في انتخابات إدارات الأندية شماعة التعليمات حضرت بقوة والكوادر تهرّبت.. والقيادة الرياضية مطالبة بالتدارك
رغم أن الجميع كان ينتظر بدء الدورة الانتخابية الجديدة لمعرفة ما يمكن تغييره في مفاصل رياضتنا المرهقة، إلا أن الواقع خالف التوقعات، لتظهر انتخابات مجالس إدارات الأندية، وخاصة الكبيرة منها، في صورة مزرية مع تقاذف التهم، وتمييع الأسباب، والتوجه نحو نقد التعليمات الانتخابية، مع نسيان تام لدور الكوادر.
ومع التمعن بحال أنديتنا سنجد أن ما جرى في الانتخابات هو صورة طبيعية ومنطقية لتردي مستوى الوعي لدى الكوادر التي فضّلت أن تكون حبيسة المصالح الضيقة عوضاً عن الانطلاق نحو التفكير في مستقبل أفضل يضمن مصالح ناديها، وينتشله من واقعه.
تهرّب فاضح
قبل صدور التعليمات الانتخابية، كان صوت البعض عالياً في رفض أي مقترح للتعيين في أي مفصل، وترك المجال لآراء العاملين في الحقل الرياضي، وبالفعل تم التوجه نحو الانتخاب، وتم إقرار تعليمات انتخابية تراعي تواجد أشخاص لهم خبرتهم الفنية، وتوجههم الوطني، مع امتلاكهم المؤهلات الرياضية، أو العلمية، والتنظيمية، لكن الذي جرى بعدها كان بمثابة الصاعقة، فتحولت الانتخابات التي يفترض أن تكون مهرجانات رياضية إلى ساحة لتصفية الحسابات، ولإظهار رواسب السنين الخمس الماضية، فغابت الخبرات وتهرّبت الكوادر، ولم تنفع محاولات الإنعاش التي حاولت القيادة الرياضية فعلها.
وأمام كل ذلك كان التوجه نحو التزكية أو التعيين عبر اللجنة الفرعية لكل محافظة، وبالتالي خرج الموضوع عن سياقه، وظهر مدى غياب الأفق عن تفكير كوادر معظم الأندية.
مطالب وأسباب
طبعاً تفسيرات كثيرة وردت “للبعث” من مختلف المحافظات عن أسباب عزوف الكوادر عن الترشّح، والانتخاب، والحضور بالحد الأدنى، فالقضية الأبرز كانت شروط الترشيح التي وصفها البعض بالصعبة، مع وجود شرط الشهادة العلمية الذي كان شاقاً على بعض الرياضيين الذين كانوا دائماً في الملاعب والصالات ولم يحملوا الشهادات.
أما السبب الثاني فكان عدم وجود جو مناسب للعمل، وبالتالي الابتعاد عن مواقع الإدارة، مع الافتقار لأبسط المقومات في هذه الأندية، وكثرة المتطلبات، وتحديداً المادية منها، إضافة لموضوع تفعيل العضوية الذي كان موضوع جدل في المناطق الريفية التي وجب على أعضاء أنديتها دفع الرسوم عن السنوات الخمس الماضية.
وللإشارة فإن العملية الانتخابية لم تجر في محافظات كاملة تحت تأثير الأسباب آنفة الذكر، وبالتالي كانت التزكية أو التعيين الحل السحري.
غير محقة
الكلام سابق الذكر لا ينفي أن المشكلة بالأساس تعلّقت بطريقة تعاطي أعضاء الأندية مع العملية الانتخابية، وعدم إدراكهم قيمتها في إحداث الدفعة الإيجابية، ففي حلب لم تنفع الجماهيرية الكبيرة لناديي الحرية والاتحاد في منع فشل مؤتمريهما بسبب غياب النصاب القانوني لأسباب تتعلق بارتباط الكثيرين بالأشخاص بعيداً عن المصلحة العليا للنادي، وفي العاصمة التي يفترض أن تكون الواجهة شهدنا صراعات في أكبر أنديتها وصل لحدود خارجة عن الروح الرياضية، فيما غاب الفنيون عن إدارة ناد آخر، واستمر بعض من تكرر فشلهم في أحد الأندية المركزية.
هذه الأمثلة دليل على أن التعليمات الانتخابية، وإن كانت بعض شروطها قاسية، ليست العقدة، وبالتالي وجب على المقصّرين البحث عن أعذار جديدة.
قبل فوات الأوان
أمام كل هذا فإن تدارك سلبيات المرحلة الأولى من الدورة الانتخابية العاشرة يجب أن يكون سريعاً، فأمس انطلقت انتخابات اللجان الفنية التي تعد نواة العمل الرياضي، وبعدها سنكون أمام اختيار اتحادات الألعاب، وهنا تكمن المشكلة، فالشروط التي وضعتها القيادة الرياضية لمن يريد قيادة دفة اتحادات الألعاب بحاجة لتعديل سريع يتعلق بموضوع الشهادة العلمية لأن العمل فني بحت، والجوانب العلمية ليست مطلوبة بشدة، وبعض الألعاب بالكاد كوادرها تمتلك بطولات على مستوى الجمهورية مع تحصيل علمي بسيط، وهذه الكوادر ليست بالكثيرة، وبالتالي فمن الأفضل أن نشهد تسهيلات في موضوع الشهادات العلمية لأعضاء الاتحادات لتحسين الوضع، وتلافي حصول صورة مشابهة عن انتخابات إدارات الأندية، ولضمان وصول الأفضل لمكاتب الاتحادات.
حلول لاحقة
ختاماً ما جرى حتى الآن يفرض على القيادة الرياضية وضع تصور لحلول مستقبلية لتصحيح أوضاع الأندية، وربما يكون أولها موضوع العضويات التي يجب أن يعاد النظر بها، وعدم الاكتفاء ببيانات قديمة عفا عليها الزمن، فبعض الأرقام لم تعد واقعية، والاتكاء عليها ليس في مصلحة رياضتنا، مع محاسبة الأعضاء الأصلاء على تقصيرهم تجاه أنديتهم، وخاصة المركزية منها، على غيابهم عن اجتماعاتها السنوية والمؤتمرات الانتخابية دون أعذار واضحة، مع تسهيلات في أمور الاستثمار والمنشآت لإخراج بعض الأندية من حالة المراوحة في المكان، وجذب كوادرها المبتعدة.
مؤيد البش