مستحضرات صيدلانية تباع عبر منافذ السورية للتجارة… تقرير الهيئة المركزية يكشف مخالفات بيع الشاش الطبي ويقترح إلقاء الحجز الاحتياطي على المتورطين..!
دمشق – محمد زكريا
مشهد آخر من المخالفات والتجاوزات يطل علينا هذه المرة من بوابة أحد فروع المؤسسة السورية للتجارة بالمحافظات، يحمل في طياته مخالفات مالية وقانونية واضحة وصريحة في عقد توريد مادة الشاش الطبي المباعة من فرع المؤسسة بالسويداء إلى بعض جهات القطاع الصحي في هذه المحافظة، ولعل أساس الموضوع في هذا الملف هو عدم عدالة أسعار مادة الشاش الطبي المباعة من فرع المؤسسة السورية للتجارة بالسويداء إلى مديرية صحة السويداء ومشفى صلخد الوطني بالمقارنة مع أسعار المادة ذاتها المشتراة من قبل المشافي الخاصة بنفس المحافظة، وبحسب المعطيات المتوفرة لدينا فإن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش توصلت في تقريرها المعد بتاريخ 25/8 من العام الحالي والذي يحمل الرقم 22/ 574/10/ إلى نتائج تتعلق بزيادة أسعار مادة الشاش الطبي عن السوق المحلية بنسبة تقدر 200%، والمستهجن في الموضوع بحسب التقرير هو أن بعض المستحضرات الطبية ومنها مادة الشاش الطبي من المفترض أن يباع حصراً في الصيدليات والمستودعات الطبية أو الصيدلانية، وليس في منافذ أو مراكز بيع تجارية سواء كانت للقطاع العام أم الخاص، لاسيما في ظل وجود شروط وأسس طبية تحكم بيع هذه المستحضرات..!.
بعثات تفتيشية
مدير عام المؤسسة أحمد خليل نجم والذي لم يمض على تعيينه أكثر من تسعة أشهر بين أن المؤسسة ومنذ بداية العام الحالي عملت على معالجة المشكلات التي تعترض عمل الفروع، والوقوف على نتائج العمل والتقييم الفعلي لما تقدمه هذه الفروع، وأنه باعتماد هذا الميزان تبين لدى المؤسسة وجود ملفات تتعلق بمخالفات وتجاوزات في بعض الفروع، يتم العمل على تصحيحها بالشكل المنطقي والعلمي، مؤكداً لـ”البعث” أن عدداً من البعثات التفتيشية تقوم بزيارة المؤسسة لفتح بعض الملفات التي يشوبها بعض المغالطات، وأنه لم يعد التستر على ملفات الفساد في فروع المؤسسة قائماً طالما أن كشفها يصحح مسار عملها ويحقق المصلحة العامة، موضحا أن كل ما يصدر عن البعثات التفتيشية يتم تطبيقه وتنفيذه لاسيما التقرير الخاص بمادة الشاش الطبي، مؤكداً على ضرورة عودة هذه المؤسسة إلى مسارها الصحيح من خلال خطط مدروسة قابلة للتنفيذ، لافتاً إلى أن لدى المؤسسة 1596 منفذاً منها 546 خارج الخدمة بسبب الإرهاب .
تفاصيل
وبالعودة إلى المخالفات والتجاوزات المرتكبة في فرع المؤسسة بالسويداء، يشير التقرير الصادر عن الهيئة المركزية للرقابة والتفتيش فرع السويداء إلى قيام الهيئة العامة لمشفى الباسل بصلخد بشراء ألف ثوب من مادة الشاش الطبي وزن 2 كغ من فرع المؤسسة السورية للتجارة بالسويداء بسعر 7500 ليرة سورية للثوب الواحد بموجب الفاتورة رقم 51 تاريخ 13/7/2017 بقيمة إجمالية 7.5 ملايين ليرة، ويوضح التقرير الذي حصلت “البعث” على نسخة منه إلى قيام مديرية الصحة بمحافظة السويداء بشراء 3490 ثوباً من المادة المذكورة أيضاً وبوزن 2 كغ لكن بسعر 7950 ليرة للثوب الواحد بموجب فاتورتين، الأولى رقمها 14 تاريخ 13/2/ من العام الفائت، والثانية رقمها 50 تاريخ 1/5/ من العام الفائت من فرع المؤسسة السورية للتجارة بالسويداء بقيمة إجمالية 27.745 مليون ليرة، في حين أن مشفى السلام الخاص اشترى نفس المادة بسعر إفرادي للثوب الواحد بـ2810 ليرة، واشترى أيضا مرة ثانية بسعر إفرادي 2270 ليرة للثوب الواحد ومرة ثالثة بسعر 2375 ليرة وذلك من الشركة الخماسية المنتجة لماد الشاش، كما أن مشفى العناية الخاص قام بشراء المادة من نفس المصدر بسعر إفرادي للثوب الواحد وزن 1 كغ بسعر 2450 ليرة.
مخالفة للمواصفة
ولدى استعانة معد التقرير بالخبرة الفنية تبين أن فرع السويداء قام بتأمين المادة من المورد مرهف قطني بموجب محضر اتفاق رقم 3 تاريخ 24/1/ من العام الفائت، ويضيف التقرير أن الخبرة الفنية توصلت إلى أن تركيب المادة في كافة العينات التي تم أخذها من القطن للمادة المذكورة مخالفة للمواصفة رقم 372 لعام 1985 لارتفاع نسبة الرماد في المادة الجافة عن الحد الأقصى المسموح به وهو 6%، وأقرب عينة للمواصفة هي المأخوذة من مشفى صلخد الوطني وارتأت الخبرة تجاوز مخالفة العينة الأخيرة للمواصفة فقط باعتبار أن الشاش المطلوب توريده لم يشترط أن يكون عقيماً.
فارق سعري
كما بين التقرير وجود فارق سعري بين الشاش الطبي المورد عن طريق السورية للتجارة إلى جهات القطاع العام “صحة السويداء ومشفى صلخد” والمورد إلى المشافي الخاصة المذكورة، ولدى حساب فارق السعر بين المشافي الحكومية ونظيرتها الخاصة الواردة آنفاً، يتبن أنه يبلغ بالنسبة للكمية الموردة لمشفى صلخد 2 مليون ليرة على أساس اعتماد فرق سعر وسطي 2715 ليرة للكغ الواحد بعد إضافة عمولة المؤسسة والضرائب والرسوم، في حين بلغ فارق السعر للكمية الموردة لمديرية صحة مبلغ 10 ملايين ليرة على أساس اعتماد فرق سعر وسطي 1451 ليرة للكغ الواحد بعد إضافة عمولة المؤسسة 3% والضرائب، وبالتالي فإن فارق السعر للجهتين هو 12.197 مليون ليرة، يتحملها كل من المورد ولجان الشراء لدى السورية للتجارة فرع السويداء.
كما نوه التقرير إلى قيام مديرية صحة السويداء ومشفى صلخد بشراء المادة بموجب فواتير شراء مباشرة من المؤسسة على أساس أنها قطاع عام وكان بإمكانهم استجرار المادة من الشركة الخماسية باعتبارها منتجة لها حيث أن قانون العقود 51 لعام 2004 اشترط الشراء من القطاع العام أن يكون إنتاج أو التعامل بالمادة محصوراً بجهات القطاع العام مما يستوجب استدراك ذلك مستقبلاً.
إلقاء الحجز الاحتياطي
وخلص التقرير إلى مقترحات تتضمن تحريك الدعوى العامة بحق المورد ولجان الشراء في فرع المؤسسة بالسويداء، إلى جانب دعوة وزير المالية لإلقاء الحجز الاحتياطي على الأموال المنقولة وغير المنقولة للمورد وأعضاء لجان الشراء، ودعوة وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك إلى الطلب من الإدارة العامة للمؤسسة اتخاذ صفة الادعاء الشخصي تبعاً لدعوى الحق العام، وإعفاء أعضاء لجان الشراء من مهامهم، وأعضاء الإنفاق، مع اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة لحرمان المتعهد من التعاقد مع الجهات العامة لمدة خمس سنوات للأسباب الواردة في التقرير، إضافة إلى دعوة وزير الصحة الطلب من مديرية صحة السويداء ومشفى الباسل بمدينة صلخد التدخل بالدعوى العامة بصفة مدع شخصي، والمطالبة بالأضرار المادية والمعنوية التي لحقت بهما، والتقيد بأحكام نظام العقود الموحد وتعاميم وبلاغات رئاسة مجلس الوزراء، ووزارة المالية ذات الصلة لجهة أن يكون الشراء المباشر من إحدى الجهات العامة للاحتياجات المنتجة لها أو المحصور ببيعها أو تقديم خدماتها .
قيد المتابعة
ولمعرفة رأي وزارة الصحة بهذا الملف تواصلت “البعث” مع معاون الوزير المختص الدكتور عبيدة قطيع الذي أبدى استغرابه من بيع مثل هذه المواد في المنافذ التجارية دون المستودعات الدوائية والصيدلانية، موضحاً أن هذه المادة تصنف ضمن المستحضرات الصيدلانية الصحية، وتراقب بموجب المرسوم 24 لعام 2010، وبالتالي لا يمكن وجود هذه المادة إلا في المستودعات الخاصة بالأدوية الصيدلانية، وهي مستحضرات نظيرة للدوائية، وأن الوزارة ستتابع هذا الموضوع عن كثب، ستنفذ مقترحات التقرير لجهة ما يتوجب على وزارة الصحة تنفيذه.
أتمتة منافذ البيع
يشار إلى أن المؤسسة السورية للتجارة تعمل ضمن خطتها المستقبلية إلى تحويل المؤسسة إلى ذراع حقيقية للدولة للتدخل الإيجابي من خلال استثمار الموارد البشرية والمادية المتاحة لها، وتتطلع إلى أتمتة أعمال المبيعات والمشتريات والمستودعات ومنافذ البيع، وربطها شبكياً مع الإدارة العامة؛ ما يسهل اتخاذ القرار ومعرفة الرصيد بشكل آني، والوقوف على الحالة الفعلية الآنية للمبيعات، إلى جانب التوسع الأفقي لصالات البيع بحيث تخدم أكبر عدد من المواطنين في كافة المحافظات، مع زيادة عدد السيارات الجوالة لتلبية حاجات المواطنين في المناطق التي لا يوجد فيها صالات بيع.
Mohamdzkrea11@yahoo.com