أردوغان يجبر نائباً من حزبه على الاستقالة
وسط سلسلة الانشقاقات التي عصفت بحزب العدالة والتنمية الحاكم مؤخراً، وكشفت اتساع الشروخ وحجم التصدعات في النظام التركي، وفي مؤشّر على تفاقم حدة الخلافات في صفوف الحزب، أعلن نائب برلماني من حزب أردوغان عن استقالته من الحزب، بعد أن أجبر على ذلك، لانتقاده سياسات الطاغية أردوغان، وقال النائب مصطفى ينار أوغلو، وهو من الأصوات الناقدة داخل الحزب الحاكم: إنه قدّم استقالته من الحزب، بناء على طلب أردوغان بعد انتقاد سياساته.
ويعد ينار أوغلو أول عضو برلماني يستقيل من حزب العدالة والتنمية منذ حصوله على أغلبية ضئيلة مع حزب قومي في الانتخابات التي جرت العام الماضي.
وأعلن ينار أوغلو استقالته بعد عدة أسابيع من إعلان رئيس وزراء النظام التركي السابق أحمد داود أوغلو والنائب السابق لرئيس الوزراء علي باباجان، وهما من مؤسسي الحزب، ترك الحزب، ما أثار احتمال حدوث انشقاقات في البرلمان.
ووجّه داود أوغلو، في مؤتمر صحفي عقده بمقر حزبه الجديد، انتقادات لاذعة لمجمل سياسات حزب العدالة والتنمية خلال السنوات الأخيرة، مؤكداً أن النظام الحاكم انتهج سياسات استبدادية وانتهازية واستغلالية وعدائية ضد الجميع، وقال: “التاريخ والأمة التركية ستحاسبهم على ما ارتكبوه من أخطاء فادحة في جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية”، وتهرّب من التطرّق لقضايا السياسة الخارجية، واكتفى بالقول: “سننتهج سياسة دبلوماسية سلمية مع دول الجوار”.
ووقف بجوار داود أوغلو الأعضاء السابقين بالحزب سلجوق أوزداغ وعبد الله باشجي وآيهان صفر أوستون، الذين كان يسعى الحزب لإقالتهم أيضاً. ولم يتضح على الفور ما إذا كان النائب ينار أوغلو سينضم إلى أي من الحركات المنشقة، لكن تعليقاته تعكس أصداء بعض انتقاداتهم للحزب.
وقال ينار أوغلو: “أبديت رأيي للمواطنين داخل الحزب وخارجه بأني لا أشعر بالارتياح تجاه سياسات حزبي، وخاصة فيما يتعلق بانتهاكات حقوق الإنسان، وإلحاق الضرر بالمؤسسات الديمقراطية”.
ومنذ فترة تواترت الانشقاقات والاستقالات من حزب العدالة والتنمية، حيث وصل عدد المستقيلين منه إلى حوالي مليون عضو.
وتردد أن بعض الشخصيات ذات الثقل، أهمها تلك التي استقالت من حزب أردوغان، تستعد بالفعل لإطلاق حزب جديد.
وكان الفشل الذريع الذي تعرّض له حزب العدالة والتنمية بزعامة أردوغان في الانتخابات البلدية الماضية، لا سيما فقدانه أحد رموز سيطرته وهي بلدية اسطنبول، جرس الإنذار الأخطر الذي جعل قاعدته الشعبية تتراجع، ما دفع بمؤسسيه وأبرز أعضائه إلى التخلي عن سياساته والتفكير في القفز من مركبه الغارق في دكتاتورية قمع كل معارضيه.
وحسب استطلاعات رأي ووسائل إعلام تركية، فإن حزب أردوغان قد خسر نحو 60 ألفاً من أعضائه خلال الشهرين الماضيين.
ولم تقف محاولات أردوغان للاستئثار بالسلطة في حزبه أو ضد معارضيه السياسيين فقط، بل انتقلت إلى وسائل الإعلام والصحفيين، حيث ندّدت جماعات حقوقية بتضاؤل حرية التعبير في ظل حكمه خاصة عقب محاولة الانقلاب الفاشلة في 2016 التي تلتها حملة قمع اعتقل خلالها عشرات آلاف المعارضين السياسيين.
ويوجد حالياً حوالى 132 صحفياً في السجون تركيا، التي أصبحت تحتل المرتبة 157 في العالم لجهة حرية الصحافة.
يشار إلى أن نتائج سياسات أردوغان وحكومته الداعمة للإرهاب وأخطاءه الدبلوماسية عادت لتهز أركانه في عقر داره، وفيما تتساقط أوراق شجرة العدالة والتنمية واحدة تلو الأخرى يتآكل نظام أردوغان من الداخل بانتظار لحظة النهاية.