هل تعالج الاحتفالات البيئية معضلة تلوث حمص؟
حمص-عادل الأحمد
يحاكي ما تعانيه مدينة حمص من التلوث، ما تعانيه المدن الصناعية الكبرى في العالم، مع أن المدينة لا تقارن من حيث عدد المنشآت بتلك التي تكتظ بها مدن شهيرة بمختلف أنواع المصانع والمنشآت التي تنتشر أدخنتها، وتغطي السماء بسحب بيضاء وسوداء وربما بألوان أخرى.
والمسألة ليست وليدة الساعة أو هي نتاج سنوات الحرب، بل هي قائمة منذ أن أقيمت مصفاة النفط ومعامل شركة الأسمدة في المنطقة غربي حمص قريباً من بحيرة قطينة مصدر الماء، مع عدم مراعاة الرياح في المنطقة التي هي في غالبيتها غربية من جهة البحر، هكذا قرر من خطط لإقامة مطلقات الدخان دون التفكير بالشأن البيئي.
وفي حساب الربح والخسارة، إذا كنا نحسب أضرار التلوث على المدينة، فإن إقامة هذه المنشآت في البادية واسعة المساحة مع جر خط للمياه من البحيرة ستكون أقل تكلفة، ولو تم التفكير بهذه الطريقة، كانت البادية غير التي نراها اليوم، ولنا شواهد على المناطق التي أقيمت فيها المحطات النفطية التي أصبحت أماكن سكن للعاملين وأسرهم.
ومما زاد في تعقيدات التلوث وتشعبه، ما حصل في الأنهار على اختلاف أنواعها ومستوياتها، دائمة الجريان أم موسمية التي أصبحت تستقبل منصرفات الصرف الصحي للمناطق والقرى المجاورة والمشرفة على الأنهار، وحتى البعيدة تقطع المياه مسافات طويلة حتى تجد المستقر لها، ومع التراكم تصل المياه إلى الأهم وهي المسطحات المائية المتمثلة بالسدود، وخاصة السدود ذات الأحجام التخزينية كسد تلدو.
العاصي اليوم غير عاصي الأمس أيام ديك الجن الحمصي وغيره ممن تغنوا به وبالحياة التي يهبها للأراضي التي يخترقها، النهر اليوم مصدر للروائح وأسراب البعوض والبق وغيرها التي تحتاج لتكاليف إضافية لمكافحتها، ومن يصعد باتجاه الأعلى إلى تل النبي مند وربلة وأعالي العاصي لن يصدق أن هذا هو النهر الذي يمر ببساتين الوعر وغوطة حمص.
ومع كل هذا المشهد، فإن المياه المتبقية في النهر أو المخزنة في السدود تتم سقاية الخضراوات والأشجار المثمرة منها؛ لتنتج غلالاً مدعومة بالحجم والوزن وبالطعم أيضاً وبنكهات على حسب نوع التغذية والري.
وفي كل عام وبمناسبة الأول من تشرين الثاني نحتفل مع العالم بيوم البيئة الدولي عبر نشاطات بيئية وتكريم في هذا القطاع أو ذاك نظراً لجهوده في إطفاء حرائق، أو تحويل منطقة ما إلى حديقة صغيرة، وكلها نشاطات لا تقدم ولا تؤخر؛ لأن العمل البيئي والحد من التلوث يتطلب قرارات و إجراءات تنفيذية تطبق على الأرض من مشاريع تساهم في إنقاذ ما يمكن إنقاذه من رموز الحياة التي كانت مزدهرة أيام البساطة والحياة الطبيعية.