هيثـــــم شـــــــــكور فــــي صــــــالـة مشـــــــــوار
انضمت صالة مشوار إلى عائلة صالات الفنون الجميلة في دمشق بداية هذا الموسم التشكيلي بعرضها الجديد لأعمال التشكيلي هيثم شكور القادم من محافظة اللاذقية، فقد افتتح المعرض بعنوان “وعاد الصياد” بمجموعة من اللوحات المسكونة بالانتظار والأمل وعوالم الفنان المنظم في تكويناته وخطوطه المتقاطعة بدقة مساراتها التي ترسم أقواس الحكمة مثل انحناءات روح ترقب غيبها القادم من جهة غير معلومة, ربما انتظار شيء من السماء أو من جهة البحر المهم أن يبقى الانتظار معلقا على هذا الخط المنحني كي يتوازن العالم وتستقر اللوحة المقطّعة إلى قطوع لا عاطفة فيها، فالرسام المشغول في ترتيب عزلة الأشخاص المحاصرين بالأمل لا يغفل عن تصوير العشاء الأخير في ليلة زرقاء وبلا قمر.
عائلة لونية محددة وعاقلة تخدم المشهد الذي يقتصر على عنصر آدمي وغالبا ما يكون امرأة، وثانية تمسك خيطا وفي نهاية الخيط دائرة الوقت البيضاء، فلا عقارب للساعة ولا خيوط لشبكة الصياد، في هذا المشهد العزلوي يكون الفنان كثيفا ومغلقا في دائرته البصرية حيث لا شيء سوى الأزرق ولا شيء هناك سوى الأخضر أو الأصفر.. مساحات صريحة ذات بيان بارد لا صوت يعلو فيه.. فقط حركة الذراع المرسومة بنزوع هندسي تكعيبي يذكرنا بفجيعة الإنسان من الحضارة المعلبة والمقوننة حيث العلبة والقانون والخط القاسي المستقيم الذي يجعل من البســــــــاطة أمرا مؤلما، حتما سيبقى هذا الحظ مهزوما والســـــــــــعادة منهوبة والأمل بعيد وربما يعود مثل عودة الصياد الغارق في ترتيب شباك أنهكتها الشـــــمس والوقت والماء المــــــالح، لكنه سيعود لأن هناك من ينتظر.
يحيلنا الفنان شكور إلى حقبة مزدهرة من الفنون وانفتاح الثقافة البصرية على التجارب الأصيلة التي تنتمي إلى مدارس الفن وأعلامها في التاريخ الحديث وإلى اللوحة باعتبارها أداة تثقيف ودفاع عن القيمة والأخلاق، هذا النموذج تأثرت فيه حياتنا التشكيلية مع بوادر ظهور الحداثة في المشهد التشكيلي السوري في نهاية الستينيات وبداية السبعينيات.
معرض مختلف بطرحه وعمق فكرته عن المعارض التي تشهدها صالات العاصمة، ولكن يبقى سؤال الحاضر أكثر إلحاحا من الماضي لأن الوقت الذي يربيه الصياد قد أضحى من الأمس باردا وحياديا.!؟
أكسم طلاع