الكونغرس يتوعد بالاستمرار في إجراءات عزل ترامب
دخلت إجراءات مساءلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مرحلة الجلسات العلنية بخصوص اتصاله الهاتفي مع الرئيس الأوكراني فلاديمير زيلينسكي، فيما مُني حزبه الجمهوري بهزيمة موجعة في الانتخابات المحلية التي جرت في ولايات لويزيانا، كنتاكي وفيرجينيا.
وتمثّلت الهزيمة باحتفاظ المرشح الديمقراطي جون بيل إدواردز بمنصب حاكم ولاية لويزيانا وتغلّبه في الانتخابات على منافسه الجمهوري إيدي ريسبون المدعوم بقوة من قبل ترامب.
وخيّبت إعادة انتخاب الديمقراطي إدواردز حاكماً لولاية لويزيانا لولاية ثانية، أول أمس، آمال الجمهوريين باستعادة هذا المنصب، رغم الدعم النشط من قبل ترامب الذي زار الولاية ثلاث مرات في الأشهر الماضية، بغية التعبير عن تأييده للمرشح الجمهوري رجل الأعمال ريسبون.
إدواردز الذي ركّز على قضايا أشمل خاصة بالولاية، بدلاً عن الأجندة الحزبية، تمكّن من حصد نحو 51 بالمئة من أصوات الناخبين، مشيرةً إلى أن جهود ترامب جلبت في الوقت نفسه تأثيراً معاكساً، ودفعت الناخبين من معارضي الرئيس وذوي البشرة السمراء إلى الإدلاء بأصواتهم لصالح المرشح الديمقراطي في المرحلة الأخيرة من الانتخابات.
تأتي هذه الضربة الموجعة للجمهوريين قبل عام من انتخابات الرئاسة في الولايات المتحدة، وخاصة أنها جاءت بعد خسارة أخرى تكبّدها حزب ترامب في المعركة من أجل منصب حاكم ولاية كنتاكي، ونتائج ضعيفة حققها الجمهوريون في الانتخابات التشريعية بولاية فيرجينيا.
في الأثناء، عقدت لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي الجلسة العلنية الثانية من إجراءات التحقيق المرتبطة بعزل ترامب، توّعد خلالها رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب آدم شيف بالاستمرار في إجراءات العزل، مؤكداً أن لا شيء أكثر خطورة من رئيس يعتقد أنه فوق القانون، فيما وصفت جنيفر وليامز مساعدة نائب الرئيس الأمريكي للشؤون الخارجية مايك بنس أمام المشرعين الاتصال الهاتفي الذي جرى بين ترامب ونظيره زيلينسكي في 25 تموز الماضي بأنه كان غير لائق وغير معتاد.
وجاء في نصّ شهادة وليامز أمام الكونغرس: “إن إصرار ترامب على أن تجري أوكرانيا تحقيقات ذات حساسية سياسية صدمني باعتباره غير معتاد وغير لائق”، وأضافت: “الحديث كان أكثر سياسية في طبيعته من الاتصالات الهاتفية مع الزعماء الأجانب الآخرين، وتضمن ما وصفتها بأنها إشارات محدّدة لجدول الأعمال السياسي الشخصي للرئيس”.
ويتحرّى التحقيق الذي يقوده الديمقراطيون ما إذا كان ترامب قد أساء استخدام السياسة الخارجية الأمريكية لتقويض فرص نائب الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن في الانتخابات الرئاسية المقررة عام 2020.
وأصدر مجلس النواب كذلك وقائع شهادة تيم موريسون، وهو مساعد سابق للبيت الأبيض للعمل مع مجلس الأمن القومي فيما يتعلق بالسياسة الخارجية تجاه أوروبا، واستمع للاتصال الهاتفي بين ترامب وزيلينسكي.
وأبدى كل من موريسون الذي قدّم استقالته قبل يوم من الإدلاء بشهادته الشهر الماضي ووليامز قلقهما إزاء ما قاله ترامب للرئيس الأوكراني.
وفي أول جلسة استماع علنية الأسبوع الماضي، أشار وليام تيلور القائم بأعمال السفير الأمريكي لدى أوكرانيا إلى حرص ترامب على أن تحقق أوكرانيا بشأن بايدن، وأكد مجدّداً تفهّمه لحجب مساعدات أمنية أمريكية بقيمة 391 مليون دولار عن كييف ما لم تتعاون، وقال موريسون: “إنه سمع شهادة تيلور، ولا يختلف مع النقاط الجوهرية الواردة فيها”.
وتزايدت ضغوط الديمقراطيين خلال الأسابيع الماضية من أجل بدء إجراءات عزل ترامب على خلفية الفضيحة التي أثارها تسريب مكالمة هاتفية بينه وبين زيلينسكي مارس فيها ضغطاً على الأخير لإثارة قضية تتعلق بنجل خصمه الديمقراطي جو بايدن المنافس الأوفر حظاً لترامب في الانتخابات الرئاسية، الأمر الذي اعتبره الديمقراطيون تهديداً للأمن القومي الأمريكي. وإذا ما ثبتت على الرئيس جرائم ومخالفات قصوى، هناك إمكانية أن يُعزَل، ولكن العملية ليست بهذه السهولة، فمسار العزل يبدأ أولاً من مجلس النواب، حيث يجب توفير غالبية بسيطة للنجاح في التصويت للعزل أي 218 صوتاً، والديمقراطيون اليوم يشغلون 233 مقعداً من 435 مقعداً، وعليه فإن الفوز هنا سهل، لكنّ المرحلة الثانية، أي المحاكمة في مجلس الشيوخ تستلزم تصويت غالبية الثلثين في مجلس الشيوخ، وللديمقراطيين هنا 47 مقعداً من أصل 100.
وفي مفارقات التاريخ الأمريكي، وصلت تجربتان مشابهتان إلى باب مجلس الشيوخ وحصدتا الفشل: أندرو جونسون عام 1868، وبيل كلينتون عام 1998، أما ريتشارد نيكسون، فاستقال عام 1974 بسبب فضيحة ووترغيت قبل عزله، ولا مؤشرات أن الرئيس الأميركي الحالي قد يقدّم استقالته، ولا سيما أنه يسخر على طريقته من جلسات مجلس النواب العلنية، ويزعم دائماً أنه “لم يرتكب أية مخالفة”!.