“واشنطن بوست”: رواية ترامب حول البغدادي مليئة بالأكاذيب
فنّدت صحيفة “واشنطن بوست” أكاذيب الرئيس الأميركي حول مقتل متزعم تنظيم “داعش” الإرهابي المدعو أبو بكر البغدادي، وقالت: إن ترامب كذب عندما قال: “إن البغدادي كان يئن ويصرخ ويبكي قبيل مقتله”، إذ إن وزير الدفاع مارك إسبر ورئيس هيئة الأركان المشتركة الجنرال مارك ميلي رفضا بشدة تأكيد هذه التفاصيل، وكذب أيضاً عندما هنّأ روسيا مراراً وتكراراً في أعقاب هذه الحادثة، بينما يقول المسؤولون الروس أنفسهم :إنهم ليسوا على صلة بالغارة، بل إنهم أثاروا الشكوك إزاء مزاعم الولايات المتحدة بأنها قتلت البغدادي، مشيرة إلى أن ترامب يتمتع بقدرة على تحويل أي مناسبة، مهما كانت مهيبة أو مهمة، إلى مشهد مثير للسخرية.
وكان ترامب أعلن الأحد تصفية الإرهابي “البغدادي”، صنيع الاستخبارات الأميركية، وأبدت العديد من الدول والجهات تشكيكها بذلك، حيث أوضحت وزارة الدفاع الروسية أنها لا تملك أي معلومات تؤكد مقتل البغدادي، فيما أعلن منسق الفريق الأممي الخاص بمتابعة التنظيمات الإرهابية أدموند فيتون أن الفريق حتى هذه اللحظة لا يمكنه تأكيد مقتل متزعم تنظيم “داعش” الإرهابي.
وفي مقال آخر، أكدت “واشنطن بوست” أن عملية قتل “البغدادي” والعرض الذي قدّمه ترامب للإعلان عنها كنصر كبير للولايات المتحدة لن يحل المشكلات الكبيرة والمآزق التي يعاني منها، ويواجهها في الداخل الأميركي، وأوضحت أنه عندما قُتل أسامة بن لادن متزعم تنظيم القاعدة في عهد إدارة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما كان التأثير مؤقتاً مع أن أوباما، “لم يكن يواجه تحقيقاً للمساءلة، ولم يكن مدمناً مرضياً على الجدل” كما هو حال ترامب.
ويواجه ترامب الكثير من المشاكل والأزمات على الصعيدين الخارجي والداخلي، حيث شن حرباً تجارية على الصين، طالت أيضاً حلفاءه الأوروبيين، كما أحدث أزمة في علاقاته مع روسيا من خلال انسحابه من معاهدات الحد من الأسلحة، إضافة إلى سياساته المتهورة تجاه الاتفاقيات الدولية بخصوص المناخ وغيره. وإلى جانب ذلك يزداد الوضع الداخلي الأميركي تعقيداً في ظل الانتقادات الحادة لسياسات ترامب، حيث تزايدت الضغوط خلال الأسابيع الماضية من أجل بدء إجراءات مساءلته وعزله. وأشارت الصحيفة إلى أن معدلات التأييد لأوباما ارتفعت من الأربعين إلى الخمسين بالمئة عند إعلان مقتل ابن لادن، غير أن هذا المستوى تراجع في غضون أقل من شهر فقط ليعود إلى معدلاته الطبيعية بين الأميركيين، لافتة إلى أنه من الصعب معرفة فيما إذا كان مقتل البغدادي سيرفع من أرقام شعبية ترامب في الاستطلاعات، حيث إن ابن لادن كان معروفاً جيداً بالنسبة للأميركيين أكثر من البغدادي، كما من المحتمل أن يتشتت الناخبون بمجموعة الأخبار المقبلة قبل أن يبحثوا حتى عن هوية البغدادي على الانترنت، وأوضحت “أنه حتى لو أدى مقتل البغدادي إلى تعزيز موقف ترامب غير أنه من المستبعد أن يدوم ذلك، فبعد أيام أو أسابيع قليلة ستتواصل الأخبار، وستطغى أخبار أخرى مثل التحقيقات لعزله، كما أن ترامب نفسه يمكن أن يسرّع هذه العملية، حيث إنه يميل إلى أن يكون مشتت الذهن، ويبعث برسائل مشتتة، ويخلق خلافات عنيفة، وعليه لا يمكن له استخدام البغدادي لإقناع الناخبين إذا كان انتقل بالفعل إلى منحى جديد”، وتابعت: إن مقتل البغدادي لن يغيّر من قواعد اللعبة بالنسبة لترامب لدى الناخبين، حيث إنه بعد أن تستقر الأمور سيبقى عالقاً في ذات المشاكل، وهو الأمر الأهم.
إلى ذلك، أكد رئيس مكتب الرئيس الإيراني محمود واعظي أنه طالما تواصل أمريكا وبعض الدول الإقليمية دعم التنظيمات الإرهابية واستخدامها كأداة لتنفيذ مآربها فلن يتمّ اقتلاع جذور الفكر الإرهابي إطلاقاً، وقال: “إنه بإقرار من المسؤولين الأمريكيين أنفسهم فإن تنظيم “داعش” أنشئ من قبل أمريكا.. وواصل هذا التنظيم العمل على تنفيذ أجندات واشنطن كما ارتكبت جرائم وافتعلت الحروب داخل المنطقة بدعم منها، موضحاً أن “مقتل أبوبكر البغدادي متزعم هذا التنظيم لن يؤدي إلى اقتلاع جذور الإرهاب، لأن الأعمال الإجرامية التي ينفّذها هو وغيره لن تتوقف إلا عندما تقرر الدول الراعية إيقاف دعمها المالي، وعدم تزويد هذه الجماعات بالسلاح”.
واعتبر واعظي أن السؤال الذي يطرح نفسه “لماذا تتم تصفية متزعم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن ومتزعم داعش البغدادي على أعتاب الانتخابات الرئاسية في أمريكا.. وهل الغرض استخدام ذلك ورقة رابحة قبيل هذه الانتخابات؟!”.