الصفعات تنهال على ترامب.. والديمقراطيون يتصيّدون سقطاته
لا يكاد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يخرج من أزمة حتى يدخل في أزمة أعمق من سابقتها، فالصفعات المتتالية هذا الأسبوع تصاعدت مع دخول إجراءات المساءلة ضده مرحلة الجلسات العلنية، والهزيمة الموجعة التي مُني بها حزبه الجمهوري في الانتخابات المحلية التي جرت في ولايتي كنتاكي وفيرجينيا، وتنذر برياح قوية تهدّد حملته الانتخابية الرئاسية من جهة، وتجعل احتمال عزله أكثر قابلية للتحقيق.
حلقات الضغط على ترامب بدأت تضيق أكثر فأكثر على الصعيد السياسي مع إعلان رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي آدم شيف أن أولى جلسات الاستماع في التحقيق لعزله، على خلفية طلبه مساعدة دولة أجنبية للتدخل في الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقبلة وقلب الموازين لمصلحته، ستبدأ الأسبوع المقبل، بينما سيدلي مسؤولون أمريكيون بارزون، بمن فيهم وليام تايلور السفير الأمريكي الحالي لدى أوكرانيا، إضافة إلى جورج كنت نائب مساعد وزير الخارجية الأمريكي والسفيرة الأمريكية السابقة لدى أوكرانيا ماري يوفانوفيتش، بشهاداتهم علانية أمام اللجنة، فيما يشكّل بداية لشهادات أخرى كثيرة ستتوالى فيما بعد.
الجلسات العلنية التي يدلي خلالها مسؤولون أمريكيون بشهاداتهم بشأن المخالفات التي ارتكبها ترامب، قد تشمل إضافة إلى طلبه مساعدة من أوكرانيا في تشويه سمعة منافسه الديمقراطي جو بايدن قضايا أخرى مثل الاقتصاد والهجرة، وهذا كفيل بإلحاق ضرر كبير بالحملة الانتخابية الخاصة بترامب، الذي يتخبّط لاحتواء إجراءات المساءلة ضده، ما جعله يطلب، حسب تقرير لصحيفة واشنطن بوست، من وزير العدل وليام بارعقد مؤتمر صحفي يؤكد من خلاله أن المكالمة التي أجراها مع نظيره الأوكراني فلاديمير زيلنسكي في تموز الماضي، وطلب فيها مساعدته لتشويه سمعة بايدن لم تكن مخالفة للقانون، لكن بار رفض الطلب، في خطوة تؤكّد أن المدافعين السابقين عنه بدؤوا بإعادة حساباتهم، ومحاولة إنقاذ أنفسهم من العواقب القانونية لانتهاكاته.
وفي التطورات الجديدة لإجراءات مساءلة ترامب نشرت لجان التحقيق مع الرئيس الأمريكي نص الشهادة التي أدلى بها القائم بأعمال السفارة الأمريكية في أوكرانيا وليام تايلور، التي أكد فيها أن ترامب أخبر السفير الأمريكي لدى الاتحاد الأوروبي غوردن سوندلاند أنه لن يسمح بتسليم المساعدات العسكرية والأمنية المقررة لأوكرانيا ما لم تبدأ تحقيقاً مع نجل جو بايدن.
ويؤكد الحزب الديمقراطي أن لديه ما يكفي من الأدلة لاستكمال جلسات المساءلة العلنية، التي ستكون مقدمة للاتهامات الرسمية، التي تمثّل بنود المساءلة التي سيتمّ طرحها للتصويت في مجلس النواب.
وفي حال موافقة مجلس النواب على بنود المساءلة، سيعقد مجلس الشيوخ حينها محاكمة بشأن عزل ترامب.
من جهته يستمر الرئيس الأميركي بنفي كل التهم الموجهة إليه، واصفاً مكالمته مع الرئيس الأوكراني بأنها “مثالية”، ومتهماً الديمقراطيين باستهدافه للفوز في الانتخابات.
وقال ترامب تعليقاً على إجراءات عزله: “لم نفعل شيئاً خاطئاً على الإطلاق. كان لدينا مناسبة، بل أقول: إنها كانت محادثة مثالية مع رئيس أوكرانيا. الجميع يعرف ذلك. إنها عملية احتيال، إنها خدعة يستخدمها الديمقراطيون لأغراض سياسية لمحاولة الفوز في انتخابات لن يفوزوا بها”.
الخسائر السياسية المتتالية التي تلحق بترامب لم تقتصر على ما يجري داخل الكونغرس بل تعدّتها إلى الصعيد الشعبي، فقد مُني حزبه الجمهوري بخسارة انتخابية في ولاية كنتاكي بعد أن حقق المرشح الديمقراطي إندي بشير فوزاً على منافسه الجمهوري مات بيفين، أما في ولاية فيرجينيا، فخسر الجمهوريون الأغلبية في مجلسي الجمعية العامة، ما يثبت التحوّل الكبير في وجهة نظر الأمريكيين، وتراجع شعبية ترامب وحزبه.
الانتخابات المحلية في الولايات المتحدة تشكّل اختباراً لمستوى تأييد ترامب قبيل انتخابات 2020 الرئاسية، في الوقت الذي أظهر فيه استطلاع جديد للرأي أن أكثر من نصف الأمريكيين يؤيّدون التحقيقات الرامية لعزله.
ومع تسارع وتيرة إجراءات المساءلة، وتحوّلها إلى الشكل العلني، يراقب الرئيس الأمريكي بقلق ما يجري بعد أن خرجت الأمور عن نطاق سيطرته، وفشلت جميع محاولات البيت الأبيض في احتواء التحقيقات، والتغطية على الانتهاكات التي قام بها، سواء فيما يتعلق بقضية بايدن أم غيرها.