الصوت الداعي للحق
بالحديث عن مكتبة موسيقية وأدبية بهذا الحجم، لا بد من الرجوع إلى البدايات، حين أعلن الأستاذ محمد فليفل أحد الأخوين الملحنين للنشيد الوطني السوري سنة ١٩٤٦ اكتشافه المتمثل بصوت فيروز وما رافق ذلك من رفض والدها والصراع والتحايل على هذا الرفض، لكنها حتمية كحتمية المد والجزر حتمية للإنسان والوطن والجمال، وبالحديث عن فيروز والأوطان لابد من تسليط الضوء على دوائر ثلاث: لبنان، والوطن العربي الكبير والعالم، ففيما يخص لبنان ارتبط اسم السيدة فيروز بقوة باسم بلادها أما سر هذه القوة “أَي قوة الارتباط” فيعزوها الكثيرون لرفضها مغادرة بلادها في الفترة المظلمة بتاريخ بلدها الحديث المتمثّلة بالحرب الأهلية، حينها بقيت ملتزمة الصمت لئلا تحسب على طرف دون الآخر. ومن لبنان إلى فلسطين كانت فيروز الصوت الواعد بإرجاع القدس عاصمة لفلسطين والصوت الداعي للحق والغضب الآتي لتحقيق ذلك فكانت “زهرة المدائن” والأغنية التي تماهى فيها كل ذي حق ناطق بالعربية ولَم يك الجانب الرومانسي غائباً عن تسليطها للضوء بهذا الخصوص، فكانت شوارع القدس العتيقة، وطالما تواجدنا في الدائرة الثانية المتعلقة بفيروز والوطن العربي لا يمكن نسيان اهتمامها بإبراز جمال وقوة وتاريخ ومجد الشرق وعواصمه وحواضره مثل “قرأت مجدك”، و”مصر عادت شمسك” إلى دمشق و”شط إسكندرية”، و”غنيت مكة”، وبغداد والشعراء، و”يافا”، و”بحبك يا لبنان” وغيرها فكانت جامعة حقيقية للوطن العربي الكبير والجانب المشرق المغيب لجمال المنطقة ورقيها، ولا بد من الانتقال إلى الدائرة الأخيرة الخاصة بالحرية والجمال والتاريخ العام والعالمي فتكون أغانيها مثالاً لكل ما هو تنويري ومفعم بالحب والجمال.