أزمة النقل .. المعاناة تتجدد والتصريحات مكررة “جهات رسمية” تناقض نفسها ما ممنوع عن غيرها مسموح لها..!
يعود مشهد أزمة النقل إلى الواجهة مع عودة المدارس والجامعات، وتبدأ المواقف تغص بالمواطنين منتظرين الفرج وإمكانية الظفر بمقعد في أحد السرافيس ولو كان على حساب الراحة، وذلك بالجلوس على الجانب من دون كرسي، حيث تندر السرافيس وتختفي في هذه الفترة كونها تتعاقد مع المؤسسات والمدارس في ظل غياب الرقابة والمتابعة من الجهات المعنية وخاصة أن المعنيين على قطاع النقل بعيدون كل البعد ولاسيما بوجود سياراتهم الفارهة التي تخفيهم خلف نوافذها المظلمة والتي تحجب عنهم الصعوبات والمعاناة اليومية للمواطن وخاصة طلاب الجامعات في ظل الازدحام والمشاكل المزدوجة سواء أكانت في صعوبة الحصول على مقعد شاغر في إحدى وسائل النقل أم من خلال الوقت الذي يستغرقه للوصول إلى المكان الذي يقصده.
سرافيس بلا “تنجيد”
“البعث” استطلعت من أرض الواقع في بعض مدن ومناطق ريف دمشق آراء المواطنين، وكيف يتجمهرون على المواقف باحثين على وسيلة ركوب مهما كانت الظروف ولو على حساب زيادة التعرفة واستغلال وتحكم أغلب السائقين بالركاب، إضافة إلى سوء كراسي السرافيس التي وصلت إلى حد الهيكل الحديدي من دون “فرش”؛ مما يجعل الثياب عرضة للتمزيق والأذى في بعض الأحيان، وذلك حسب كلام طلاب الجامعة الذين اعتبروا الحديث عن مشكلة النقل لا يجدي نفعاً؛ كونهم يئسوا من كثرة الطرح وخاصة أن المعنيين “لاحياة لمن تنادي”، مشيرين إلى أن الحلول الترقيعية لن تؤتي أوكلها كون الجهات المعنية تضبط الموضوع لفترات معينة وبعدها تترك “الحبل على الغارب” في ظل “الإكراميات والخرجيات” اليومية التي تجمع من أصحاب السرافيس لأصحاب الشأن كي يتغاضوا عن مخالفتهم حسب تأكيدات بعض السائقين القدامى.
ولم يخفِ سائقون تذمرهم من قرارات محافظة دمشق بمنع سرافيس الريف من دخول المدينة؛ مما أثر على عملهم وسبب أزمة ركاب كون أغلب المواطنين يرغبون بركوب وسيلة نقل واحدة من أجل الوقت وتوفير جهد وعناء التنقل بأكثر من وسيلة للوصول إلى المدينة.
لجنة مشتركة
ويوضح عضو المكتب التنفيذي في محافظة ريف دمشق عامر خلف أن هناك لجنة مشتركة بين المحافظتين بخصوص النقل وطرح عدة قضايا، ومنها طلب السماح لبعض الخطوط لمراكز المدينة من أجل تخديم المواطنين، إضافة إلى رفد خطوط الريف بباصات النقل الداخلي، علماً أنه تم تأمين أغلب خطوط الريف التي تعاني من ازدحام بباصات نقل داخلي وخاصة المناطق المحررة، حيث تم تسيير باصات لتخديمها، لافتاً إلى أنه سيتم رفد محافظتي دمشق وريف دمشق بـ200 باص نقل داخلي، وستكون الحصة الأكبر لمحافظة ريف دمشق، معتبراً أن واقع النقل في المحافظة يعاني مشكلات كبيرة؛ الأمر الذي دعا إلى دراسة تطرقت لإمكانية تطوير عدد من الخطوط ووضعها في الخدمة، ولاسيما وقت الذروة بغية حل بعض المشكلات المرورية وتخفيف تبعات تلك الأزمة على المواطنين.
وبين خلف أن محافظة ريف دمشق لجأت إلى جملة من الحلول الإسعافية لإيجاد بدائل مؤقتة تمنع تفاقم المشكلة وضغوطها وما يترتب عنها، تمثلت بعمليات الفرز المؤقت أو توزيع (السرافيس) من الخطوط المغلقة في المناطق الساخنة، كما تم توزيعها على مناطق الاختناقات، إضافة للعمل على إعادة (السرافيس) والآليات إلى خطوطها الأساسية بعد عودة الأهالي إلى مناطق استقرارهم.
إلغاء وتشديد
ومع قرار محافظة دمشق القاضي بإلغاء جميع الموافقات الممنوحة للميكرو باصات العاملة على تخديم المدارس والقطاعات الخاصة «مهمات خاصة» بين عضو المكتب التنفيذي لقطاع النقل في دمشق باسل ميهوب أنه تم تشديد الرقابة عليها، واتخاذ العقوبات اللازمة من الجهات المعنية بحق أي سرفيس مخالف يتم ضبطه، لافتاً إلى أن البديل بالنسبة لشركات القطاع العام أو الخاص والمدارس الخاصة، هو اللجوء إلى شركات الاستثمار الخاصة للحصول على سيارات نقل، إلى جانب أن ترخيص المدارس الخاصة يتضمن السماح لها باستيراد باصات 24 راكباً أو سرافيس لنقل الطلاب.
واعتبر ميهوب أن عمل السرافيس بنقل موظفي شركة ما يكون أوفر بالنسبة للسائق كونه ينقل الموظفين من الساعة 6 والنصف صباحاً، ومن ثم الانتظار حتى انتهاء الدوام الرسمي لإعادتهم إلى منازلهم، وبالتالي التخفيف من استهلاك الوقود والزيوت، لكنه بالمقابل سيسبب نقصاً على خطوط النقل”، مؤكداً أن السرافيس موجودة لخدمة المواطنين وستبقى كذلك.
تناقض تصريحات
ومن تأكيدات ميهوب على منع السرافيس من التعاقدات مع الجهات المعنية والمدارس كونه يسبب نقص السرافيس على الخطوط، يستغرب مراقبون من تصريحات عضو المكتب وخاصة أن محافظة دمشق متعاقدة مع سرافيس وميكرو باصات من أجل نقل موظفيها؛ مما يترك إشارات استفهام حول ما هو ممنوع على غيرها مسموح للمحافظة، فعندما واجهنا ميهوب بالموضوع أكد أن محافظة دمشق متعاقدة مع سرافيس تعمل على خطوط ريف دمشق وليس دمشق، ليتساءل المتابعون ألا تسبب هذه التعاقدات نقصاً على خطوط ريف دمشق حسب تأكيدات عضو المكتب؟!
في الوقت الذي شدد خلف على ضبط التعاقدات بحيث لايؤثر على تخديم الخط الأساسي، حيث عملت المحافظة على الحد منها وعدم إعطاء موافقات إلا في حالات الضرورة، وفي حال عدم التزام أصحاب السرافيس بالخط المكلف به يتم إلغاء الموافقة فوراً.
رفد الخطوط
واعتبر مدير شركة النقل الداخلي بدمشق سامر حداد أن نصف باصات الشركة تعمل وتخدم خطوط محافظة ريف دمشق، حيث يتم التنسيق مع المعنيين في المحافظة لرفد الخطوط في حال وجود النقص أو الازدحام ولاسيما أنه تم تكثيف عمل الباصات في أوقات الذروة، وذلك بإلغاء عملية التواتر المنظمة، حيث تمّ توجيه جميع مراقبي الخطوط بتأمين المواطنين في الصباح إلى مراكز عملهم وجامعاتهم، علماً أن الشركة تعمل بكامل طاقاتها وكوادرها في ظل هذه الظروف، لافتاً إلى أن عودة الأمن والأمان في أغلب مناطق المحافظة زاد من اكتظاظ المواطنين، حيث يتمّ توزيع الباصات على هذه المناطق ريثما يتمّ دعم الخطوط بباصات جديدة حسب العقود الموقع عليها والتي ستساهم في حل وانفراج مشكلة النقل.
وحول فكرة إحداث شركة نقل داخلي بريف دمشق حسب تأكيدات المعنيين والتي لم تبصر النور حتى الآن من دون معرفة الأسباب، أوضح حداد أن إحداث شركة في ريف دمشق سيساهم بنسبة كبيرة في حل مشكلة النقل كون إدارتها ستكون بالمحافظة نفسها وقريبة على أرض الواقع وعلى دراية كاملة بكافة احتياجات خطوطها وفرز الباصات حسب الطلب.
واقع مغاير
ويبقى آخر القول إلى متى ستبقى مشكلة النقل مستمرة ترحل من عام إلى عام من دون اجتراح حلول ناجعة من القائمين على القطاع، وخاصة أن التصريحات مكررة ولا جديد فيها سوى الطمأنة أن هناك بوادر انفراج، لكن الواقع مغاير لهذا الكلام.
علي حسون