فتح القروض لـ140 ألف حرفي… وحاضنة حلب قيد التجهيز “الأيدي الماهرة” أمام استحقاق استعادة دورها بحزمة تسهيلات ومحفزات حكومية
دمشق – ميس خليل
في الوقت الذي كان فيه القطاع الحرفي يئن تحت وطأة الآثار الناجمة عن الحرب الإرهابية التي طالت الورش الحرفية والمنشآت الصناعية واندثار قسم كبير من الحرف، والأخطر تسرب اليد العاملة الخبيرة، جاءت الورشة التي نظمتها الحكومة مع الاتحاد العام للحرفيين لترسم الخطوط العريضة والرئيسية لاستنهاض هذا القطاع الهام في دعم الاقتصاد الوطني، بدءاً من الاستمرار بإعادة تأهيل المناطق الحرفية المتضررة، والتوسع بإنشاء الحاضنات الحرفية في المحافظات، وليس انتهاء بإدراج القطاع الحرفي في برنامج دعم فوائد القروض.
“البعث” حاورت رئيس الاتحاد العام للحرفيين ناجي الحضوة الذي أكد أن عجلة الاقتصاد تعتمد اعتماداً كلياً على الصناعات الصغيرة والمتوسطة، وقطاع الحرفيين يعد من القطاعات الصغيرة، ويتألف من 13 اتحاداً فرعياً في كل محافظة، وكل اتحاد فرعي يتفرع عنه عدد من الجمعيات يبلغ عددها 299 جمعية، وكل جمعية ينضوي تحت مظلتها عدة مهن تبلغ ما يقارب من 300 إلى 400 مهنة على مستوى القطر، في حين يبلغ عدد المنتسبين للاتحاد حالياً ما يقارب 140 ألف حرفي موزعين على الاتحادات المنتشرة بالمحافظات، أما الحرف السورية فتتجاوز 400 حرفة.
“مارد” ينهض
وبين الحضوة أن القطاع الحرفي كان من أكثر القطاعات التي تضررت خلال الأزمة، وتم خروج مناطق حرفية كاملة عن الخدمة في عدة محافظات، ولكن بعد تحريرها مباشرة من يد الإرهاب توجه الاتحاد العام والاتحادات الحرفية لهذه المحافظات، وتم البدء بحلب التي تعد المحافظة الصناعية الأولى والمتضرر الأكبر خلال الحرب، مشيراً إلى أن “المارد” الإنتاجي نهض من تحت الرماد بقوة وعزيمة الحرفيين، وتم إعادة عدة مناطق حرفية للخدمة في حلب كالراموسة القديمة والجديدة، وحالياً بستان الباشا ومنطقة المقامات التي كانت تمثل العصب الحيوي للصناعات الجلدية، حيث كان يوجد فيها قبل الحرب ما يقارب 1800 ورشة، واستطعنا لغاية الآن إعادة 1400 ورشة مع حرفيي المنطقة الذين وجدوا في مصر أو في المحافظات الأكثر أمناً، وأعدنا إقلاعها من جديد بالكامل بحيث يوجد فيها حالياً مراكز شحن للمواد المصنعة النهائية من منتجات الجلديات ويتم الشحن يومياً لأغلب المحافظات، وهناك استعداد أيضاً لتغطية حاجة الدول المحيطة بالكامل، كما أنه – وبحسب الحضوة – بعد 3 سنوات من تحريرها هناك فائض في الإنتاج وإمكانية للتصدير للدول الإقليمية، مع العلم أن هناك عقوداً وكميات كبيرة للتصدير تأتينا من عدة دول، ولكن بسبب الحصار الاقتصادي نتعرض لضغوطات بعدم استقبال البضائع السورية، منوهاً إلى أن التوجه الحكومي يقضي بالاستمرار بإعادة تأهيل كافة المناطق الحرفية المتضررة.
وعن الحرف الأكثر تضرراً خلال الأزمة أوضح الحضوة أنه تم تضرر مناطق حرفية بأكملها وليس حرفاً معينة، وكل منطقة لها طابعها الحرفي الخاص، ففي ريف دمشق تضرر قطاع الموبيليا بالكامل، وأصبح هناك ورش بديلة وانتقلت ورش إلى محافظات أخرى ولم يغادر أصحابها بشكل كامل خارج الوطن إلا القليل منهم ممن قدمت له مغريات كثيرة الهدف المبطن منها استقطاب الأيدي الماهرة لهذه الدول كالأردن وتركيا، أما فيما يخص ورشات الذهب فذكر رئيس الاتحاد أن الذهب السوري عامل مصداقية وأمان في كافة الدول، وتم إعادة مايقارب 50% من الورش العاملة فيه لسابق عهدها.
حرفية منظمة
وعن الخطة التي سيتم وضعها لاستقطاب الحرفيين خارج الوطن لإعادة إحياء صناعاتهم بناء على التوجهات الحكومية بين الحضوة أنه يتم استقطابهم من خلال إعادة تأهيل منشآتهم، فهناك على سبيل المثال منطقة القدم وحوش بلاس وبور سعيد والتي كان فيها الكثير من الحرف وهي مناطق عشوائية، ولاسيما مع المحفزات التي وعدت بها الحكومة لحرفيي هذه المناطق من خلق فرص عمل جديدة لهؤلاء ضمن مناطق حرفية ومناطق صناعية منظمة أي “توطين للحرف” ضمن إطار تنظيمي يراعي فيه التوازن البيئي، وتم اختيار منطقة الباردة لتكون منطقة منظمة يتم استقبال الحرفيين فيها، وكذلك أن الحرفي كان يدفع 30% من قيمة المقسم الذي يرغب به و70% يتم تقسيطها لمدة 10 سنوات، أما الآن فأصبح يدفع 10% لمدة أربع سنوات و90% لمدة عشرين سنة، كما تم تقدم تسهيلات كبيرة في منطقة عدرا لأي حرفي يريد الاكتتاب فيها، وتم إحداث خمس مناطق حرفية حران العواميد – الباردة ومناطق أخرى بريف دمشق لاستيعاب الحرفيين.
دعم الفوائد
أما الموضوع الأكثر جذباً بالنسبة للكثير من الحرفيين كما يراه “الحضوة” هو الدعم المادي لهم من خلال تقديم القروض، ومباشرة بعد الاجتماع مع الحكومة تم إقرار فتح القروض للحرفيين من كافة المصارف، في حين كانت في السابق عن طريق المصرف الصناعي فقط، كما تمت المطالبة بتقديم الدعم لفوائد القروض، ولاقت المطالب أصداءً إيجابية بحيث تم التوجه لدعم فوائد القروض من 13% كانت تدفع في السابق لتصبح 7% حالياً.
الحضوة أشار إلى التوجه الحكومي بدراسة مشروع قرار تنسيب الخريجين الأوائل من الثانويات الصناعية والمعاهد التقنية في اتحاد الحرفيين مجاناً، وإعطائهم الأولوية في الحصول على القروض، فنحن بحاجة لرفد للأيادي الماهرة، والثانويات الفنية والمعاهد الفنية دائماً هي خزان يرفدنا بكافة المهارات، كما تم النقاش مع الحكومة لإدراج بعض الحرف التراثية والتقليدية بمنهاج التعليم الفني، والمطالبة بضمها للتنظيم الحرفي، ولكن رئيس الحكومة بادر بوعده بأن يتم تنسبيهم تتسيباً مجانياً، وإعطاؤهم أولوية في القروض.
رئيس الاتحاد ذكر أن آلية انتساب الحرفيين كانت غير إلزامية، وهناك على مستوى القطر مايقارب 600 ألف ورشة غير مسجلة، وبعد الأزمة يتوفر منها 300 ألف ورشة، كما أن عدد الحرفيين المسجلين في الاتحاد 140 ألفاً، ومن هنا تمت مناقشة ضرورة إيجاد آلية لتنسيب الحرفيين، وتم تشكيل ورشة مباشرة برئاسة وزارة الإدارة المحلية والاتحاد العام للحرفيين لإيجاد آلية لتنسيبهم، وستقدم كل وزارة محفزات لهم، فالاتحاد على سبيل المثال قدم لهم الرعاية الصحية وصندوق دعم الشيخوخة والعجز على اعتبار أن هاجس الحرفي بشكل دائم هو التقاعد، كما أنه من بين المحفزات الأخرى يستطيع الحرفي الحصول على مقسم بأي منطقة حرفية أو صناعية في أي محافظة حتى لو كان غير منتسب للاتحاد، في حين كان شرط انتسابه في السابق ضرورة لحصوله على مقسم.
إحلال البدائل
الحضوة بين أنه سيتم العمل بالتشارك مع الحكومة المشاركة لتنفيذ برنامج إحلال بدائل المستوردات، أي إن أي منتج ينتج داخل القطر يغنينا عن استيراد نفس المادة من الخارج، وبالتالي توفير القطع الأجنبي والاستعاضة عنه بمنتج وطني محلي.
وحول سؤالنا رئيس الحضوة عن وجود حرف مهددة بالانقراض أشار إلى أنه لايوجد حرف مهددة بالانقراض، ولكن هناك منتجات وحرف أصبح الطلب عليها ضعيفاً كونها كانت تعتمد اعتماداً كلياً على السياح، كما أن تصريفها في السوق المحلية أصبح ضعيفاً كونها تعتمد على الأسواق الخارجية، ولكننا نعمل على إعادة الألق وتأهيل كل الحرف من خلال المباشرة بالحواضن الحرفية، كحاضنة دمر وحاضنة بيت الشرق، وهناك نواة لحاضنة في منطقة باب شرقي، وحالياً يتم التحضير لإنجاز حاضنة في حلب، وهناك كوادر حرفية مهرة مهمتها تأهيل وتدريب الشباب ممن يود ممارسة الحرف، كما سيتم التوسع بشكل أفقي في تشكيل الحاضنات لتشمل كافة المحافظات.