لبنان: تحذيرات من كارثة اجتماعية بسبب قطع الطرقات.. والحريري يستقيل
على خلفية استمرار قطع الطرقات الرئيسية بين بيروت العاصمة والمناطق اللبنانية الأخرى، تزايدت التحذيرات من نشوء كارثة اجتماعية نتيجة نقص المواد الأساسية وخاصة الدواء، الأمر الذي دفع العديد من المواطنين اللبنانيين إلى التعبير عن امتعاضهم وغضبهم من استمرار قطع الطرقات، وعدم قدرتهم على الوصول إلى أعمالهم، ومنعهم من تأمين لقمة عيشهم، بينما أعلن رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري استقالة حكومته، تحت ضغط الاحتجاجات المستمرة منذ ثلاثة عشر يوماً على الأوضاع المعيشية.
وعبّر مواطنون لبنانيون عن مخاوفهم “من مؤامرة على لبنان، كما جرى في الدول المجاورة التي بدأت الحراكات فيها بشعارات سلمية ثم انتقلت إلى حمل السلاح”.
في غضون ذلك، أشار وزير الصحة اللبناني جميل جبق في مؤتمر صحفي أمس، إلى أن الأطقم الطبية والإداريين لا يستطيعون الوصول إلى مراكز عملهم، كما أن هناك أطقماً تعمل على مدار اليوم، ولا يمكن تغييرها، وقال: بدأنا نعاني من شحّ الأدوية في السوق ولاسيما أننا لا نستطيع تخليص الأدوية من الجمارك، وإذا تم تخليصها لا نستطيع إيصالها إلى المناطق البعيدة.
ولفت جبق إلى أنه تم تكسير سيارات تنقل أدوية إلى عدد من المناطق، وأن وزارة الصحة التي تملك 50 مركزاً للعناية الصحية بدأت تفقد الأدوية، إضافة إلى نقص في مادة المازوت في المستشفيات، وقال: إنه “إذا بقيت الأمور على هذا النحو، فنحن ذاهبون إلى كارثة صحية اجتماعية”.
وأشار وزير الصحة اللبناني إلى أن هناك نحو ألفي مريض سرطان غير قادرين على استلام أدويتهم نتيجة قطع الطرقات، كاشفاً عن أن بعض الذين يقطعون الطرق يبتزون المواطنين.
إلى ذلك، قام عدد من الشبان باقتلاع خيم للمتظاهرين وسط العاصمة اللبنانية بيروت، بينما تدخّلت قوى الأمن للفصل بين المحتجين ومواطنين أرادوا فتح الطرقات المقطوعة.
وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام أن مواطنين دخلوا بعد ظهر أمس إلى ساحتي رياض الصلح والشهداء وسط بيروت، وعملوا على اقتلاع خيم المتظاهرين وتحطيمها، بينما دخل الجيش اللبناني والقوى الأمنية إلى الساحتين للعمل على ضبط الوضع.
وكانت اشتباكات جرت بعد ظهر أمس على معبر الرينغ وسط بيروت بين مجموعة من المواطنين أرادت فتح الطريق ومجموعة من المحتجين تصرّ على إغلاق هذا الطريق الرئيسي المؤدّي إلى منطقة الحمرا، وتدخّل الجيش والقوى الأمنية للفصل بين المجموعتين في هذا الإشكال الذي أدّى إلى إصابة ستة أشخاص.
ونزولاً عند الرفض الشعبي المتزايد للأداء الحكومي الذي أوصل البلاد إلى ما هي عليه الآن، اضطر سعد الحريري للخضوع لمطالب المحتجين، وقدّم استقالته من رئاسة الحكومة اللبنانية للرئيس ميشال عون.
ويأتي تقديم الحريري لاستقالته بعد 13 يوماً من الاحتجاجات المتواصلة في مختلف المناطق اللبنانية على تردّي الأوضاع المعيشية.
وبعد زيارته لرئيس الجمهورية قالت مصادر قصر بعبدا: إنه “يمكن التريث بإصدار بيان عن الرئاسة لقبول الاستقالة، ولا نصّ يلزم بالبت بها في فترة زمنية محددة”، في حين قال مصدر بالرئاسة: إن “الرئيس اللبناني يدرس خطاب استقالة الحريري، ولن يطلب من الحكومة تصريف الأعمال”.
وأضافت المصادر: إن هناك مطالب تعجيزية يضعها الحريري للحكومة المقبلة، ولكن المسار الدستوري سيكون هو الحكم.
وعقب تقديم الحريري استقالته خرجت احتفالات في عدد من المناطق اللبنانية باستقالته، فيما اعتبر النائب اللبناني أسامة سعد، رئيس التنظيم الشعبي الناصري، أن لبنان لايزال في قلب الأزمة، “ويلزمنا حل سياسي لعبورها”، وقال: إن الشباب اللبناني الغاضب يتطلع إلى دور في هذا البلد، ولا بد من خطوات لاحقة وضرورية.
وأضاف: إن هناك حقائق فرضت نفسها لا يمكن تجاهلها وعلى السلطة أن تدرك هذه الحقائق والعمل على أساسها، مشيراً إلى أن الحكومة لم تتحرّك باتجاه الشباب، وتسألهم عما يريدون خلال الاحتجاجات، وتابع: نتحدّث عن حكومة انتقالية تأخذ بعين الاعتبار المستجدات على الساحة السياسية، معتبراً أنها يجب أن تكون من المتظاهرين في الشارع أو تحظى برضاهم، كما أكد لا نستطيع أن نقول بحكومة تكنوقراط بمعزل عن السياسة.
وفي حين رأى سعد أن معظم الحراك كان متفقاً على عدة أهداف، ومنها استقالة الحكومة وتشكيل أخرى انقاذية، إلا أنه أكد قائلاً: “أنا لن أمنح ثقة لحكومة يرأسها الحريري”، موضحاً: “عدم منح ثقتي للحريري نابع عن اختلاف السياسات والنهج”.