أولويّة الاستثمار..!
لعلّ زجّ الوحدات الإدارية في عملية الاستثمار؛ دفعاً لعجلة الإنتاج قدماً نحو الأمام كان العنوان الأبرز للقاء رئيس الحكومة بالمحافظين أول أمس، إذ جرى تحميلهم مسؤولية الواقع التنموي والاستثماري والخدمي لمحافظاتهم، وسبل وآليات تمكين البنية الاستثمارية لدى الوحدات الإدارية، ووضع خريطة للمشاريع التنموية ممكنة التمويل من هذه الوحدات، والمشاريع الاستثمارية الجديرة بالعرض على المستثمرين من القطاع الخاص، ومن ثَمّ تصميم برامج استثمارية محلية للمشروعات الصغيرة والمتوسطة، والترويج لها، واقتراح مصادر التمويل لإطلاقها.
فضلاً عن ضرورة تشكيل فريق يضم ممثلين عن الحكومة والقطاع الخاص والاتحادات المهنية في كل محافظة للتواصل مع أصحاب المنشآت الخاصة للوقوف على واقع منشآتهم، ووضع خطة عمل مجدولة زمنيّاً لاستئناف عملية الإنتاج في كل منشأة تضررت بفعل الإرهاب.
الأمر الذي ينمّ عن إرادة مشتركة لإزالة معوّقات الاستثمار، ودوران عجلة الإنتاج وتذليل صعابها؛ من خلال الوقوف على سلّة العوائق الذّاتيّة التي لطالما تجلّت ارتفاعاً في كولسترول البيروقراطيّة، وقصوراً بنيويّاً مشهوداً في تطبيق النّصوص القانونيّة الحاكمة للبيئة الاستثمارية والنّاظمة لها، وكذا في آليات تسييل مياه النوايا الطيبة عبر صنابير الهياكل الإداريّة الدّنيا، القابضة على تفاصيل ملفّات الاستثمار بمختلف صنوفها، من ألف باء التّرخيص ونواظمه، مروراً بالبنى التّحتيّة الهشّة أو المتهالكة، وما يُفترض أن تعنيه من قيم مضافة جاذبة للاستثمار، وانتهاءً بانعدام المبادرة واللامبالاة الواسمة للجسم الإداري المتحكّم بمفردات وتفاصيل الفعل الاستثماري وفضاءاته الطّاردة لا الجاذبة؛ والتي تناولتها بعض النقاشات، وحاولت وضع الإصبع على الجرح في ما يتعلق بالمعاناة الذاتية للاستثمار الوطني والمتجسّدة مادياً في البنى التحتية كالطّرق، والمياه، والكهرباء، وشبكات الصّرف الصّحي، وبشرياً في ذهنيّة الورقيّات المتكلّسة، وسلاسل الإجراءات الإداريّة الفاقدة للمرونة والمستنزفة للوقت..!؟
هذا من دون أن ننسى سلّة العوامل الموضوعيّة؛ المتجليّة بالحصار والعقوبات الأحاديّة القسريّة، والاختناقات القائمة في آليات التّحويل، وغياب محافظ التّمويل، وكتل الرّساميل المهاجرة، أو المتعثّرة، والأسواق، وطوارئ سعر الصّرف..!؟
والحال أنّ حديث الاستثمار يستحضر أهمية استعادة المال السّوريّ المهاجر واستمالته، من خلال تحقيق معدّلات مرونة عالية وسلاسة في الإجراءات؛ لأنّ عودته إلى حضن مصارفنا، ونشاطاتنا التّنمويّة والاستثماريّة باتت ضرورةً اقتصاديّة ووطنيّة، تستلزم إزالة الهواجس وتقديم الضمانات الكفيلة بتحقيق هذه العودة..!
أيمن علي
Aymanali66@Hotmail.com