جردة حساب
يستنسخ المسؤولون في حلب ذات التجارب السابقة الفاشلة والتي لم تجدِ نفعاً ولم تغير من الواقع الخدمي والمعيشي شيئاً، بل على العكس معظم لقاءات المسؤولين الخدميين على وجه التحديد مع الأهالي وجولاتهم الميدانية المتكررة للوقوف على متطلباتهم واحتياجاتهم والتي كان آخرها في حي السريان لم تخرج عن القاعدة المألوفة، ولم تنجح في إحداث الفارق المطلوب، فالمعاناة والمشكلات والأزمات ذاتها، ومعظمها يتفاقم في ضوء قصور الرؤية وغياب الحلول الجذرية والنهائية، واتباع سياسات الترقيع والمعالجات الإسعافية والتي لا تفي بالغرض والحاجة.
ولعل المشكلة تكمن في عقلية الإدارة غير الناضجة، وفي طبيعة التعاطي اللامسؤول مع المكون البشري والمادي، ومع الأدوات التقنية والفنية المتاحة الداعمة لمشروع النهوض التنموي، وهو ما يفسر حقيقة حالة الترهل والفوضى التي تسود معظم المؤسسات والمديريات الخدمية المعنية بخدمة المواطن، وبالتالي من الطبيعي أن يكون المردود متواضعاً وفي حدوده الدنيا، وهو ما يعكسه واقع حال معظم المناطق والأحياء في المدينة والريف المتردي وغير المرضي، وهي ذاتها التي شهدت العديد من الجولات الميدانية واللقاءات الجماهيرية مع المسؤولين على مدى السنوات الثلاث الماضية.
زحمة الأمثلة والشواهد طولاً وعرضاً تحتم علينا المطالبة مجدداً بضرورة إجراء جردة حساب وتقييم حقيقي لواقع العمل، خاصة أن حلب تستعد خلال الأيام القليلة القادمة للاحتفال بالذكرى الثالثة لتحريرها من الإرهاب، وفيما إذا نجحت السلطة التنفيذية في إنجاز الخطط والبرامج التي تم إدراجها ضمن مشروع إعادة الإعمار، والبحث جدياً في الأسباب المباشرة التي حالت دون قص شريط تدشين عشرات المشاريع الحيوية والاستراتيجية في موعدها المقرر منتصف العام الحالي وفق ما أكدته اللجنة الوزارية في زيارتها الثانية إلى حلب.
خلاصة القول: لا شك أن هناك خللاً كبيراً وهوة عميقة بين العمل الخططي والتنفيذي، وبعيداً عن مبررات ( ضعف وتواضع الإمكانات )، يتضح أن مسؤولية التباطؤ والتراجع بنسب الإنجاز في عدد من المشاريع هي مسؤولية جماعية وفردية في آن معاً؛ ما يقتضي تبيان مواقع الخلل والقصور، وبالتالي اتخاذ ما يلزم لتصحيح العمل وفق رؤى واضحة وشفافة خاضعة للمحاسبة والمساءلة، وبمعنى أوضح إجراء عملية غربلة لفرز الغث من السمين.
معن الغادري