوا لأوروبا، التي اتهمها بدعم “الإرهابيين”.
وليست هذه المرة الأولى التي يهدّد فيها أردوغان أوروبا بطوفان من المهاجرين، وقد دأب على استخدام هذه الورقة في ابتزاز الشركاء الأوروبيين لانتزاع مكاسب مالية وسياسية، أو للضغط عليهم حين يوجّهون انتقادات لسياساته ولانتهاكه لحقوق الإنسان وقمع المعارضة.
وردّ البرلمان الأوروبي بالقول: “يعتبر النواب من غير المقبول أن يستخدم أردوغان اللاجئين سلاحاً لابتزاز الاتحاد الأوروبي”، فيما قال النائب الهولندي مالك أزماني “تجديد أوروبا”: “حتى الآن لم يكن الرد الأوروبي حازماً بما فيه الكفاية”، داعياً إلى “الاستعداد لأعمال أكثر حزماً حول الأسلحة والاقتصاد والعقوبات المحددة”، فيما قال الفرنسي فرنسوا كزافييه بيلامي “الحزب الشعبوي الأوروبي”: “ما زلنا عاجزين عن الرد”، مضيفاً: إن هذا “الصمت” ناجم عن غياب “استقلالية استراتيجية في مجال الدفاع” لأن الاتحاد الأوروبي “أقام سوقاً بدلاً من تقاسم المبادئ المنبثقة عن حضارتنا المشتركة”، وأيضاً “للابتزاز في ملف الهجرة” الذي يمارسه أردوغان.