الأسد محق في ما قاله عن ترامب
ترجمة: علاء العطار
عن موقع “أميركان هيرالد تربيون” 2/11/2019
يؤكد مايكل هاورد، وهو كاتب ومدرّس أمريكي يعيش في فيتنام، أن الرئيس السوري بشار الأسد أصاب في كل كلمة قالها عن ترامب في مقابلة أجراها مع وسيلتين إعلاميتين محليتين، وتحديداً التالي:
“كل الرؤساء الأمريكيين يرتكبون كل الموبقات السياسية وكل الجرائم، ويأخذون جائزة نوبل، ويظهرون بمظهر المدافع عن حقوق الإنسان، وعن القيم الأمريكية الراقية والفريدة، والقيم الغربية بشكل عام ولكنهم عبارة عن مجموعة من المجرمين الذين يمثلون ويعبّرون عن مصالح اللوبيات الأمريكية وهي الشركات الكبرى، السلاح والنفط وغيرها”.
ويبدأ مقاله بالقول:
كتبتُ الكثير عن سورية خلال الأعوام القليلة الماضية، ليس رغبة بحتة مني، بل لأن التدخل العسكري الغربي والتغطية الإعلامية الغربية لهذا الصراع الرهيب أرغما قلمي، إذ أن كلاهما كان منافقاً وكاذباً لدرجة أنني لم أتمالك نفسي، فأنا لا أطيق أن يتلاعب بي أحد ويكذب عليّ.
ويُعرف عني في الأوساط الصحافية أنني مدافع عن الأسد الذي يحيكون له المؤامرات ويلفقون له الأكاذيب، وهل يحق لنا في الولايات المتحدة أن نذكره بسوء ونحن نفعل من الفظائع ما لم تفعله أي دولة؟ فحكومة الولايات المتحدة تحب قتل شعبها كحُبها لقتل الشعوب الأخرى، والشرطة العسكرية تقتل الأمريكيين العُزّل في الوقت الذي يقتل فيه جيشنا العُزّل من العراقيين والسوريين والأفغان واليمنيين، سواء تمّ ذلك بشكل مباشر أم غير مباشر.
كل ذلك مضحك ومحرج للغاية، أذكر أني كنت أشاهد في إحدى الليالي إحدى قنواتنا، ربما “سي إن إن” أو “إن إس إن بي سي”، وكدت أبصق ما كنت أشربه عندما سمعت المعلقة تؤكد أن الأسد “قتل الملايين”، ومضت تلك المنافقة في كذبها دون أن يوقفها أحد من زملائها. وفي مناسبة أخرى، أثناء مناقشة مقابلة مع الأسد باللغة الإنكليزية، أوضحت مذيعة “سي إن إن” لمن يشاهدها أن عليهم ألا يثقوا بكل ما شاهدوه وسمعوه لأن الحكومة السورية هي من سجلت المقابلة وحرّرتها بشكل انتقائي يتناسب مع أجندتها، ولم يذكر أحد أن الرئيس الأسد لا يجري مقابلة مع أحد إلا بشرط أن تُسجّل المحادثة وتبثّ بكاملها دون تعديل، لكن يبدو أن الإعلاميين المحترفين في “سي إن إن” يصدقون معظم أكاذيبهم.
وإن رفضت الانضمام إلى الركب في تلفيق الأكاذيب على الحكومة السورية فأنت مناصر للأسد، وإن ذكرت أن مجموعات تابعة لتنظيم “القاعدة” كانت تحتل شرقي حلب فأنت مناصر للأسد، وإن أعربت عن شكوكك بشهادات عناصر “الخوذ البيضاء” فأنت مجدداً مناصر للأسد، ومن الغرابة أن معظم وسائل الإعلام الرئيسية أصبحت الآن “مناصرة للأسد”، فلم تعد تتظاهر أن وكلاء أردوغان هم مقاتلون معتدلون يستحقون الدعم، إذ أن ممارساتهم الوحشية في التطهير العرقي والطائفي وضعت حداً لتلك الخرافة، ولم تعد وسائل الإعلام تلك تُنكر أن إدلب تحت سيطرة معاتيه وهابيين لا يختلفون عن “داعش” إلا في تكتيكاتهم، أين كانت عقول هؤلاء قبل عامين أو ثلاثة؟ ألم يكونوا أنفسهم من كان متمسكاً بأمل سقوط الأسد؟ والآن يجوز قول الحقيقة بعد أن بقي الأسد شامخاً وتأكد نصره، حتى ولو جزءاً من تلك الحقيقة.
لكن المقاومة المنسقة ليست بالأمر اليسير عندما تتعامل مع وسائل الإعلام الضخمة التي تغرقك بأكاذيب الحكومة الأمريكية وتشوّه سمعة كلّ من يحاول قول الحقيقة، لذا وجدت هذه الشركات في ترامب، الشائن كسياساته، متنفساً جديداً منعشاً، لكن ما في جعبته من دوافع إمبريالية خسيسة جعل من الصعب على وسائل الإعلام أن تبيع للجمهور “العقار الشافي” لكل مشكلة، فعلينا إسقاط مادورو، كما يؤكد نظام ترامب، لأننا سنتحكم باحتياطات النفط الهائلة في فنزويلا، يقول ترامب “هذي هي البلد التي يجب أن نشنّ حرباً عليها، فهي تمتلك كماً هائلاً من النفط وتقع على مقربة منا”.
بالعودة إلى سورية، أعلن ترامب أنه سيبقي قوات أمريكية هناك –ربما للأبد- للاستيلاء على حقول النفط، لكن جورج بوش وديك تشيني كانا يُصران دائماً على أن لا علاقة للنفط بقرارنا بغزو العراق وتمزيقه إرباً، فهذه نظرية مؤامرة سخيفة! كل ما أردناه هو الحرية للشعب العراقي، وحكومتنا مطبوعة على حب الخير، أليس كذلك؟! لكن ترامب كسر هذه القاعدة، ورغم أنه كاذب محتال، إلا أنه يتفوه بالحقيقة، وهذا ما جعله “أفضل رئيس أمريكي” في نظر الأسد.
كلام رائع و قد احسنت الاختيار استاذ علاء فمن فمهم ندينهم كما يقال