قطع الطرقات يتواصل.. وتوتر في عدد من المناطق اللبنانية
تواصلت الاعتصامات، أمس، مع استمرار قطع الطرقات وإقفال المدارس والجامعات والمصارف في بعض المناطق اللبنانية، للمطالبة بمحاسبة الفاسدين وتحسين الوضع المعيشي، بينما عمل الجيش على إعادة فتح الطرق المغلقة، بالتوازي مع استمرار المشاورات النيابية للخروج بحكومة جديدة.
وفي تعلبايا أقدم عدد من المحتجين على رشق عناصر الجيش اللبناني وضبّاطه بالحجارة بعد محاولتهم فتح الطريق، فيما حذّر وزير الدفاع في حكومة تصريف الأعمال إلياس بو صعب من أن محاولة بعض المتظاهرين بناء جدار في نهر الكلب وطريق الجنوب أمر خطير ويذكر بالحرب الأهلية في لبنان، وأشار، بعد لقائه رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري، إلى أن الاجتماع تعرّض للأوضاع العامة ولاسيما الأمنية على وقع المظاهرات والاحتقانات التي ازدادت في اليومين الأخيرين، ولا سيما ما حصل في جل الديب ومحاولة بناء جدار في نهر الكلب وكذلك على طريق الجنوب وإقفال الطرقات التي ذكرتنا بالحرب الأهلية وبما حصل عام 1975، وهذا الأمر خطير، فالأجهزة الأمنية لم يعد بوسعها مراعاة ظروف أي شخص ممكن أن يذهب بتفكيره إلى تلك المرحلة.
وأشار بو صعب إلى أن هذه الممارسات لا تعني أن الحراك والمطالب المرفوعة هي المسؤولة عن الذي حصل.. فهناك مطالب محقة وهناك متظاهرون من حقهم التظاهر والتعبير عن رأيهم وهناك مسؤولون في الدولة اللبنانية يريدون سماع هذه المطالب.
ففي بيروت أغلقت الطرق التي تربط العاصمة بالجنوب عبر صيدا وخلدة وطريق المطار أمام السيارات، كما أغلقت طريق خلدة عرمون بالإطارات المشتعلة، إضافة إلى عدة طرق داخل بيروت، وأفادت غرفة التحكم المروري بقطع طرق عديدة في مختلف المناطق اللبنانية، في وقت أقفلت فيه الجامعات والمدارس الرسمية والخاصة والمصارف أبوابها، فيما أعاد الجيش اللبناني والقوى الأمنية فتح معظم الطرق الرئيسيّة في البلاد، حيث تمّ فتح جميع المسالك بين بيروت والجنوب، ولا سيما الطريق البحرية وامتداداً على طول الاوتوستراد الساحلي، وفتح نفق نهر الكلب على المسلكين الشرقي والغربي، كما أعيد فتح أوتوستراد زحلة في منطقة البقاع، وأيضاً في منطقة شكا بالشمال.
وفي جونية استمر إغلاق أوتوستراد غزير بالأسلاك الشائكة والردم، بينما أغلق أوتوستراد جل الديب نحو طرابلس والشمال بالاتجاهين، وبات عدد من المعتصمين ليلتهم في الخيم والسيارات، كما قطعت الطريق على أوتوستراد البداوي عند محطة الاكومة بالاتجاهين بالشاحنات.
وفي حاصبيا تمّ قطع الطريق الدولية التي تربط الجنوب بالبقاع عبر مرجعيون الحاصباني ضهر الأحمر بالحجارة والإطارات، بينما لا تزال طريق القصر الجمهوري في بعبدا سالكة بالاتجاهين مع انتشار كثيف لعناصر الجيش اللبناني.
أما مدارس المنطقة الرسمية والخاصة فأبقت أبوابها مغلقة أمام التلاميذ وكذلك الجامعات، ولا تزال المصارف مقفلة أمام الزبائن التزاماً بقرار نقابة موظفي المصارف الإضراب.
التصعيد في الشارع كان قد بدأ قبل إنهاء الرئيس اللبناني العماد ميشال عون مقابلته الصحفية قبل يومين، وانعكس قطعاً للطرقات في معظم المناطق اللبنانية، الأمر الذي أصبح محط استهجان عدد كبير من المواطنين الذين مُنعوا من مزاولة أعمالهم، وتسبّب في إشكالات عديدة بين المحتجين وعدد من الناس الذين تقطّعت بهم السبل.
يأتي ذلك بينما تتواصل حركة المشاورات بحثاً عن صيغة حكومية تضمن تطبيق الورقة الإصلاحية التي أقرّتها حكومة تصريف الأعمال، حيث أعرب الرئيس اللبناني عن أمله في إمكانية تشكيل حكومة جديدة خلال أيام بعد إزالة العقبات على أن يكون أول أهدافها تلبية مطالب المعتصمين.
وأكد عون خلال لقاءاته أمس أن “الاتصالات الرامية إلى تشكيل حكومة جديدة قطعت شوطاً بعيداً”، مشيراً إلى أن المطالب التي رفعها المعتصمون في الساحات هي موضع متابعة وستكون أول أهداف الحكومة العتيدة التي يتمّ العمل على تشكيلها في القريب العاجل، وأشار إلى أن التعاطي مع المستجدات يتم انطلاقاً من المصلحة الوطنية التي تقتضي التعاون، لافتاً إلى أن الكثير من المطالب التي رفعها المعتصمون سبق أن أحالها بموجب اقتراحات قوانين إلى مجلس النواب وتبنّتها الحكومة قبل أن تقدّم استقالتها، ويبقى على مجلس النواب أن يقرّها من أجل تسهيل عملية مكافحة الفساد ومحاسبة المرتكبين ورفع الحصانات وغيرها من الإجراءات الضرورية، ولفت إلى أهمية تعاون المؤسسات الاقتصادية في البلاد لمعالجة التداعيات التي نشأت نتيجة الأحداث الراهنة، مشيراً إلى أن القوى الأمنية باشرت فتح الطرق ما يسهّل التنقل بين المناطق ويعيد تحريك العجلة الاقتصادية ولو تدريجياً.
وكان رئيس مجلس النواب اللبناني نبيه بري أكد أن الأمن في لبنان يجب أن تكون له الأولوية على كل شيء، رغم أحقية معظم مطالب الحراك الحقيقي.. فالمطلوب المحافظة على الانتظام العام في المؤسسات التربوية والصحية والاجتماعية وصون السلم الأهلي والوحدة الوطنية، مجدداً المطالبة بالإسراع في تشكيل حكومة جامعة قادرة على تحقيق مطالب اللبنانيين في مكافحة الفساد والالتزام بالإصلاحات الاقتصادية، ورأى أن المرحلة الراهنة تستدعي تحمل المسؤولية من الجميع لانتشال الوطن من قعر هاوية إن حصلت لن يسلم من تداعياتها أحد على الإطلاق.