التضليل لا يقدم أي إضافة للديمقراطية
ترجمة: هناء شروف
عن الصنداي تايمز 16/11/2019
أولئك الذين يعتقدون أن جنود بريطانيا يؤدون عملهم بكل احترافية وانضباط سيشعرون بصدمة عند اطلاعهم على ضلوع هؤلاء الجنود في جرائم قتل وتعذيب أطفال وقتل مدنيين أبرياء في العراق وأفغانستان، وعند اكتشافهم ماذا يمكن أن يحدث عندما تتصرف القوات بشكل يفتقر للانضباط ويخالف معايير اتفاقية جنيف.
تسترت الحكومة البريطانية ووزارة الدفاع على اتهامات بارتكاب قواتها جرائم قتل مدنيين ترقى إلى جرائم الحرب في أفغانستان والعراق قبل سنوات على الرغم من تأكيد 11 محققاً بريطانياً العثور على أدلة موثوقة تشير إلى ارتكاب القوات البريطانية جرائم حرب.
فقد سربت وثائق حكومية غاية في السرية تحتوي على أدلة تورط القوات البريطانية بارتكابها جرائم حرب، لكن تم إخفاء هذه الأدلة من قبل القادة العسكريين. جاءت الأدلة من داخل فريق الاتهامات التاريخية في العراق الذي شكلته الحكومة البريطانية عام 2010 للتحقيق في جرائم حرب مزعومة ارتكبتها القوات البريطانية أثناء احتلال العراق في 2003 ومن فريق عملية “نورث مور” الذي شكلته الحكومة البريطانية عام 2014 والذي حقق في 52 عملية قتل غير قانونية مزعومة قام بها جنود بريطانيون في أفغانستان.
ولكن الحكومة البريطانية أعلنت إغلاق هذه العملية وإلغاءها قبل أن يتمكن محققو الشرطة العسكرية الملكية حتى من مقابلة الشهود الأفغان الرئيسيين. فقد قال أحد المحققين في “نورث مور”: “لا يجب أن ألغي مهمة تحقيق حتى أتحدث إلى الطرفين، إذا كنت تلغي مهمة وكل ما حصلت عليه هو تقرير بريطاني فقط عن ما حدث، فكيف نطلق على هذا مسمى تحقيق؟”
كذلك تم العثور على أدلة على عمليات القتل الجماعي التي قام بها الجنود البريطانيون وعلى مئات الوفيات في المعتقلات نتيجة الضرب والتعذيب والإيذاء الجنسي المهين للمحتجزين من قبل أعضاء في “بلاك ووتش”. كما اكتشف المحققون العسكريون ادعاءات تزوير الوثائق الخطيرة بما يكفي لتبرير مقاضاة كبار الضباط. وهناك أدلة على قيام بعض المسؤولين بتزوير مستندات لنفي الاتهامات وإعاقة مسار العدالة والتغطية على جرائم على مسؤوليتهم، وكانت عملية التغطية الأكبر في حادثة قتل 3 أطفال بالرصاص في الرأس بواسطة أحد جنود القوات الخاصة. ورغم توصية الشرطة الملكية العسكرية بمحاكمته لم يتم اتخاذ أي قرار رغم استغراب اللورد ماكدونالد الذي كان يشغل منصب مدير هيئة النيابة العامة، والذي راجع الأدلة التي قدمت للتحقيق.
وقد تم تحجيم التحقيقات التاريخية في اتهامات بوقوع انتهاكات في العراق بواسطة مايكل فالون وزير الدفاع السابق قبل عامين وذلك في أعقاب استبعاد أحد المحامين عن الجانب العراقي بسبب قيامه بتصرفات غير أمينة وبعد ذلك تم وقف التحقيقات بالكامل في الاتهامات بوقوع انتهاكات في معسكر كامب ستيفان في البصرة، والذي كان بمثابة معتقل غير قانوني تستخدمه القوات البريطانية. وبذلك مرت كل الجرائم التي ارتكبت هناك دون عقاب.
أكدت وزارة الدفاع أن العمليات العسكرية تتم وفقاً للقانون، وهناك تحقيق واسع النطاق في هذه المزاعم، وأن قرارات الملاحقة القضائية مستقلة تماماً عن الوزارة وأن هناك إشرافاً خارجياً ومشورة قانونية. وبعد دراسة متأنية للحالات المحالة، قررت هيئة النيابة العامة للخدمة العسكرية في وزارة الدفاع، وهي مستقلة، وقف التحقيق وعدم تقديم أحد إلى المحاكمة.
إن قيام الحكومة بالتغطية على الجرائم التي ارتكبها جنودنا تضر الصالح العام أكثر مما تنفعه لأنها بنفس الوقت الذي تحمي فيه هؤلاء الجنود تتجاهل الذين أدوا عملهم بشكل ملائم، كما أن هذه القضايا التي لا تظهر فيها الحقيقة ويتم إخفاؤها قد تنتهي في ساحات المحكمة الجنائية الدولية.