اقتصادزواياصحيفة البعث

بـ”فعل فاعل”..!؟

لعله وسمٌ وسِمَتْ به حكوماتنا المتعاقبة، لناحية التأخر الكبير في تعاطيها مع عدد من القضايا أو الملفات الملحة، بالرغم من أنها لا تحتمل التأجيل أبداً، وكم هي القضايا المهمة جداً التي تم التعامل معها بأكثر من التأخر، لحد كدنا نشعر أن اللامبالاة تجاهها أمر شبه متعمد..!

الوسم هو أن الحكومات السابقة واللاحقة، لا تعمل في الوقت والمكان المناسبين لإنهاء وإنجاز قضية حرجة، لها من الآثار الاقتصادية وغير الاقتصادية الشيء الكثير والخطير..، إلاًّ بعد وقوع الفأس بالرأس..!؟ متجاهلة أبسط مسلمات حكمة وخبرة الأجداد التي وضعت كلمة ” قبل” الظرفية – وليس بعد- وقوع البلاء…!؟

من تلك الملفات الحارة، ملف حرائق أحراجنا وغاباتنا التي تقلصت مساحاتها كثيراً، على مدار عقود عديدة، نتيجة لتدويرها من عام لآخر، حتى كادت أشبه بأطلال تُدلل على ما كان من مساحات دائمة الخضرة..، مع أن ما فقدناه ولا نزال نفقده سنوياً يعد ثروة وطنية بامتياز، وفي غاية الأهمية والضرورة..!

حتى على المستوى الإعلامي، فمن الملاحظ أن حرائق أحراجنا..، وما إن يتم إخمادها حتى تَخمد معها الأخبار ويُخمد الاهتمام بها..، وهذه قضية في حد ذاتها خطرة، نظراً لما للإعلام من “سلطة” نستطيع بها أبقاء “نار” القضية متوقدة وصولاً إلى إنجاز المطلوب من الجهات المعنية…!

ثلاثة أخبار مستفزة قرأنها وسمعناها، حول الحرائق الأخيرة الهائلة، مصدرها الحكومة وجهاتها المختصة، وهي أخبار طالما ترددت كلما اندلع حريق..، ومنها أنها بفعل فاعل، وأن الحكومة وجهت وزارة الزراعة للبدء بإعادة تشجير المساحات المحروقة، التي يؤكد الخبراء أننا بحاجة لأكثر من مئة عام لعودتها إلى شبه ما كانت عليه..!

ومع أن معظم الهيئات الدولية تؤكد أن نسبة 95% من حرائق الغابات تنتج عن نشاطات إنسانية خاطئة، سواء كانت بدون قصد أو بهدف إجرامي، أما الباقي فيحدث نتيجة بعض الظواهر الطبيعية..، إلاَّ أننا لم نقدر لغاية الآن من منع وقوع الفأس بالرأس..!؟

كذلك لم نستطع الاستفادة من تجارب الآخرين في هذا الشأن، عبر تأمين متطلبات حماية هذه الثروة الوطنية الثمينة، علماً أن تلك المتطلبات تكاد لا تذكر مقارنة بالمتبقي من مساحات حراجية طبيعية في بلدنا، لكنا في حال توفيرها نستطيع منع كم هائل من الخسارة وفوات الفائدة الاقتصادية والبيئية..، وبالمقابل توفير ما سننفقه لأجل التعويض وإعادة النظم الحيوية والبيئية والاقتصادية..!

والسؤال المؤلم: إلى متى سنظل نبحث عن “الفاعل”..!؟، دون أن نقوم بفعل ناجز يضع حداً لتعاطينا المتخلف تنظيمياً وتقنياً ورقابياً..، خاصة أن لدينا مشاريع طنانة في عناوينها كالاستشعار عن بعد..، ومشروع “سنازر” الخاص بمسح ومتابعة مواردنا الطبيعية والزراعية لحظة بلحظة..!؟

قسيم دحدل

Qassim1965@gmail.com