لبنان نحو حكم الحزب الواحد ؟؟..
د. مهدي دخل الله
رفع المتظاهرون في لبنان شعار «كُلّن يعني كُلّن». لكن يبدو أن ما سيحصل هو «كلن ما عدا الحريري»!.. وربما يكون هذا واحداً من أهم الأهداف التي تحاول قوى خارجية مناهضة للمقاومة تحقيقه من الحراك الشعبي..
ولا شك في أن هناك عشرات الآلاف من اللبنانيين يطالبون بحقوق مشروعه لم يعد السكوت عنها ممكناً، وهم مخلصون في وطنيتهم، صادقون في مطالبهم. لكن من الذي ينظّم ويحفّز ويموّل ويعمل على استخدام الشعب سلاحاً لتحقيق أهداف لا علاقة لها بالشعب؟؟..
ليس من الصعب اكتشاف «المحرك» الذي يقف وراء حق الشعب بمطالب مشروعه، ويحوّله إلى «حق يراد به باطل». إنها نظرية «الفوضى الخلّاقة» أو «العدم الخلّاق» الشهيرة التي تم تجريبها في دول عدة في جميع أنحاء العالم.
مشكلة أعداء لبنان هي مع المقاومة وحزب المقاومة، ويبدو أن الضغوط الأمريكية والسعودية على لبنان من أجل إضعاف المقاومة تعمل على الاستفادة من حركة الشارع، وتوجيه هذه الحركة باتجاه تحجيم دور حزب الله وأنصاره في قيادة البلد..
ولما كانت «الصراحة الفجّة» سمة الحكم الحالي في العاصمة الأمريكية واشنطن، فإن وزير الخارجية بومبيو قالها بكل وضوح تعليقاً على الحراك اللبناني: «إن هدفنا الأساسي إبعاد إيران عن لبنان»، أي – عملياً – إضعاف موقع حزب المقاومة ودوره في الايستابلشمنت اللبناني..
ويبدو أن هذا الهجوم على المقاومة وحزبها بدأ يظهر في الشارع والإعلام. فلأول مرة نسمع من المتظاهرين شتماً وتجريحاً بحزب الله، ولأول مرة هناك من تجرّأ على القول عبر وسائل الإعلام: «إن ليس كل اللبنانيين أعداء لإسرائيل».. إنها لغة «خليجية» بدأت تتسلل إلى بلد المقاومة لبنان..
وانتقالاً إلى الهدف الأهم، وهو تمكين «التيار السعودي» من السيطرة على الحكم في لبنان، نلاحظ أن رئيس تيار المستقبل سعد الحريري يطالب صراحة بأمرين: الأول حكومة تكنوقراط، والثاني إطلاق يديه تماماً..
هذا يعني أن الحل الوحيد هو في حكومة الحزب الواحد وديكتاتورية رئيس هذا الحزب. فمن المفروض ألا يتدخل الوزراء التكنوقراط بالسياسة، وأن يتركوها لرئيس الحكومة الذي هو سياسي، وليس تكنوقراط. جسم الحكومة سيكون حيادياً بذريعة التكنوقراط، أما الرأس، فسيكون سياسياً حتى النخاع وتابعاً للسعودية والولايات المتحدة..
هل هذه هي الخطوة الثانية بعد اتفاق الطائف الذي أضعف – لصالح السعودية – صلاحيات رئيس الجمهورية، وعزز صلاحيات رئيس الحكومة؟ يبدو أنها فعلاً كذلك..
في الحقيقة لن يكون الوزراء حياديين بالمعنى السياسي، ذلك لأنهم كتكنوقراط لا يتدخلون بالسياسة، وسيكون تأييدهم للحريري تلقائياً، أي أنهم سيكونون «سياسيين» لصالح الحزب الحاكم دون أي خيار سياسي يميّزهم!…
المشكلة أن هذا الحل هو الحل الوحيد الممكن، ولقد نجحت أمريكا والسعودية بدفع لبنان إلى زاوية ليس فيها سوى خيار واحد. كيف سيتعامل حزب المقاومة؟. ربما سيقول: حسناً دعوا الحريري يجرّب، وعليه أن يتحمّل الوزر كاملاً..
لم يبق أمامنا سوى أن ننتظر البيان الوزاري للحكومة القادمة لنرى ماذا سيحصل بمبدأ العداء لإسرائيل، ومبدأ «تحالف الشعب والجيش والمقاومة»؟؟..
mahdidakhlala@gmail.com