محمد الركوعي.. قوس الحرية المزخرف بالشجرة والمرأة
تعرض حاليا في صالة لؤي كيالي للفنون الجميلة أعمال الفنان الفلسطيني محمد الركوعي في معرضه الفردي الجديد لهذا العام، وهو الحاضر المشارك في أغلب المعارض الجماعية وخاصة تلك التي يقيمها اتحاد الفنانين الفلسطينيين في دمشق، ويعرف عن محمد الركوعي أنه قضى سنوات طويلة أسيرا في سجون الاحتلال الإسرائيلي حيث استطاع أن يرسم عن الحرية والمعتقل والنضال ضد الاحتلال أثناء اعتقاله ليتم تهريب بعض مايرسم إلى خارج سجنه وتصل إلى ذويه وأهل ثورته لاحقا، وبعد تحريره في عملية تبادل استمر في شغفه للرسم وأقام عشرات المعارض اتصفت بالبحث وتطوير التجربة التي لم تخرج عن متطلباتها الثقافية كحامل لمعاناة وحياة أي فلسطيني مقاوم، والملاحظ في معرض الفنان اليوم محاولته طرق أبواب أكثر انفتاحا على مفهوم اللوحة التشكيلية على حساب تراجع الخطاب الإعلاني الذي يتسم فيه الفن التشكيلي الفلسطيني عموما والذي أدى دوره في مراحل النضال الوطني الفلسطيني من قبل على مستوى التعريف بالقضية وإيجاد شخصية للوحة الفلسطينية، وبالطبع لا بد من ذكر أولئك الرواد في الحركة التشكيلية الفلسطينية من الفنانين الفلسطينيين والعرب أمثال مصطفى الحلاج وشموط وتمام الأكحل وسليمان منصور وعبد الحي مسلم وعبد المعطي أبو زيد والوهيبي وغيرهم من الفنانين الفلسطينيين، كما نذكر أثر الفنان السوري الراحل نذير نبعة الذي اشتغل في العمل الثوري الفلسطيني في نهاية الستينيات من القرن الماضي وغيره من الفنانين التشكيليين العرب. وفي التوصيف يمكن أن نذكر أن لوحة الركوعي اليوم أكثر غزارة في خطوطها وفيض ألوانها وتأليفا في زخارفها التلقائية والمستعارة التي تملأ فضاء اللوحة ولا تبقى من الفراغ أي مساحة، ربما رواية الفنان البصرية قائمة على حشد كل شيء له وظيفة في السرد البصري الذي لا يعرف التوقف حتى وإن وقع في التكرار يبقى شيئا محببا، لأنه يملأ فراغ اليأس بشيء من الأمل مثلها مثل حكاية السجين حين يصنع مشغولاته بتلك الروية التي ينتصر فيها على الوقت والعزلة بالذهاب خارج سور اللوحة المغلقة بإطار الخشب، استمرارا عميقا لواقع عميق عايشه الفنان ولم يخرج منه إلا بأجنحة تؤلفها الأقلام الملونة رسما للمرأة والبيت والوردة تحت أقواس الحرية التي تليق بقلب ذلك الفنان الأصيل بما تحمل سريرته من حب وانتماء.
أكسم طلاع