أردوغان يجهد لدفن قضية دعمه لـ “داعش”
يحيط النظام التركي الدور الذي لعبه في تصفية “أبو بكر البغدادي”، أخطر زعيم تنظيم إرهابي في العالم، بهالة إعلامية، لجهة إبراز أنه يكافح الإرهاب، فيما بدأ يفرج بالتقسيط عن أسماء من تمّ اعتقالهم من الدائرة المقرّبة من البغدادي، ومن ضمنهم أرملته وشقيقته وزوجها وزوجة ابنها وخمسة من الأطفال، رغم أن الأحداث والوقائع أثبتت بما لا يدع للشك، على مدى السنوات الماضية، تورّط نظام أردوغان وحكومته في دعم وتمويل وتسليح التنظيمات الإرهابية في سورية، إضافة إلى جعل تركيا ممراً لعبور عشرات آلاف الإرهابيين القادمين من مختلف دول العالم إلى الأراضي السورية.
وكان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أعلن الأحد الماضي تصفية الإرهابي “أبو بكر البغدادي”، صنيع الاستخبارات الأميركية.
وبدا واضحاً أن أردوغان- المتطرّف والمصاب بجنون العظمة والساعي لإقامة خلافة ليتولّى بنفسه منصب الخليفة- يسعى لاستثمار هذا الملف لجهة مساومة الدول الغربية بما تحوزه أجهزته من معلومات استقتها أو تعمل على انتزاعها من “الصيد الثمين”، أي أرملة البغدادي وشقيقته ومتزعمون من التنظيم، رغم أن هؤلاء كانوا يتنقلون أو يختفون في مناطق فيها حضور عسكري تركي مكثّف، وأن أردوغان نفسه فتح حدود بلاده على مصراعيها لإدخال التنظيمات الإرهابية والأسلحة إلى سورية، وخاصة لدعم تنظيمي “داعش” و”جبهة النصرة” الإرهابيين.
وأبقت الإعلانات التركية في هذا التفصيل بالذات، بما في ذلك ما أعلنه أردوغان عن اعتقال أرملة البغدادي، على حالة من الغموض يبدو أنها متعمّدة، فلم تذكر تواريخ اعتقال هؤلاء ولا أسماءهم ولا دورهم في التنظيم التكفيري، ولا مدى قربهم من متزعم “داعش” ولا كيفية اعتقالهم، باستثناء الإعلان عن اسم شقيقة البغدادي، ونشر بعض وثائق الهوية على منصات ووسائل الإعلام المحلية المقرّبة من أردوغان.
وتثير تلك الإعلانات أسئلة ملّحة تذهب إلى أبعد من مجرد دور أنقرة في اعتقال هؤلاء أو دورها في مكافحة الإرهاب، وأهمها ما الذي تخفيه تركيا عن العالم، ولماذا اختارت هذا التوقيت للإعلان عن اعتقال شخصيات من الدائرة المقربة من البغدادي، رغم أن الكثير من عناصر التنظيم التكفيري تلقوا العلاج في مستشفيات تركية، وشوهدوا وهم يتبضّعون من أسواقها؟!.
وتعيد هذه التساؤلات إلى الأذهان حقيقة الدور الذي لعبته الاستخبارات التركية في تمويل وتسليح الجماعات التكفيرية وتجنيد الإرهابيين، حيث كانت تركيا نقطة العبور الأساسية للملتحقين بصفوف التنظيمات الإرهابية في سورية، وتذهب معظم التحليلات والتفسيرات إلى أن عملية اعتقال النظام التركي لمقربين من البغدادي رافقتها أيضاً عملية تصفية لأي وثائق تشير للصلة المفترضة بين أردوغان وتنظيم “داعش” الإرهابي.
ويقول متابعون: “إن سر العلاقة بين “داعش” والنظام التركي قد يكون دُفن مع البغدادي، وأن ترويج أردوغان لدوره في تصفية زعيم التنظيم الإرهابي، وأيضاً اعتقال مقربين منه، يهدف إلى التغطية على حقيقة ارتباط وثيق مع التنظيمات المتشدّدة”.
وبحسب “ذا ناشيونال” فإن شقيق زعيم تنظيم “داعش” الإرهابي سافر عدة مرات إلى مدينة اسطنبول التركية، ونقلت عن مصدرين في المخابرات العراقية: إن شقيق البغدادي كان واحداً من المبعوثين الموثوق بهم لدى قيادة التنظيم الإرهابي، ويرجّح أنه كان همزة الوصل، وأنه ينقل رسائل، ويحتفظ بمعلومات حول عمليات التنظيم في كل من سورية والعراق.
وقطع شقيق البغدادي، ويدعى جمعة، في أكثر من مرّة مسافات طويلة في رحلته إلى اسطنبول من دون أن يتمّ توقيفه من قبل السلطات التركية.
وكان مركز الدراسات الاستراتيجية الكردية أكد أن أردوغان كان على علاقة قوية مع الإرهابي أبو بكر البغدادي حتى مقتله، وأشار إلى الاتصالات الدائمة بين البغدادي ورئيس جهاز مخابرات هذا النظام هاكان فيدان، موضحاً “أن فيدان ورئيس جهاز العمليات الخاصة في المخابرات العقيد المتقاعد كمال اسكين تان كانا يجريان بتوجيه من أردوغان اتصالات دائمة مع البغدادي، وحتى الأيام الأخيرة من وجوده في قرية باريشا التركمانية القريبة من الحدود التركية”، ولفت إلى أن الجهاز الأمني الاستخباراتي، المرتبط بأردوغان مباشرة، والذي كان على صلة مع البغدادي، مسؤول عن تدريب وتسليح التنظيمات الإرهابية المدعومة من قبل هذا النظام وعن تنفيذ عمليات الخطف والاغتيال التي تستهدف من يرى فيهم النظام التركي عائقاً أو خطراً على مخططاته ومشاريعه في سورية.