التسوق الالكتروني.. علاقة مشوهة بين الشركات والزبائن وعمل دون ضوابط أو رقابة
كما نعلم، إننا الآن في عصر جديد أصبحت فيه معظم المهن مهددة بالاستبدال بنشاطات الكترونية، فلم تعد مضطراً للذهاب إلى السوق لمعاينة جوال، أو جهاز الكتروني، أو حتى قطعة ملابس، أو انتظار إعلان سيارة على شاشة التلفاز، أو معرض دولي للسيارات، كما لم تعد مضطراً لسؤال هذا وذاك حول تقييم المنتج، فقد أصبح بالإمكان إنجاز ذلك عبر صفحات الفيسبوك، ومقاطع اليوتيوب، وغيرها من المواقع الالكترونية التي تعرض المنتج، وتعليقات الجمهور عليه، وبالوقت نفسه تتيح روابط الكترونية لبيعه، وتقاضي ثمنه من دون أن يتحرك الزبون من بيته أو مكان عمله.
مليئة بالأوهام
من خلال سؤالنا لمجموعة ممن جربوا التسوق عبر الأنترنت، فقد أكدوا أن التجربة مازالت ضيقة، وتمارس من مجموعة من الأشخاص، والمحال التجارية، وهي مليئة بالكذب، ودون أية ضوابط، أو رقابة، وتعتمد على جاذبية الصورة حصراً كتصوير مجموعة صوت مستعملة، أو حتى جديدة مبهرة، وبسعر زهيد، ولدى الذهاب لمعاينتها يفاجأ الزبون أنها شكل، وماركة، ولكن بلا صوت أو مضمون، أو تتواصل مع شخص يبيع ألبسة رياضية، “نخب أول”، وبسعر مغر لتفاجأ عند لقائه أنها مغايرة للصور وسيئة جداً، بل إن بعضهم يعلن عن إمكانية الشحن بين المحافظات، وبطريقة قد تؤدي لخداع الزبون حتى من قبل المحال التجارية، فهي ليست بأحسن حال من هؤلاء الأشخاص، باستثناء بعض الشركات والوكالات المحترمة التي تطبق هذه التجربة بصورة جيدة، إلا أنها ذات أسعار عالية جداً.
لابد من مواكبتها
الدكتورة لمياء عاصي أوضحت للبعث أن دور الأنترنت آخذ بالانتشار السريع وبشكل يومي بعد أن قامت الشركات الكبرى بمواءمة أعمالها مستفيدة من التغيرات الجديدة في بيئة الأعمال التي فرضت طريقة جديدة لحياتنا، وأنشأت أقسام البيع الالكترونية، وبنت علاقات وثيقة مع شركات النقل من أجل توصيل بضائعها، وكان من أهم الميزات البيع بسعر أقل كون ذلك يختصر عدد العملاء والتجار والوسطاء، إضافة لتوفير الصالات والأماكن المناسبة والكافية لعرض البضائع، ولم يعد هناك داع للاستئجار أو الاقتناء بالمناطق التجارية الغالية كوسط العواصم وغيرها، وتمكين من ليس لديه وقت للتسوق وهو في منزله، وأضحت هناك مفاهيم متنوعة تتضمنها التجارة الالكترونية وهي: التسويق، الإعلان، البيع، بل حتى خدمات بعد البيع، وأصبحت هناك مواقع للتسويق الالكتروني شهيرة جداً، ولها وثوقية كبيرة من قبل المستهلكين والمنتجين على السواء، ويمكن زيارتها من أي مكان في العالم، وأشهرها: موقع أمازون Amazon وعلي بابا Ali baba، وأي باي e-bay، وايبريد ebrid، ونيتفلكس لتجارة وبيع الأفلام والبرامج، وتاوباو الذي يعمل ضمن السوق الداخلي الصيني، وقد حققت هذه المواقع أرقام مبيعات وثروات هائلة تتجاوز ميزانيات دول، كما سهلت فهم احتياجات المستهلك، وطريقة تصرفاته، وثقافته، وملاحظاته على المنتجات التي قد تساعد في تطويرها، ومن الملاحظ حالياً أن الشركات التي اكتفت بالأسلوب التقليدي في التسويق وصلت إلى طريق مسدود، وتعرّضت للإفلاس نتيجة عدم مجاراتها للتطورات الكبيرة التي حدثت بطريقة حياة البشر، كمجموعة توماس كوك البريطانية التي كانت تعتبر الأكبر عالمياً في مجال السياحة والسفر التي نافستها المواقع الالكترونية من خلال بيع تذاكر الطائرات، وتأمين الحجوزات الفندقية بأسعار أقل، أما في سورية فبالرغم من أن التكنولوجيا وتقنيات الاتصالات متواضعة من حيث الكثافة، والسرعة، إلا أنها شهدت بعض النشاطات في مجال التجارة الالكترونية، مثل الإعلانات لكثير من الشركات الصغيرة في مجالات مختلفة من الملابس، إلا أنها تواجه جملة من العقبات منها: انخفاض الدخل، وغياب أنظمة الائتمان، ووسائل الدفع الالكترونية، وبهذا يتم اختصار المسافات بين المستهلك من جهة، والمنتج أو البائع من جهة أخرى، إضافة لعدم وجود تشريعات ناظمة لنشاط مثل هذه المواقع في سورية، أو مؤسسات لمراقبتها، ومعظمها تعمل في الظل تارة، أو بمساعدة المهربين تارة أخرى، لأن القائمين عليها لا يريدون دفع أية ضرائب، أو رسوم، كما أن وزارة المالية لم تقم بوضع أية أنظمة ضريبية لهذه التجارة.
بشار محي الدين المحمد