المخاطر الأصعب لم تحل دون استمرار عمل المصارف… مشكلة الإيداعات المصرفية لا تزال جاثمة على صدر هذا القطاع..!
حضرت المتغيرات الاقتصادية الناجمة عما يسود المنطقة من أحداث سياسية، بشكل لافت في اجتماع رئيس مجلس الوزراء مع مديري المصارف العامة والخاصة أمس.. فرغم أن القطاع المصرفي هو الأكثر حساسية لأي متغير كان، وفق ما أكده رئيس الوزراء المهندس عماد خميس، ورغم أن الظروف عبر السنوات الماضية لم تكن مثالية إلا أن نشاط هذا القطاع استمر في ظل ظروف استثنائية، ولم يسجل توقف أي مصرف عن العمل أبداً، مشيراً إلى تحمل الحكومة لمسؤولياتها، ولم تفرق بين مصرف عام أو خاص، وكانت النتيجة تطور نسبة الإيداعات حوالى 20% خلال الأعوام الثلاثة الماضية في المصارف العامة.
توافق ولكن..!
توافق وزير المالية الدكتور مأمون حمدان مع ما طرحه رئيس الوزراء ولاسيما لجهة استمرار العمل المصرفي الذي اعتبره “نادر الحدوث” في أي بلد يعيش مثل هذه الظروف، إلا أن تطور حجم الإيداعات أصبح مشكلة لكونها أضحت جاثمة في خزائن المصارف، عوضاً عن ضخها بالقنوات الاستثمارية حيث مكانها الصحيح، خاصة أن كل المدن الصناعية أصبحت آمنة، معولاً على تحسن بيئة العمل في جذب الاستثمارات.
المخاطر الأصعب
وضمن السياق ذاته أيضاً تحدث حاكم مصرف سورية المركزي الدكتور حازم قرفول عن صلابة القطاع المصرفي رغم كل التحديات، نتيجة ما تم بذله من جهود كبيرة للحفاظ على ودائع الناس، مشيراً إلى تخطي المخاطر الأمنية، لنواجه اليوم أخرى اقتصادية أصعب، بسبب الحصار والعقوبات وعدم استقرار دول الجوار؛ وبالتالي فإن المصارف تعمل في بيئة غير مثالية، ومع ذلك فقد كان هناك نمو حقيقي بالموجودات خلال العام 2019، وتجاوز بمعدل التسهيلات، معتبراً أن سعر الفائدة منطقي مقارنة مع دول الجوار وفي ظل ما تعيشه البلاد من ظروف حالية، ولم يخفِ قرفول هواجسه من مواجهة ملف ثانٍ للقروض المتعثرة، مركزاً على وجوب أن تكون عملية الإقراض موجهة نحو العملية الإنتاجية مع مراعاة المعايير المعتمدة بالتوازي مع سياسة الحكومة الواضحة لجهة التركيز على الإنتاج، والأخذ بعين الاعتبار أن جودة الضمانات تغيرت بعد تسع سنوات من الأزمة.
وجوب التفريق
وزير السياحة رامي مارتيني اعتبر أنه آن الأوان للتفريق بين المتعثر الحقيقي الذي فقد منشأته، وبين من اقترض الأموال وبددها بمجالات غير استثمارية، مؤكداً أن القطاع السياحي بأمس الحاجة للتمويل ودوره بنهوض القطاع السياحي.
وسيلة ضامنة
تحفظ المدير التنفيذي للمصرف الدولي للتجارة والتمويل سلطان الزعبي على ما تستغرقه الإجراءات القضائية من وقت طويل، معتبراً أن المرحلة الحالية تحتاج إلى بيئة قضائية وتشريعية محفزة للإقراض واستقدام الرساميل الأجنبية، وأن المصارف الخاصة تواجه مشكلة باسترداد ما تقرضه من أموال، وما يشجع المصرف على الإقراض هو إيجاد وسيلة ضامنة لاسترداد القروض، فأحياناً يدخل المقترض المصرف بنزاع قانوني يستمر لسنوات عدة، وإذا لم يسترد المصرف أمواله فستتضرر الودائع وبالتالي الاقتصاد الوطني، داعياً للوصول إلى صيغة قضائية تحول دون استمرار النزاع لسنوات طويلة، فمن غير المعقول أن يأخذ المصرف حكماً قضائياً قطعياً، ويتفاجأ بعد سنوات من “مخاصمة قضاة” لإعادة النظر بالقضية، علماً أن المصرف بالنهاية هو مؤسسة وليس فرداً، ويدفع للدولة ضريبة بنسبة 25% من أرباحه.
أقرب إلى الأعجوبة
تحدث المدير التنفيذي لبنك فرنسبنك نديم مجاعص عما عانته المصارف من تحديات نجحت بتجاوزها، مركزاً على أنها –وبشبه أعجوبة- استطاعت تطبيق معايير بازل 3 وهي أعلى المعايير الدولية، وكذلك تطبيق المعيار رقم 9 ذي الصعوبة البالغة والتي عانت منه بعض المصارف العالمية، ومع ذلك لا تزال المصارف الخاصة مستمرة بالعمل، منوهاً إلى أن التوسع بالإقراض لا يؤذي سعر الصرف.
ليس مثالياً
مدير عام المصرف التجاري السوري الدكتور علي يوسف اعتبر أن الوضع ليس مثالياً، وبنفس الوقت ليس سيئاً، إذ إن الفترة الماضية شهدت حجم إقراض كبير جداً، مبدياً تحفظه على الروتين الذي يحكم العلاقة مع المصرف المركزي لجهة الحصول على موافقة الأخير على ما يطلقه المصرف من منتجات مصرفية جديدة.
غير جاهزة
المدير العام للمصرف الصناعي الدكتور عمر سيدي أكد أن البيئة غير جاهزة لتحقيق الإيرادات للمصرف؛ فالنفقات أكبر من الإيرادات، كما أن عدم استقرار سعر الصرف يشكل معاناة حقيقة للمصارف، مشيراً إلى أن المصرف منح قروضاً صغيرة ومتوسطة، الأخيرة لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة.
تناسب عكسي
المدير التنفيذي لبنك سورية الدولي الإسلامي بشار الست بين أنه عادة ما يكون هناك تناسب عكسي بين سعر الصرف والإيداعات بالليرة السورية، ولكن هذا الأمر لم يكن موجوداً على مدى السنتين الأخيرتين، إذ إن المصرف يشهد نمواً بالإيداعات رغم عدم استقرار سعر الصرف.
وهمية
مدير عام المصرف العقاري الدكتور مدين علي أكد أن عدم استقرار سعر الصرف أثر على دراسات الجدوى لاقتصادية، إذ تصبح هذه الدراسات بعد إنجازها وهمية وبحاجة إلى إعادة نظر من جديد إثر تقلبات سعر الصرف، متحفظاً على الإصدار النقدي، داعياً إلى توقفه حتى لا ندخل إلى حلقة أصعب.
ليختم رئيس مجلس الوزراء الاجتماع بتأكيد صدور عديد من القرارات خلال الفترة القريبة، وستصب في بوتقة تحسين الواقع الاقتصادي، ورغم أنه لم يكشف عن ماهيتها، إلا أن بعض من التقيناهم من مديري المصارف الخاصة توقعوا أن تكون هذه القرارات لها علاقة بتسهيل عملية توظيف الودائع بالقنوات الاستثمارية.
حسن النابلسي
hasanla@yahoo.com