“الوفاء للمقاومة”: التدخل الأمريكي سبب الفوضى
أثارت الاستقالة المفاجئة لحكومة سعد الحريري، التي تمّت دون تنسيق مع الرئيس ميشيل عون والشركاء في الحكومة، مجموعة من التساؤلات حول توقيتها وأسبابها وأهدافها، وذلك في الوقت الذي تصرّ فيه الإدارة الأمريكية على التدخّل في الشأن الداخلي اللبناني والتسلل إلى تفاصيله، بينما أطل العدو الإسرائيلي برأسه كاشفاً عن دور خفي يحاول تأديته عبر خرقه المكثف للأجواء والمياه الإقليمية اللبنانية.
وفي السياق، أدانت كتلة الوفاء للمقاومة النيابية في لبنان التدخلات الأمريكية في الشؤون الداخلية لدول المنطقة والسياسات القائمة على ابتزاز الشعوب، مؤكدة أن هذه التدخلات والسياسات هي السبب الأساسي لحال الفوضى التي يراد تعميمها في مختلف دول منطقتنا بغية مصادرة قرارها الوطني والتحكم بمصيرها وبمستقبل أبنائها لحساب المصالح الأمريكية والإسرائيلية، وأشارت الكتلة في بيان عقب اجتماعها إلى أنه ثمة تساؤلات مشروعة فرضتها استقالة سعد الحريري سواء حول الأسباب الحقيقية والمبررات أو حول التوقيت وأهداف ومرامي الاستقالة، معتبرة أن هذه الاستقالة ستسهم في هدر الوقت المتاح لتنفيذ الإصلاحات ولإقرار الموازنة العامة لعام 2020، وستزيد من فرص التعقيدات للدخول على خط الأزمة.
وأعربت الكتلة عن أملها أن تسلك الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية الرئيس المكلف مسارها الطبيعي من أجل الشروع بتشكيل حكومة نزيهة وذات صدقية وقادرة على النهوض بالمهام المطلوبة منها سواء لناحية تحقيق الاستقرار النقدي والاقتصادي أم لناحية تعزيز روح الوفاق الوطني والتصدي بحزم لملفات الفساد والفاسدين.
وطالبت الكتلة الأجهزة الأمنية والعسكرية كافة، وفي مقدمتها الجيش اللبناني، بالقيام بمسؤولياتها الوطنية في ضمان أمن البلاد والمواطنين وحماية حقهم في التعبير، كما في التنقل والانتقال ضمن الأراضي اللبنانية كافة دون أي تردّد أو إبطاء.
إلى ذلك أكد رئيس المجلس التنفيذي في حزب الله هاشم صفي الدين، أن المطلوب حالياً هو حكومة تلبي صرخات وحاجات ومعيشة الناس، وتقنعهم بأنها نزيهة وبعيدة عن إملاءات السفارات والدول الخارجية، ولفت إلى أن هذه الشروط الأساسية إذا توافرت بإمكان الحكومة التي ستأتي أن تعالج المشكلات.
من جهة أخرى أكد رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد، ونائب رئيس المجلس السياسي في حزب الله وزير الدولة لشؤون مجلس النواب في حكومة تصريف الأعمال محمود قماطي، خلال اجتماع ضمّ وفدين من الحزبين، ضرورة مقاربة ما يحصل في لبنان على أساس المصلحة الوطنية العليا، والحرص التام على حماية استقراره وسلمه الأهلي، وضمان أمن وسلامة اللبنانيين.
واعتبر الجانبان أن “كل استغلال سياسي لوجع الناس ومطالبهم، إنما يرتبط بأجندات ومشاريع سياسية، والمطلوب وأد كل محاولات الاستغلال والتسييس، وأن تتحمّل الدولة مسؤولياتها لوقف المسار الانحداري الذي يرمي إلى تقويض أسسها في لبنان”.
وشدّد الجانبان على “التمسك بثوابت لبنان وخياراته وعناصر قوته، لأنها عوامل تحصين للبنان ولوحدة اللبنانيين، وأن المطلوب راهناً هو سلوك المسارات الطبيعية وفقاً للدستور بما يكفل تأمين استقرار الدولة بكل مؤسساتها وقطع الطريق أمام أي محاولة لاستهداف لبنان”.
في غضون ذلك، أعيد أمس فتح المدارس والمحال التجارية والطرقات، وساد الهدوء في العديد من المناطق اللبنانية، بينما شهدت بعض المناطق احتجاجات محدودة، وذلك في إطار الحراك الشعبي الذي يجري منذ أسبوعين بسبب تردّي الأوضاع المعيشية.
وذكرت الوكالة الوطنية اللبنانية للإعلام أن المدارس والجامعات الرسمية والخاصة فتحت أبوابها أمام الطلاب في النبطية ومنطقتها، بينما يسير العمل بشكل طبيعي في السراي الحكومي، كما فتحت الأسواق التجارية محالها.
وعادت مظاهر الحياة الطبيعية، وفتحت الطرقات في بعلبك ومناطق أخرى، حيث يسيّر الجيش اللبناني دوريات على مداخل ومخارج الطرق الرئيسية والفرعية المفتوحة أمام المواطنين.
في الأثناء شهدت بعض المناطق اللبنانية احتجاجات محدودة، حيث جرت اعتصامات وقطع للطرقات في عكار والشوف.
وكانت قيادة الجيش اللبناني طالبت أمس الأول المتظاهرين بفتح الطرقات المغلقة لإعادة مظاهر الحياة إلى طبيعتها في البلاد، في وقت قبل فيه الرئيس اللبناني استقالة الحكومة، وطلب منها تصريف الأعمال إلى حين تكليف حكومة جديدة.
وبالتوازي مع عودة الهدوء تدريجياً إلى المناطق اللبنانية، جدّد طيران العدو الإسرائيلي وزوارقه الحربية خرق الأجواء والمياه الإقليمية اللبنانية.
وأعلنت مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني في بيان أصدرته أمس، أن ثماني طائرات حربية معادية خرقت الأجواء اللبنانية، ونفّذت طيراناً دائرياً فوق مناطق بيروت وضواحيها بعبدا وعاليه جبيل وكسروان والمتن وصولاً إلى مختلف المناطق اللبنانية، ثم غادرت جميعها الأجواء باتجاه الأراضي المحتلة.
وأشار البيان إلى أن ستة زوارق حربية معادية خرقت المياه الإقليمية اللبنانية مقابل رأس الناقورة.
وتواصل قوات العدو الإسرائيلي انتهاكاتها أجواء لبنان وأراضيه ومياهه الإقليمية ضاربة عرض الحائط بكل الأعراف والقوانين الدولية.
إلى ذلك، تصدت المقاومة الوطنية اللبنانية لطائرة استطلاع إسرائيلية مسيّرة فوق الجنوب اللبناني، وأجبرتها على الفرار، وأوضحت المقاومة في بيان “أن المقاومين تصدوا بالأسلحة المناسبة لطائرة مسيّرة معادية في سماء جنوب لبنان، وأجبروها على مغادرة الأجواء اللبنانية”.