عون يوافق على استقالة الحكومة: الحراك فتح الباب أمام الإصلاح
قبِل الرئيس اللبناني العماد ميشال عون، أمس، استقالة الحكومة اللبنانية، وطلب منها الاستمرار بتصريف الأعمال في البلاد ريثما يتمّ تكليف حكومة جديدة، وفقاً لأحكام المادة 69 من الدستور اللبناني المتعلقة بالحالات التي تعتبر فيها الحكومة مستقيلة، ورغم ذلك مازالت التظاهرات والاعتصامات في معظم أنحاء لبنان، لليوم الرابع عشر على التوالي، بينما طالبت قيادة الجيش جميع المتظاهرين بالمبادرة إلى فتح الطرقات المقفلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها، مؤكّدة أن حق التظاهر يشمل الساحات العامة فقط.
وكان سعد الحريري قدّم أمس الأول استقالة الحكومة إلى الرئيس اللبناني إثر المظاهرات الشعبية المتواصلة منذ 14 يوماً احتجاجاً على تردّي الأوضاع المعيشية. ورأى الرئيس اللبناني أن الحراك الذي حصل فتح الباب أمام الإصلاح الكبير، مشيراً إلى أنه سيكون للبنان حكومة نظيفة، وإذا برزت عوائق فالشعب سيعود إلى الساحات، فيما جدّد رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري الدعوة إلى الوحدة والحوار بين اللبنانيين، معتبراً أن لبنان “لا يحتمل المزيد من المخاطر اقتصادياً ومالياً”، وطالب، خلال لقاء الأربعاء النيابي، بالإسراع في تشكيل حكومة جديدة في لبنان وفتح الطرقات، مبدياً في الوقت ذاته خشيته من “بدء ممارسة ضغوط دولية على لبنان”. بدورها، طالبت قيادة الجيش اللبناني المتظاهرين، الذين يواصلون احتجاجاتهم تعبيراً عن غضبهم من سوء الأوضاع المعيشية، بفتح الطرقات المغلقة لإعادة الحياة إلى طبيعتها في البلاد.
وقالت قيادة الجيش في بيان أمس: “إلحاقاً للبيانات السابقة التي أصدرتها، وبعد مرور ثلاثة عشر يوماً على بدء حركة الاحتجاجات والمظاهرات الشعبية والمطلبية، وتفاقم الإشكالات بين المواطنين بشكل خطير نتيجة قطع طرق حيوية في مختلف المناطق اللبنانية، وبعد التطوّرات السياسية الأخيرة، تطلب قيادة الجيش من جميع المتظاهرين المبادرة إلى فتح ما تبقى من طرق مقفلة لإعادة الحياة إلى طبيعتها، ووصل جميع المناطق بعضها ببعض تنفيذاً للقانون والنظام العام”.
وأشار البيان إلى أن تأكيد قادة الجيش حق التظاهر السلمي والتعبير عن الرأي المصون بموجب أحكام الدستور والقانون ينطبق على الوجود في الساحات العامة فقط.
وكانت عدة مؤسسات ووزارات دعت إلى فتح الطرقات، محذّرة من نقص في الأدوية والمحروقات والطحين إلى الأفران، إضافة إلى منع وصول الإنتاج الزراعي إلى بيروت والشمال والجنوب بسبب الاستمرار في إقفال الطرقات.
في مقابل ذلك، تتواصل الاعتصامات الاحتجاجية رغم استقالة الحكومة، حيث أكد المعتصمون في ساحات الاعتصام في بيروت والضواحي وفي كل المناطق اللبنانية استمرارهم في الاعتصام وإغلاق الطرقات، مطالبين بتلبية طلباتهم بمكافحة الفساد ومحاسبة الفاسدين، بينما بدأ الجيش اللبناني والقوى الأمنية اللبنانية فتح الطرقات التي مازالت مغلقة.
ولا تزال المصارف والمدارس والجامعات مقفلة لليوم الرابع عشر على التوالي.
وما إن قدّم رئيس الحكومة اللبنانية كتاب استقالته إلى رئيس الجمهورية حتى توالت ردود الفعل حول البلاد، حيث استمرّت التحرّكات في مختلف المناطق اللبنانية على امتداد الخريطة، في صيدا وصور وطرابلس وجل الديب وجبيل وبيروت، غير أن استمرار بعض المتظاهرين بقطع الطرق أدّى إلى مواجهات مع معترضين على تعطيل الحياة العامة، أعادوا على أثره فتح جسر الرينغ وسط بيروت، إضافة إلى تحطيم خيم ومنصات في ساحة الشهداء.
وقد توالت ردود الفعل الداخلية بعد تقديم الحريري استقالته، حيث علّق النائب في البرلمان اللبناني أسامة سعد على استقالة رئيس الحكومة، معلناً أنه لن يمنح الثقة لحكومة انتقالية يرأسها الحريري، لافتاً إلى أنه لم يمنح هذه الحكومة والحكومات السابقة الثقة بسبب الخلاف على السياسات الوطنية والاقتصادية والاجتماعية معها، وداعياً الجميع إلى ترجمة تغير الموازين بواقع سياسي ودستوري.
ودعا لقاء الأحزاب والقوى والشخصيات الوطنية اللبنانية إلى التمسك بالثوابت الوطنية ومعادلة الجيش والشعب والمقاومة التي حققت للبنان استقراره الأمني مطالباً بعدم الرضوخ للإملاءات الخارجية، وأوضح، بعد اجتماعه في مركز الحزب السوري القومي الاجتماعي في بيروت، أن “هناك جهات داخلية وخارجية مرتبطة بالأجندات الأميركية الخليجية استغلت الاحتجاجات في لبنان لإحداث تغيير في موازين القوى لمصلحتها، لكنها فشلت في تحقيق أهدافها السياسية”، وأشار البيان إلى أن بعض القوى “التي ركبت موجة الحراك الشعبي العفوي كانت شريكة في الفساد، وهي مسؤولة عن الأزمة الاقتصادية والمالية واستشراء الفساد، ما تسبب باختناق الاقتصاد والمجتمع وتراجع القدرات المالية للدولة”، داعياً القوى الوطنية إلى توحيد رؤيتها في هذه المرحلة الحساسة، والعمل على بلورة خطة عملية للحفاظ على الإنجازات الوطنية.