“أفخم” قانون
نص قانون الإدارة المحلية في مادته رقم /39/ “أن يكون في كل محافظة محافظ يعين ويعفى من منصبه بمرسوم، ويعتبر من أعضاء السلطة التنفيذية”، كما نص البند /1/ من المادة /29/ من قانون الإدارة المحلية على: “يرأس المحافظ المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة……)، وبما أن المحافظ هو عضو في السلطة التنفيذية ( عامل لكل الوزارات )، ورئيس للمكتب التنفيذي لمجلس المحافظة ( سلطة محلية )، فإنه يقع على عاتقه دور أساسي في تطبيق اللامركزية الإدارية، خاصة أن له مهمة أساسية تتمثل بتنسيق الاتصال بين المكتب التنفيذي لمجلس المحافظة والسلطة المركزية فيما يتعلق بالقرارات والتدابير التي يتخذها المكتب.
هو نص تشريعي من الأهمية بمكان لدرجة يمكن القول إن ثمة “رئاسة محلية مصغرة” تقوم بما يجب أن تقوم به بناء على قانون مرن وغير مركزي، لتساهم الصلاحيات التي أعطيت للمحافظين والمجالس المحلية بالتوازي مع التشريع في تقديم أفضل الخدمات.؟
ومع كل ذلك تبقى آليات التنفيذ ليست بالمستوى الذي يصل إلى درجة حيوية وأهمية البنود والمواد التي أتى عليها القانون رقم /39/؛ إذ ما تزال بعض المفاصل الإدارية تمارس البيروقراطية والروتين الذي يؤذي الكثير من الآمال والطموحات التي بنيت على أرضية هذا القانون الذي يعول عليه الكثير في صياغة نموذج ديمقراطي متطور يعطي المرونة والأريحية وحرية القرار للأقاليم الجغرافية “المحافظات”.
ولمن لا يعلم فإن المجالس المحلية تختص ( في نطاق السياسة العامة للدولة ) بتسيير شؤون الإدارة المحلية فيها، وجميع الأعمال التي تؤدي إلى تطوير المحافظة ( اقتصادياً واجتماعياً وثقافياً وعمرانياً…) بما يتماشى مع التنمية المستدامة والمتوازنة. فهل تحتاج الأمور للكثير من التفسير والوضوح لموظف غير مسؤول ينسف “أفخم” قانون في العالم ويفرغه من مضمونة.
ومما سبق نجد أن عمل المجالس المحلية يغطي كافة الخدمات التي تقدم للمواطنين في الوحدة الإدارية، والميزة الأساسية في هذا الأمر أنه باستطاعة المواطن ومتى شاء أن يتواصل مع مجلس وحدته الإدارية ليطرح أمامها حاجياته الخدمية، ومن واجب المجلس أن يضع هذه الاحتياجات في جدول أولوياته ويخضعها للدراسة تمهيداً لتنفيذها أصولاً.
لأن من أهداف قانون الإدارة المحلية “تطبيق لا مركزية السلطات والمسؤوليات وتركيزها في أيدي فئات الشعب”، فهل يدرك من يعبث بالقانون أن إثماً وارتكاباً يمارس بحق أهم تشريع خرج من رحم الحرب.
علي بلال قاسم