بحثاً عن الحلول الاختناقات المرورية في السويداء.. شوارع ممتلئة بالإشغالات المخالفة وسوء في التخطيط الخدمي
حالة الاختناق التي تعيشها مدينة السويداء لا تسر الخاطر، خاصة أنها حالة تتزايد وتتفاقم في ظل تواضع الإجراءات التي لا تتعدى حفظ ماء الوجه في كثير من الطروحات، والتي تعتمد الصيغة المستقبلية (سوف وأخواتها)، فقد ترجع الكثير من الإجراءات إلى ما قبل الحرب، ونقصد هنا العقد المرورية المغيبة عن خارطة التفكير، باستثناء بعض الدراسات التي أجريت وكلّفت مجلس المدينة ملايين الليرات، ليكون مصيرها اليوم سلة المهملات، وتضاف إلى هذا الملف قضية الأكشاك والبسطات التي تمدد في كل شوارع وزوايا المدينة في قلبها وأطرافها، منها المرخص، ومنها العشوائي والمخالف، وتضاف إلى ذلك أشغال الشوارع بمواد البناء، في الوقت الذي يتضاعف فيه عدد السيارات في مدينة مخططة بشوارع لا تحتمل أكثر من الدراجات الهوائية والنارية في أقصى حد، فما هي رؤية مجلس المدينة للتعامل مع هذا الواقع؟ وما هي الحلول التي يمكن أن تساهم في حلحلة هذه الفوضى المرورية؟.
التشدد في القانون
وفي حديث الفوضى المرورية لا شك أن الأفكار تقفز مباشرة لشرطي المرور الذي عليه تقع مسؤولية معالجة كل هذه الفوضى، والتشدد في تطبيق القوانين التي تحميه وتضمن سلامته خلال تواجده في الشوارع، فقد يتعرّض للتهديد أو الاعتداء المباشر عليه، ولذلك لابد من العمل الجاد والتنسيق بين كافة الجهات لتشكيل دوريات مشتركة، وتكثيف تواجد العناصر الأمنية والشرطية، ومكافحة كافة الظواهر السلبية من سيارات مخالفة، وأخرى لا تحمل أية “لوحات”، وقد تكون مزورة.
أما الحلول الموازية فهي بوجود المواقف المأجورة على أطراف المدينة، وعدم السماح بالدخول إلى وسط المدينة إلا لسيارات الأجرة، أما سبب الازدحام الخانق الذي تعيشه المدينة فيعود للتزايد الكبير في عدد السيارات خلال الفترة الأخيرة، هذه هي حصيلة الحوار الذي كان مع عدد من عناصر شرطة المرور الذين يحملون ما يحملون من هموم، فهم في الواجهة والمواجهة مع مجتمع يجدهم يملكون عصا سحرية لحل كافة المشاكل المرورية التي يعاني منها المجتمع نفسه، ويدفع ضريبة ذلك جراء تعديات مختلفة الأشكال ومتعددة المظاهر، إلا أن نتائجها واحدة وهي تشويه المظهر العام للمدينة، وتعقيد الحركة المرورية في وجه مستخدمي الطرقات.
أرقام وتحليلات
الازدياد الكبير في أعداد السيارات يترافق مع عدم إمكانية إجراء أية توسعات على الشوارع الرئيسية، وعدم وجود مرائب عامة أو خاصة لاحتواء العدد الكبير من السيارات، وركن أصحاب المحلات لسياراتهم أمامها، بالإضافة إلى الإشغالات والتعديات على الطرق من بعض المحال والأكشاك والبسطات، ووجود مواقف خطوط نقل وسيارات أجرة في أكثر من مكان، وعلى أكثر من رتل على الشارع المحوري.
وبحديث الأرقام فقد وصل عدد المركبات المسجلة في مديرية النقل بمحافظة السويداء لنهاية شهر أيلول الماضي إلى/63393/ مركبة، بزيادة قدرها /10548/ مركبة عن عدد المركبات المسجلة في السويداء في منتصف عام 2011، أي مع بداية سنوات الحرب، والذي بلغ حينها /52845/ مركبة.
ووفقاً لأرقام المرصد الحضري بالسويداء المستندة إلى عدد المشتركين بعدادات الكهرباء، وبيانات شركة تكامل حول البطاقة الذكية، فإن عدد سكان المحافظة المتواجدين على أرضها يبلغ نحو /460/ ألف نسمة، وإذا ما قسمنا هذا العدد على إجمالي عدد المركبات المسجلة في مديرية النقل بالسويداء، والبالغ /63393/، فيكون المعدل في المحافظة هو سيارة لكل سبعة مواطنين.
ومع الانتشار والتزايد الكبير لعدد السيارات في محافظة السويداء، وبخاصة السيارات العمومية التي وصل عدد المسجل منها لدى مديرية نقل السويداء إلى /3307/، ناهيك عن أكثر من ألف سيارة تحمل لوحات من خارج المحافظة، فقد برزت ظاهرة الازدحام المروري في ظل غياب النقل الداخلي، وعدم وجود أي أنفاق أو جسور أو شوارع عريضة، وتعثر وتوقف عدد من المشاريع الطرقية بالمحافظة، وغياب أية حلول مرورية، والتأخر في تنفيذ عدد من العقد المرورية في مدينة السويداء التي تغص شوارعها بمئات السيارات، والتي تعاني من واقع مروري مزر، واختناقات في حركة السير، ولاسيما خلال ساعات الذروة نتيجة وقوف سرافيس وباصات النقل العاملة داخل المدينة وخارجها، واصطفاف سيارات الأجرة على الشارع المحوري، وبعض الساحات والمفارق المهمة في وسط المدينة، إلى جانب إشغالات وتجاوزات على الطريق من أكشاك وبسطات وسيارات مركونة على جانبيها، ما يجعل الحركة صعبة، ويشوبها الكثير من الفوضى، أضف إلى ذلك وجود آلاف السيارات في ساحة المحافظة التي تحمل لوحات مخالفة أو دون قيود، وجميعها بحاجة إلى معالجة لوضعها من قبل الجهات المعنية وفقاً للأنظمة والقوانين، خاصة أن أغلبها مسروقة، حيث لاتزال تنتشر في المحافظة الكثير من السيارات المهربة أو المسروقة المباعة التي يتم استخدامها من قبل الخارجين على القانون في ارتكاب جرائم الخطف والقتل والسلب والتهريب التي تعاني منها السويداء.
أكشاك وبسطات
تعتبر ظاهرة الأكشاك والبسطات المخالفة في مدينة السويداء من أكثر الظواهر إزعاجاً وإرهاقاً للمدينة وشوارعها، وليس بجديد الحديث عن أهمية التخلص من هذه الظاهرة، وهو مطلب متكرر لدى معظم أبناء المحافظة، وإن كان تنفيذه يتطلب رغبة وإرادة قوية، ليس من مجلس المدينة فحسب، بل من عدد كبير من الجهات المعنية، وفي مقدمتها المكتب التنفيذي، وقيادة الشرطة والمرور بعد أن اختلط الحابل بالنابل، ليس فقط في شوارع المدينة، بل امتدت لتطال حرم المواقع الأثرية، ولاسيما على الشارع المحوري في مدينة السويداء، حيث ارتفعت وتيرة أصوات الفعاليات الاقتصادية والتجارية في الآونة الأخيرة المطالبة منذ أكثر من 8 سنوات بضرورة إيجاد حل لتلك البسطات والأكشاك المتنقلة والثابتة المكتسحة الشارع المحوري، والتي باتت تعرقل حركة مرور المشاة والسيارات، المطالبات لم تجد صدى إيجابياً، وهذه الفوضى التي تشهدها معظم شوارع المدينة وأسواقها انعكست سلباً على أصحاب المحال التجارية الذين يدفعون الضرائب والرسوم، بينما أصحاب الأكشاك كانوا ومازالوا خارج دائرة هذه الضرائب، إضافة لاكتساحهم حرمات الأرصفة والطرقات.
“اليد قصيرة”
في مجلس المدينة المشكلة حاضرة، والخطط جاهزة وموضوعة، والحلول موجودة لمعالجة المشكلة بأبعادها الثلاثية من واقع مروري إلى البسطات، إضافة إلى التعديات على الطرقات، وقد تكون الإجراءات المتخذة قاصرة وخجولة أمام حجم المشكلة الذي يحتاج إلى تضافر جهود جهات متعددة.
الحديث مع رئيس مجلس المدينة المهندس بشار الأشقر حمل الكثير من الشفافية والجدية في المعالجة، وإن كانت “الايد قصيرة” في بعض الحالات لجهة نقص التمويل الذي غالباً ما يحتاج إلى ميزانيات ضخمة، أو جهود جهات أخرى تلتقي وتتضافر مع جهود المجلس، طبعاً ذلك لا ينفي مسؤوليتهم المباشرة، ونقصد هنا مجلس المدينة، عن التصدي لمعظم الحالات التي تفاقمت خلال السنوات الأخيرة، وتراكمت جراء ترهل في بعض الأوقات، وتراخ في بعض المفاصل، وغض نظر في بعض الزوايا في مدينة مقسمة إلى ثمانية أحياء، في كل حي خط أو خطان، كلها تؤدي إلى مركز المدينة، وهي مخدمة بوسائط نقل، وطبعاً حالة وجود الملاكات على بعض الخطوط والنقل إليها ليست بريئة بالمطلق، وقد تبرز حالة سمسرة من قبل أصحاب القرار في النقل أو الترشيح لذلك.
وفي هذا الاطار يشير رئيس مجلس المدينة إلى وجود اتفاق مع نقابة النقل، بحيث يكون إحداث الطرق وزيادة الملاكات من اختصاص لجنة السير المركزية، وهناك أيضاً محضر تسوية مع النقابة، والكلام مازال لرئيس المجلس، سيتم بموجبه نقل كل وسائل النقل الداخلي عدا باصات مجلس المدينة إلى نقابة النقل البري مقابل تقاضي ضريبة أشغال طرقات إلى مجلس المدينة، بالمقابل هناك خطة لتنظيم عملية دخول الآليات من الريف إلى المدينة، بحيث تنحصر في الكراجين الجنوبي والشمالي، وتتولى باصات النقل الداخلي نقل الركاب إلى مركز المدينة، وهذا يخفف جزءاً من الضغط على المركز، أما الإجراء الموازي لهذا الإجراء فهو إحداث موقف في أطراف المدينة يستوعب نحو ١٣٠٠ سيارة، إضافة إلى المواقف المأجورة، حيث توجد مراسلات مع إحدى الشركات لإحداث مواقف على أرصفة الطرقات.
أما المشكلة الثانية التي تنعكس على الواقع المروري في المدينة فهي إشغالات الطرق بمواد البناء، ويوضح هنا رئيس مجلس المدينة أنه في نظام الضابطة يحق إشغال ٢٠% من عرض الطريق، لكن هناك تجاوزات كبيرة يقوم مجلس المدينة بمتابعتها وإزالتها، أما ظاهرة البسطات والأكشاك فتعتبر من أهم الملفات التي يسعى مجلس المدينة لحلها، حيث اتخذ مجموعة إجراءات، منها تسيير دوريات، وتنظيم ضبوط بحق عدد من المخالفين، وتم تحويل هذه الضبوط للقضاء المختص، وقام المجلس، حسب الأشقر، بتنظيم جداول بأسماء أصحاب الأكشاك، وإعطائهم مهلة زمنية لا تقل عن شهر للإخلاء، وقريباً سيتم استثمار سوق الهال لتنتقل هذه الأكشاك إليه، ما يخفف 90% من الازدحام الحاصل على هذا الشارع، وكذلك هناك خطة لإحداث أسواق شعبية في معظم أحياء المدينة لنقل البسطات والأكشاك إليها، وبيّن الأشقر أن كافة التراخيص تمنح من قبل المجلس لإشادة الأكشاك في أطراف المدينة، ومعظمها لأسر الشهداء والجرحى.
وختم الأشقر حديثه بوعد يرافق حلول العام القادم بعودة مدينة السويداء لتتفتح كزهرة يفوح منها عبق الجمال والتنظيم.
ترهل وتمدد
أمام هذا الواقع المروري المزري لابد من إيجاد الحلول الناجعة للحد من الفوضى المرورية، وبخاصة في مدينة السويداء، والإسراع في إنجاز العقد، وفي مقدمتها عقدة الشرطة العسكرية، وعقدة المشفى الوطني، وإزالة كافة الإشغالات التي تعيق الحركة المرورية، حلول ليست بمستحيلة في حال توفر الرغبة الصادقة لذلك بعيداً عن التصريحات التي لا تغني ولا تسمن من جوع، فهل سنجد الدوريات المشتركة موزعة في كافة مفاصل المدينة مهمتها قمع المخالفات مهما كانت نوعيتها، أم ستبقى الأزمة شماعة نعلّق عليها تمدد كل تلك الظواهر؟!.
رفعت الديك