بوليفيا.. الضحية التالية
ترجمة: هيفاء علي
عن ريزو انترناسيونال 11/11/2019
دولة بوليفيا الاشتراكية هي الهدف التالي وليس الأخير لسياسة تغيير النظام التي تتبعها الإدارة الأمريكية منذ عقود إزاء الدول الأخرى التي لا تحتمي بعباءتها، بعد شنّ حرب مخطّطة مسبقاً ضد قادتها في أعقاب الانتصار الساحق الذي حقّقه الرئيس موراليس الشهر الماضي، إذ أن هذه النتيجة لم ترق للأمريكيين الذين شكّكوا في نزاهتها بمزاعم التزوير في نتائجها، فسارعوا إلى دعم المعارضة وتحريضها على القيام بانقلاب ضد الحكومة البوليفية، حيث تشهد البلاد احتجاجات منذ ثلاثة أسابيع.
وعليه، فإن بوليفيا على وشك أن تشهد أسوأ أزمة في أمريكا الجنوبية في التاريخ الحديث في حال استمرت الحرب المستمرة عليها والمدعومة من الولايات المتحدة ضد قادتها المنتخبين ديمقراطياً والشرعيين في التدهور. كان النصر المذهل للرئيس موراليس في الجولة الأولى من الانتخابات في الشهر الماضي هو الزناد الذي “برّر” محاولة نشر الفوضى لزعزعة الاستقرار المخطّط له ضده.
ووفقاً للمبادئ الإستراتيجية الموضحة في كتاب “الحرب الهجينة لعام 2015: المقاربة التكيفية مع نهج تغيير النظام”، فإن الولايات المتحدة تتكيّف بمرونة مع إستراتيجيتها القائمة على شنّ الحروب بالوكالة، ولتعكس هذا التطور لديها بالفعل أدوات داخلية مساعدة يمكنها الاعتماد عليها لتحقيق هذا الهدف. فعندما عجزت عن إبعاد الرئيس الشرعي موراليس بالوسائل السلمية، وجدت أن العنف هو الملاذ الوحيد لها. إذ لطالما شعرت الهيمنة الأمريكية بالتهديد من قبل أي دولة اشتراكية مزدهرة، وتكره حقيقة أن بوليفيا هي الآن شريك إقليمي وثيق لروسيا ودولة عبور مركزية على طول سكة الحديد “ترانس أوشنك” التي اقترحت الصين إنشاءها. هذه الأسباب كافية لتفسّر لماذا تريد الولايات المتحدة الإطاحة بالحكومة البوليفية لأسباب سياسية وجغرافية إستراتيجية.
فيما يخصّ الجيش، فقد أشار إلى أنه لن يشارك في حلّ الأزمة الحالية، والتي يمكن القول إنها خيانة للدستور الذي يجبره على الحفاظ على النظام العام في البلاد. إن قراره بعدم التدخل لتفريق مثيري الشغب يشير إلى أن هذه المؤسّسة قد تمّ اختراقها من قبل المخابرات الأمريكية قبل بدء الاضطرابات، وهو أمر مقلق للغاية لأنه يعني أن حياة الرئيس موراليس قد تكون في خطر. هذه ليست مجرد تكهنات محضة، حيث تمّ الإبلاغ عن أن بعض رجال الشرطة الذين يحرسون القصر الرئاسي قد تركوا مناصبهم وانضموا إلى حركة تغيير النظام، كما فعل بعض زملائهم في أماكن أخرى من البلاد خلال عطلة نهاية الأسبوع التي دفع فشلها في أداء الواجب الرئيس موراليس إلى التحذير من الانقلاب المستقبلي، وبعد ساعات قليلة من إعلانه الدعوة إلى إجراء انتخابات جديدة، قدم موراليس استقالته بعد تخلي الجيش عنه. وبالنظر إلى البعد العرقي لأزمة الحرب الهجينة، لا يمكن تجاهل أن أكثر أعضاء الجناح اليميني تطرفاً في المعارضة يمكنهم التعلّم من التاريخ لتنظيم فرق الموت والقيام بعملية تطهير عرقي ضد مؤيدي الرئيس موراليس.
بالنظر إلى كل ما هو على المحك، من الواضح أن الرئيس موراليس دافع بقوة عن سيادة دولته ومصالح الناس الذين انتخبوه بالفعل أربع مرات لتمثيله، في حين أن “توصية” منظمة الدول الأمريكية، المدعومة من الولايات المتحدة، بإجراء اقتراع آخر هي محاولة أخرى “لنزع شرعية” فوز موراليس وإثارة نيران التحريض الجديد، لذلك فإن قبولها بالنتيجة سيكون بمثابة قبول ضمني أن الجولة الأولى كانت “احتيالية”، وبالتالي عليها إحياء المؤامرة الأولية للإطاحة به عن طريق الانتخابات، والتي بدورها يمكن أن تغضب مؤيديه. مهما كانت الطريقة التي نرى بها الأشياء، فإن الحرب الهجينة ضد بوليفيا لا تزال بعيدة عن الانتهاء.