لليوم الثامن على التوالي.. الاحتجاجات تسيطر على المشهد اللبناني
لليوم الثامن على التوالي، يواصل اللبنانيون مظاهراتهم واعتصاماتهم للمطالبة بتحسين الأوضاع المعيشية ومكافحة الفساد والهدر، رغم انخفاض حدة التظاهرات نسبياً بفعل هطل الأمطار، ومحاولات الجيش المتكررة فتح الطرقات. جاء ذلك بينما أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون أن النظام في البلاد يحتاج إلى تطوير عبر المؤسسات الدستورية، وذلك لا يتمّ من خلال الساحات، مشدّداً على أن حرية التعبير حقّ محفوظ، ولكن دون المساس بحرية الآخرين.
وفي التفاصيل، توافد المتظاهرون إلى وسط بيروت، واحتشدوا في عدد من الساحات، بينما قام بعض المحتجين بقطع الطرق الفرعية والرئيسية وطريق مطار بيروت الدولي والأنفاق المؤدية إلى العاصمة بيروت، في حين تسعى القوى الأمنية والجيش اللبناني إلى فتح هذه الطرقات. وأدّت الاعتصامات وإغلاق الطرق في العديد من المناطق إلى تعطيل الدراسة، وتوقف المصارف، والكثير من المؤسسات الخاصة، وشل الحركة ولاسيما في صيدا وصور والنبطية وطرابلس في الشمال والبقاع وعكار. وعمل الجيش أمس على فتح بعض الطرقات في البلاد، وأدّى الاحتكاك بين المحتجين وعناصر الجيش في منطقة صيدا جنوب لبنان إلى جرح شخص.
وأفادت “الوكالة الوطنية للإعلام” بأن “أحد المحتجين أصيب في عملية تدافع وكر وفر بين المتظاهرين وعناصر الجيش خلال محاولتهم فتح طريق الأولي عند مدخل صيدا، وعمل عناصر من الصليب الأحمر اللبناني على نقل المصاب إلى المستشفى للمعالجة”.
وكان الجيش أعلن، أمس الأول، أنه يقف إلى جانب اللبنانيين في مطالبهم الحياتية المحقة، مؤكداً “التزامه بحماية حرية التعبير والتظاهر السلمي، بعيداً عن إقفال الطرق والتضييق على المواطنين واستغلالهم للقيام بأعمال شغب”.
الرئيس اللبناني من جهته أعلن في كلمة متلفزة وجّهها إلى الشعب اللبناني، أن النظام في بلاده يحتاج إلى تطوير عبر المؤسسات الدستورية وليس عبر الساحات، مشدّداً على احترام حرية التعبير، ولكن دون المساس بحرية التنقل لسائر المواطنين. وقال عون: إن الإصلاح عمل سياسي بامتياز، وبات من الضروري إعادة النظر في الواقع الحكومي الحالي حتى تتمكن السلطة التنفيذية من متابعة مسؤولياتها من خلال الأصول الدستورية المعمول بها، موضحاً أنه تم اقتراح قوانين في مجلس النواب، ويجب أن تقرّ في أقرب وقت، منها إنشاء محكمة خاصة بالجرائم على المال العام، واسترداد الأموال المنهوبة، ورفع الحصانة والسرية المصرفية عن الرؤساء والوزراء والنواب، وكل من تعاطى بالمال العام حالياً وسابقاً.
وأشار عون إلى أن الورقة الإصلاحية التي قدّمتها الحكومة “ستكون الخطوة الأولى لإنقاذ لبنان، وإبعاد شبح الانهيار المالي والاقتصادي عنه”.
ولفت عون إلى أن هذه الورقة “كانت أول إنجاز للمتظاهرين، لأنهم ساعدوا في إزالة العراقيل من أمامها”، وتم إقرارها بسرعة قياسية، لكن يجب مواكبتها بمجموعة تشريعات.
وأكد عون أن استعادة الأموال المسروقة ضرورية، وتم تقديم قانون لإعادتها، لافتاً إلى أن هناك مليارات من الموازنات السابقة يدقق فيها ديوان المحاسبة، وستتم محاسبة كل من سرق المال العام من خلال القضاء، لكن المهم ألا يدافع عنه أحد.
وشدّد عون على أن حرية التعبير حق محفوظ لكل الناس، لكن حرية التنقل هي حق لكل المواطنين، ويجب أن تكون حقاً محترماً، داعياً المواطنين إلى أن يكونوا المراقبين على تنفيذ الإصلاحات، والساحات دائماً مفتوحة لهم.
وتوجّه عون إلى المعتصمين والمتظاهرين قائلاً: أنا مستعد لأن ألتقي ممثلين عنكم يحملون هواجسكم ومطالبكم، ونفتح حواراً بنّاء يوصل إلى نتيجة تحقق أهدافكم من دون أن نسبب الانهيار، فالحوار هو دائماً الطريق الأسلم لإنقاذ لبنان.
إلى ذلك، قالت وزيرة الداخلية اللبنانية ريا الحسن: إن “قيادة قوى الأمن الداخلي تعمل للحفاظ على سلامة المواطنين والمتظاهرين في آن معاً، ومنع الاعتداء على الأملاك العامة والخاصة”، مشدّدة على أن “الحل ليس بالأمن، وإنما بالسياسة”.