محاصرة أصحاب “الكراسي الذهبية”..!
لاشك أن مناقشة مشروع قانون الكشف عن الذمة المالية، والمناداة بتحديد متطلبات تطبيقه، ودور الجهات العامة في إطار تنفيذ القانون بما يساهم في تعزيز مكافحة الفساد، هو خطوة بالاتجاه الصحيح..
ويعوّل على هذا المشروع –الذي نأمل ألا يتأخر صدوره- في حال أُحسِنَ تطبيقه أن يقتص من كل فاسد يتاجر بالمال العام، خاصة أولئك المزاودين بالشرف والعفة…
فكم من مسؤول دخل السلك الوظيفي كان بالكأد يُحصّل قوت يومه، وخرج منه بحسابات مصرفية متخمة بأموال منقولة، وأخرى غير منقولة تضاهي ما يُحصّله رجل أعمال مخضرم، دون أن يسأل “من أين لك هذا”..!
وكم من متسلق امتطى الوصولية ليحظى بمنصب بقصد نهب وسلب المال العام، ولم يتعرض لأية محاسبة، وإذا ما حوسب فعلاً، فإن أقصى عقوبة يتلقاها هي “الإعفاء من المنصب”..!
إن هذا القانون ليس كفيلاً بالحفاظ على المال العام فحسب، بل بتطوير الأداء الحكومي ولاسيما لجهة التركيز على الكوادر الكفوءة والنزيهة، إذ إن نقيض هؤلاء الرامين لاقتناص أموال الغير، يحيدون دائماً عن “التكليف”، لصالح “التشريف” الذي يعتمد على الـ”هيبة” لتسهيل صفقات ما تحت الطاولة..!
“سرقة المال العام”… باتت ديدناً لدى الكثيرين خاصة أولئك المتقنين لتخريج صفقاتهم غير المشروعة، عبر دهاليز القوانين المعتمة، ولاسيما في ظل انعدام قانون يتقصى ويحاسب جامعي أموال الدولة ومن لف لفيفهم… فعسى أن يقلب القانون المرتقب هذه المعادلة..!
ولكي يكون هذا القانون مكتمل الأركان، لابد أن يكون ذا أثر رجعي، يحاسب من يظن أنه أصبح بملاذ عن المحاسبة ويسترجع ما حازه من أملاك وأموال عبر “الكرسي الذهبي للمنصب”..!
طالما نادينا بمثل هذا القانون، ليكون المخلص والمنقذ للمال العام الذي أضحى فريسة سهلة بنظر عدد من معدومي النزاهة والأمانة.. وعلى اعتبار أن البلد مقبل على أكبر ورشة إعمار بتاريخه وما يرافقها من إنفاق استثماري وجارٍ، فإن مشروع القانون يأخذ الكثير من الزخم المفترض أن يتوخى الدقة بكل تفاصيل مواده بدءاً من فتح ملفات الفاسدين القدماء، مروراً بآليات المتابعة، وليس انتهاء بالمحاسبة واسترداد الأموال المنهوبة..!
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com