لماذا لا.. يا “مالية”..!؟
للتصحيح، وفقاً للمعلومات التي بحوزتنا، إن ما أعلنته وزارة المالية عن عدم وجود ضرائب جديدة، سواء على الدخان أو الأراكيل أو المشروبات الروحية وغيرها..، هو نفي صحيح…
لكن تلك الضرائب أو الرسوم، كانت موضوعة في مشروع التأمين الصحي الذي تمت دراسته والاتفاق على مسودته النهائية، وكذلك تم إقرارها من قبل الوزارة نفسها ومن اللجان التأمينية التي أعدت الرؤية المستقبلية لقانون التأمين..، إلاّ أنه على ما يبدو لم تتم الموافقة على هذا الطرح؛ لذا فقد تم إلغاء ما أقر، من منطلق القرار القاضي بعدم تحميل المواطن أية رسوم أو ضرائب جديدة مهما كان السبب.
استناداً لما سبق، وإلى أن التأمين الصحي يجب أن يكون له ذلك الدور الفاعل والحقيقي، بحيث يعكس جدِّية ووثوقية وشمولية الخدمات التأمينية الصحية..، يغدو البحث عن المطارح الضريبة الأنسب الداعمة لـ “الصحي”، أمراً لا بد منه، وخاصة إذا ما أُريد الوصول لتشميل نحو الـ3 ملايين من العاملين بالدولة والمتقاعدين والعسكريين، بالتأمين الصحي، كما هو مخطط ويُؤمل تطبيقه، علماً أن عدد المؤمن لهم حالياً يصل لنحو 700 ألف موظف.
وبحسب المعلومات التأمينية، فإن الـ3 ملايين بحاجة لعشرات المليارات، بينما حالياً يصل مجمل المخصص للتأمين الصحي من دعم حكومي ما بين 5.5 – 6 مليارات ليرة فقط، لكل من قطاعي التأمين الإداري والاقتصادي.
نقول فشل إقرار أو فرض تلك الضرائب أو الرسوم (كما كان متوقعاً حتى من قبل بعض المعنيين والمشاركين بصياغة مشروع التأمين الصحي..)، لأنها بالنتيجة كانت ستُجبى من الشريحة المعنية والمستهدفة بالتأمين الصحي، وهي شريحة أصحاب الدخل المحدود نفسها..!
ولعل الاستسهال في جباية تلك الضرائب والرسوم من العاملين بالدولة، مرده إلى أن وزارة المالية تستطيع ذلك، بينما كان على الوزارة أن تبحث في مطارح وشرائح أخرى أكثر جدوى وقدرة على تأمين عشرات المليارات، ونقصد هنا جهات أو شريحة مقدمي الخدمات الصحية والطبية والعلاجية، من أطباء وصيادلة ومخابر تحاليل وتصوير شعاعي ومراكز طبية متخصصة وعلى رأس ذلك المشافي الخاصة.
وللعلم فإن تلك الجهات والشريحة، وفي نسبة وازنة منها، قادرة بسهولة ودون أن تتأثر أبداً..، على تأمين ما يحتاجه مشروع التأمين الصحي من كتلة مالية في سورية، ليكون تأميناً اسماً على مسمى، وليس كما هو الواقع حالياً “شم ولا تذوق”..!
وإن كان هناك من يرى العكس، نحيله لتحدي الكشف عن التكليف الضريبي السنوي الحقيقي لتلك الجهات، فحين يصل دخل طبيب جراح إلى مليون ليرة سورية يومياً، حسبما أفادنا خبير تأميني، وحين يكشف لنا مصدر تأمين أيضاً، عن أن أطباء الأسنان عمدوا إلى تخفيض أسعارهم، بينما لا نجد الشيء ذاته عند غيرهم من اختصاصات وجهات استشفائية وصحية، عمدوا وعمدت إلى رفع الأسعار بشكل جنوني..!؟
في ضوء ما سقنا من معطيات، يتضح للقاصي والداني، إن وزارة ماليتنا لا تستقوي إلاَّ على المستضعفين مادياً واقتصادياً واجتماعياً، بينما القادرون والمقتدرون ممن يفترض التحصيل منهم لا تقربهم أبداً..!؟، علماً أنهم في المحصلة الأكثر استفادة من مخرجات التأمين الصحي..!!؟
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com