المكتوب “باين”من عنوانه!
من يقرأ ويستمع إلى تصريحات رأس هرم وزارة المالية، حول ما يشتغلون عليه بخصوص الضريبة العامة، ومنع التهرب الضريبي ..، ومؤخراً ما أعلنوا عنه فيما يتعلق بمنظومة الدفع الإلكتروني، وما يعول على مساهمة هذه المنظومة في معرفة الدخل الحقيقي للمكلفين..، يقول: إن الوزارة وهيئة الضرائب والرسوم قاب قوسين.. من الوصول لنظام ضريبي كامل الأوصاف..، يَجُبُّ ما كان قبلاً من عشوائية وتسيِّب وفلتان وفساد…
لن نشكك في نوايا الإدارات المعنية بتلك الملفات الهامة جداً، لكننا لا نستطيع إلاَّ أن نتوجس من قدرة تلك الإدارات على التطبيق القريب أو حتى البعيد لما تعلن عنه، وبالشكل والمضمون الشفافين والصريحين اللذين ينهيان تلك الملفات المالية العضال المأزومة والمزمنة..!؟
وما يشفع لبقاء توجسنا قائماً، أن هناك العديد من المعضلات “الضريبية” التي يشي واقعها الراهن! بأن هناك ما يحول دون الوصول إلى ما تأمله “ماليتنا” ونأمله معها..!
فكم من موضوع تم الحديث عنه وعقدت لأجله الندوات والمؤتمرات، وشُكلت له اللجان تلو اللجان، وكلف الكثير من المال العام، ومع ذلك جاءت النتائج عكسية أو كانت على الأقل الإجراءات قاصرة غير مكتملة..!
على سبيل المثال لا الحصر، طالما سمعنا وقرأنا عن موضوع “الفوترة” العتيد، الذي وعلى الرغم من أنه يعد من أساسيات تطبيق “الضريبة” الصحية والعادلة، لكنه لغاية تاريخه لم يطبق على الرغم من كل الجهود التي بذلت، والحملات الإعلانية التي نُفذت وكلفت ما كلفت..!؟
موضوع وبهذه الأهمية المالية والضريبية، كونه سيلزم الفعاليات التجارية والصناعية والاقتصادية عامة، التعامل بفاتورة نظامية تضبط عملية البيع والشراء، التي تستند عليها حسابات ومحددات الضريبة..، وبالتالي فرضها وبالمبالغ الحقيقية.. لم يبصر النور رغم مرور نحو عشرة أعوام، والسبب أن “الفوترة” ستساهم في كشف التهرب الضريبي وغيره من التجاوزات والمخالفات..! حسب تصريح حديث لمسؤول وزاري سابق.
وإذا كان هكذا حال هذا الموضوع.. فما بالكم بالواقع الحالي للاستعلام الضريبي، وواقع التكليف الضريبي، حيث لا ضابط ولا إجراءات ولا أنظمة واضحة وصريحة تحكم العلاقة بين أطراف الضريبة، ولمن ينكر ذلك يكفي أن يستطلع إجراءات التكليف وتحديد الضريبة، ومعاناة المكلفين في أروقة الجهات المالية، ليرى بأم العين ويلمس باليد كم الخلل والتشوه والضياع..!
وعليه إن كانت منظومة الدفع الإلكتروني- وهذا المفترض – الحلقة النهائية لما يجب أن يكون دونها من صحيح بنىً وأنظمة وإجراءات، فكيف سيتم تطبيقها بالشكل الصحيح والكافي والشامل، في ظل قلة الكوادر البشرية.. التي تعد الأساس في تحصيل المعلومات الضريبية..، التي تحتاجها تلك المنظومة..، وقبل أي تحصيل مالي..؟!
قسيم دحدل
Qassim1965@gmail.com