الزوجة الثانية!
شيء ما يحترق.. هو الوصف الدقيق للمواجهة الساخنة التي تدور رحاها بين المواطن والاجتهادات الشخصية والتفسيرات القانونية التي تحاصر روح القانون وتمنعها من تحقيق الهدف الذي وجدت من أجله، وفي أحيان كثيرة يتم وأدها دون وجه حق، وبشكل تغيب معه صحة التوجه وصوابية الرؤية القانونية للمشرع الذي يعمل ويسعى من خلال قانونه على ردم الفجوات وتجاوز الأخطاء المتراكمة، وحلحلة العقد وإنصاف الناس الذين يطرقون الأبواب بحثاً عن حقوقهم المطمورة بين عشرات التعاميم والبلاغات المنزلقة في نفق التعديلات التي قد تفقد عدالتها بقصد أو بغير قصد.
ما نريد قوله بصراحة يخص أو يتعلق بقضية تهم شريحة لا يستهان بها في مجتمعنا، ورغم علمنا المسبق بأن هذا الموضوع سيثير حفيظة البعض تحت عنوان (تم التعديل)، إلا أننا نجد من الضروري مع وجود الكثير من المتضررين، طرح القضية وإيصال صوت الناس إلى أصحاب القرار ليبادروا بالمراجعة واتخاذ القرارات المناسبة والكفيلة بإنقاذ المصلحة العامة من الاحتراق بشرارة اللامبالاة المدعومة بالاجتهاد الشخصي، وفي مقابل اعترافنا بكثرة القوانين التي تنظم يوميات الناس بكافة تفاصيلها، فإننا نصر على أن العبرة تبقى في التطبيق والقدرة على تحقيق المساواة لأكبر نسبة ممكنة من المواطنين.
وطبعاً ملخص ما نريد الحديث فيه يدور في فلك عدم استفادة الزوجة الثانية بعد وفاة الزوجة الأولى للمتقاعد التابع للتأمين والمعاشات بعد سن 65 “للمتقاعد” من الراتب التقاعدي حتى لو كان لديها ولد حيث يعود هذا الحرمان إلى عام 2001 عندما تم توحيد القانون بين التأمينات الاجتماعية والتأمين والمعاشات بالقانون رقم / 78 / الذي حرمت بموجبه الزوجة الثانية من الراتب التقاعدي لزوجها.
ولكن ما كان محرماً في الماضي بات اليوم وبحضور القانون الجديد مشرعاً، حيث أعيد هذا الراتب للزوجة الثانية دون أن يأخذ أي أثر رجعي ينصف هذه الفئة التي حرمت من حقوقها لسنوات طويلة، مع العلم أن الحرمان جاء بناءً على تعليمات الجهاز المركزي الذي وضع مصير الزوجة الثانية في ذمة زواج المصلحة. ومنذ صدور هذا الحكم الاجتهادي لم تستطع محاولات أو استغاثات أصحاب القضية كسر القيود التي أحكمت قبضتها على مصيرهم واحتجزت آمالهم بالأثر الرجعي للقانون الجديد في غياهب التطنيش وعدم المبادرة لإصدار القانون الذي ينصفهم، فهل نعدهم بالفرج والاستجابة القريبة أم كالعادة تدار لهم الظهور تحت شعار قوانين عمياء واجتهادات عرجاء.؟
بشير فرزان